بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 6 أكتوبر 2017

العدد الثامن لسنة 2017 أَيَظْلِمُني للشاعر حسن الكوفحي




 العدد الثامن لسنة 2017
 
أَيَظْلِمُني
 
للشاعر حسن الكوفحي




أَيَظْلِمُني حَبِيْبٌ ذاكَ حَيْفٌ
يَزِيْدُ بِهِ الْجَوَى ثُمَّ الْجَفَاءُ
 
يُكَذِّبُني بِنَبْضٍ في فُؤَادي
وَإنَّ الْقَلْبَ يُقْصِيْهِ الْعَدَاءُ
 
وَيَقْهَرُني بِلا سَبَبٍ عَنِيْدٌ
وَأرْضَاً كانَ ليْ وَأَنا السَّمَاءُ
 
سَكَبْتُ لَهُ سِنِيَّ الْعُمْرِ فَيْضَاً
وَأعْياني هَوَىً وَهُوَ الدَّواءُ
 
وَتُخْبِرُني وُرُوْدُ الرَّوْضِ سِرَّاً
كَحِيْلُ الْعَيْنِ يُعْجِبُهُ اللِّقَاءُ
 
دَلالٌ مُتْلِفٌ فِيْهِ التَّجَنِّي
بِأوْجَاعي يَطِيْرُ كَمَا يَشَاءُ
 
وَأنْفاسِي تُسَابِقُنِي إلَيْهِ
وَلَكِنْ صَدُّهُ دَوْماً بَلاءُ
 
حَياةٌ دُونَ مُقْلَتِهِ عَذَابٌ
وَدُنْيانا بِغَيْرِ الْوَصْلِ دَاءُ
 
يُرَاوِغُنِي بِلَيْلٍ مِنْكَ طَيْفٌ
وَصْبْحٌ لا أراكَ بِهِ عَماءُ
 
يُعَاتِبُنِي سُهَيْلُ السُّهْدِ رِفْقَاً
ألا فَارْحَمْ فَقَدْ ضَجَّ الْفَضَاءُ
 
غَرِيْبٌ في الهَوَى حَقَّاً وَلكنْ
جُمِيْعُ النَّاسِ حَيَّرَها الْوَفَاءُ
 
إذا الْعُشَّاقُ مِثْلُكَ قَدْ أبانوا
حَقِيْقَةَ حُبِّهِمْ لَهُمُ الثَّناءُ
 
سَلامٌ مِنْ سُهَيْلِ الْحُبِّ فَاسْلَمْ
شَبِيْهَ النَّوْرِ أدْنَفَكَ الْحُدَاءُ ...
 
وَيُعْجِبُنِي صَدِيْقُ اللَّيْلِ نَجْمٌ
عَلَى الْأقْرَانِ مَيَّزَهُ السَّنَاءُ
 
أَيَنْسانِي حَبِيْبُ الْقَلْبِ ظُلْمَاً
فَقَسْوَتُهُ لِمُهْجَتِنا عَناءُ
 
وَكُلُّ مَوَاجِع الْأيَّامِ تُرْجَى
سِوَى غَدْرٍ فَلَيْسَ لَهُ رَجَاءُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلمي / حسن علي محمود الكوفحي .. الأردن / إربد
*** بقلمي *** الأربعاء *** 27 / 9 / 2017 ***

العدد الثامن لسنة 2017 قدرة الله للشاعر معروف عمّار.



 العدد الثامن لسنة 2017

قدرة الله

للشاعر معروف عمّار.








سَبِّحْ رَبَّ الكون الأعظمْ
ومَن امتَنَّ عليك وأنعَمْ
٠٠٠
وعلى احمدَ صَلِّ وسلِّمْ
تأمَنْ يومَ الحشر وتَسلَمْ
٠٠٠
وعلى الله توكلْ واعلمْ
أنك في كَنَفٍ مُستـعصَمْ
٠٠٠
اوَلم يُهلِكْ فرعونَ ألمْ
تسمَعْ عن أبرَهَةَ الأشرمْ
٠٠٠
إذْ جَرَّدَ سيفَ حماقته
وبأصحاب الفيل استـعصَمْ
٠٠٠
فرَماهُ اللهُ بقدرتِهِ
فتَمَزَّقَ شَمْلاً وتَحَطَّمْ
============
معروف عمار

الخميس، 5 أكتوبر 2017

العدد الثامن لسنة 2017 .. أيام الورد .. للشاعر علاء الدين الحمداني


العدد الثامن لسنة 2017
 
.. أيام الورد ..

 للشاعر علاء الدين الحمداني





أختارتْ لي ما أرتديه
سابقا كان ذلك ..
تأنقت ..
بدلة (بيج).. أثار الكي لا تُغادرها
حتى بدت لامعة
منديل أبيض ..
بلون قلب صاحبي ذو السحنة السمراء
والصلعة البراقة..
طالما وددت لو أُقبلها
لَبَست ربطة عنق زرقاء
مع خطوط دقيقة بيضاء
القميص بياقته الطويله
كأنها اذنا كلب نافق
في جيبي مسبحة
وعلكة واحدة ( أبو السهم)
فيه كل مدخراتي
قلم .. أظنه باندان
لا حبر فيه
مكانه في الصدر .. ( للوجاهة )
مشط صغير جدا
بطاقة مصلحة نقل الركاب
نافذة لنهاية الاسبوع
قصاصة ورق كُتِبَ فيها
كيلو طماطة .. بكرة خيط أسود
أكَدَتْ بين قوسين أسود
كيلو باذنجان .. حرمل .. كيلو بصل أخضر .. بطل ماء ورد ..
مقدور عليها هذه الطلبات المتواضعه
كما تركتها ليلة أمس .. بعض الدراهم تكفيني لليوم ... لربما لِما بعده
أرغب الجلوس في أخر الحافلة عادة
رغم الزحام .. ولأنني نحيف ..
أنسللت كالزئبق..
عدا شق الكم من جهة الأبط
سمعت صوت الفتق ..
كما عادتي أدعيت إن زوجتي تنتظر
حَجَزْتُ مقعدا بجانبي ..
مكتظة مساحة الحافلة
أختلطتْ الانفاس
برائحة دخان المحرك
أخترتُ من يستحق الجلوس ..
أمرأة تجاوزت عقدها الخامس...
لم تكترث لي
حتى بكلمة شكرا
أو رحم الله والديك ...
لا يهم ..
الرجل المتشبث بعمود الحافلة
سقطت سدارته ...
تلقفها احدهم ..أعادها
الى رأسه...
ألتَفَتَ اليه بوقار ...
شاكرا له .. بانحنائة من رأسه ..
بالكاد ..شققت الزحام
ترجلت ...
تنفست الصعداء ..
انتبهت .. لم تكن وجهتي
كان ترجلي أمام نادي المصلحة
لا أعلم
كم منعتها قدمي...
كي لا تقودني الى مبتغاي
أخذت مجلسي بين المنتشين
وجوه واجمة بابتسامة ثقلى
يشيعها ترف مصطنع متعب
أستاذي الكريم .. ما تحب
كان النادل نشيطا جداً
نَزَلَ لي طلبي ..
نشوة أثقلتني ..
يبدو الوقت سرقني ..
حل الليل ..
لم أفيق إلا على صوت احدهم
( دمبلة )...
تكفي لأن انتفض
خرجت ..
والملوكية تتلبسني ..ولو لبعض الوقت
الطلبات وخصوصا البصل .. وماء الورد !
أكدت عليه زوجتي
نَفقْتها الدراهم ..
سأجد عذرا ما
نعم ... هو سائق الحافلة
من أراد بي السوء ...
ساشكره كثيرا
لطالما ...
شكرته كل شهر مرتين
وربما أكثر...
أساسا أنا
لا أحب البصل ..
لا أُحب زوجتي ...
أُحب ماء الورد ..
فيما مضى .. كان ذلك
أيام الورد .
.............
.. علاء الدين الحمداني ..

العدد الثامن لسنة 2017 كي لايبقى للشاعر وليد عيسى موسى


العدد الثامن لسنة 2017
 
كي لايبقى 

للشاعر وليد عيسى موسى




الاحتلال في عالمنا المعاصر لم يعد الا في النادر مباشرا.. فالعنوان الكبير له هو الاحتلال بالوكالة .. وباكثر من وكيل في البلد الواحد .. مادام الدفع مقدما وبلا انقطاع ..
كي لايبقى
يختلط الحابل بالنابل
لااثر من حدث قد حصل
يتلاشى الاسم فلا من قاتل
لا رقم ولا تاريخ .. ولا شكوى
ولا حتى قاض وقضية
ولا من يثار للمقتول ..
دمه اودع عند عصابات اي منها كان الفاعل ؟
لامن يشهد ولا من مشهد ولا مقتول
حال لافيه من سائل
ولا حق يفرض من مسئول .
عبد تضحى
او تبحث عن ماوى ياويك ..
يعبد فيه الله
ويعز احباب رسول .

العدد الثامن لسنة 2017 على عتبات عاشوراء الحسين .. من وحي الطّف للشاعر سالم ابراهيم حسن


العدد الثامن لسنة 2017

على عتبات عاشوراء الحسين .. من وحي الطّف

للشاعر سالم ابراهيم حسن




أعلنت حبّي للحسين شعارا
للسبط شعري وحيه إيثارا


أدمنت عشقي للحسين وكربلا
من ذا يزايد فيهما ، أتبارى


منفكّ عمري يصطفيه محبّة
والقلب مجنون به محتارا


خمسون مرّت بعدهنّ ثمانيه
وأنا على سبطي أموت جهارا


لو يعلم الباغين ما معنى الحسين
شدواّ الوتين وهلّلوا أستعبارا


ولأنكروا فعل الخصام وحصّنوا
يوم النزال قلوبهم إنكارا


طوبى لجرح قد أفاض بنقعه
مستبسلاً جنب الحسين مزارا


له في القلوب الخافقات وداعة
له في العقول مسلّة ومسارا


ويطوف والموت الزؤام ينوشه
مترجّل يستشرف الأخطارا


ياطفّ قل لي هل مسكت جمارها
ما بال عينك دمعها مدرارا


جفلت خيولك وأحتسبت صهيلها ؟
ما بال زينب والرباب حيارى


لهفي على أمّ المصائب زينب
بعد الذي سكن القفار ودارا


لهفي على سبيّ تشظّى طهره
وأستوثقت منه العلوج شنارا


تلك الخدور الساكنات خمارها
وخيامهنّ تكشّفت أستارا


غاروا على تلك الخيام بنارهم
فأنهدّ طهر وأنتهكن ديارا


ياسيّد الآيات ياسبط النبي
أبليت بالحسنى فكنت فخارا


وإمام حقّ باليقين تمثّلت
فيك النبوّة منهجاً ومنارا

،،،،،
سالم ابراهيم حسن

العدد الثامن لسنة 2017 لك سيدي ياأبا الشهداء.....مازلت تكتسحُ الظلام شعر/ شلال عنوز



العدد الثامن لسنة 2017

لك سيدي ياأبا الشهداء.....مازلت تكتسحُ الظلام
 
شعر/ شلال عنوز




مازلت تكتسحُ الظلامَ وتُلهِبُ
أنِفاً فيشربُكَ السّناءُ ويسكبُ
 

طاغٍ بهاكَ وكلُّ طاغٍ مُقفرٌ
الاّ بهاكَ على المَدى مُعشَوشِبُ
 

ان كان رأسُكَ َأشهَروهُ على القَنا
فلقد تجَلبَبَ بالشّروقِ وغَرَّبوا
 

ولقد أنَرتَ الكونَ من دَمكَ الذي
للآن يقراُهُ الزّمانُ ويكتبُ
 

يختالُ روضُك يزدهي مُتألّقاً
وسواكَ يأكُلُهُ المُحولُ فيُجدِبُ
 

ظمآنَ تُذبحُ صابراً مُتصابراً
حتّى كأنّكَ قد عطشتَ لِيشربوا
 

وأنينُ صدركَ والخيولُ تدُكُّهُ
للآن يُسمعُ في الطّفوف فيُرعبُ
 

ودماءُ طفلكَ ظامئاً مُستَنزَفاً
للآن تمطرُهُ السماءُ وتندُبُ
 

وشَفيفُ بوحكَ حين أفردَكَ القَنا
مازالَ فينا ثائراً يترقّبُ
 

من قالَ أنَّكَ قد قُتلتَ وانَّما
قُتلَ الطُّغاةُ غَداةَ ثوبك يُسلبُ

العدد الثامن لسنة 2017 ضاع الأمان بقلم : صلاح الورتاني


العدد الثامن لسنة 2017

ضاع الأمان

بقلم : صلاح الورتاني 




ضمني إليك أخي
لا أحد يهتم
لم يبق لي غيرك
يزيل الغم
فقدت وطن
أعيش شجن
جسمي وهن
ضمني إليك
لاعيش الحنان
لم أعرفه
من زمان
الإنسان لم يعد
كما كان
نعيشها أحقاد
في كل مكان
فقدنا الأمان
الكثير يجري
لكسب المال
ولا يهمه ان كان
حرام
ضمني إليك
أخي الهمام
ضاع الأمان
الكل هيمان
نعيش بلا وطن
على الدنيا السلام
بقلمي صلاح الورتاني
تونس

العدد الثامن لسنة 2017 (سكينُ خاصرة ) بقلم : حيدر عبد الحي عوض


العدد الثامن لسنة 2017

(سكينُ خاصرة )

بقلم :  حيدر عبد الحي عوض 




خلف أقنعةِ الحُسْن
يهوذا
ينتظرُ القافلة
ليمحو آثار جريمة
والموتى خلفه
يرفعون الأكفان
في انتظار العزيز ، اي عزيز ؟!
وتلك الحانةُ ملأى
بالأيدي وكؤوس والخمر
وفي هذي الحانة
يدفنُ أبليسُ وصاياه
بإحدى الأيدي
فَ يدٌ تحملُ سكيناً
ويدٌ مقيدةٌ بالأغلال
وأخرى تلفُ عِمامة
ويدٌ
تحاول أن تقطعَ نفسها
في مشهدِ تمثيلٍ
صامت ..
ومن بين الأيدي
تخرج
صرخات نساء حبلى بخطى أيوب ..
والرجال
تُولَدُ من الخاصرة ..

العدد الثامن لسنة 2017 زفرة بلون الوطن / بقلم باسم عبد الكريم الفضلي.



العدد الثامن لسنة 2017

زفرة بلون الوطن /
 
بقلم باسم عبد الكريم الفضلي. 



ترتسم آفاق الشفق، على مُحيّا المغيب المشرق الوسامة ، تمحو ماسيرتّلُهُ الوعدُ الرباني ، على مسامع جحافل الرحيل الأبيض الخلجات ، فذاكرته من ورق الفرادسِ المرقَّمة ، في دفاتر النحيب النجيب الأجداد، رغم توسُّلاتِ إمِّهِ بشراشف المخادع المبلولة ، ببصاق الفاتحينَ الصالحين ، بلا أمل في خياطة بكارتها ، سوسنةُ الأنامل الغارزةُ عبقَ ريشها الأشيب ، في كبد السماء ، لاتعرف وجهة الأنفاس البرية ، للضمير الراقص على شرايين الأنتظار المقصوص الجناح ، التأجيل لمباراة القمة جاء بسبب هطول شهوات جماهير الصالات المغلقة ، للصلوات الغمامية الرجع ، على ميدان المبارزة القدرية الزعانف ، والتذاكر المباعة سيعاد ترقيعُها ، في كريسماس الخديعة المجترَّة روالَ بغائها ، في عين الوصي الامين على ممتلكات الفضيحة المباركة بإسم الزيتون وطور الحنين وذاك البلد الدفين ، في قاع الآل المستكين، في خدر القوقعة الشرقية الغربية ...، والتوبة من عفاف شغاف التسوّل ، في غيرانِ المجد التليد ، لن تكونَ عصية ، في معترك المراهنات الاستباحية المهج ، فالنهجُ نهْجُ مَن هو آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآت ، لامَن فات / stop .. its over

العدد الثامن لسنة 2017 ساكنة الحيّ الجميل للشاعرة نيسان سليم رأفت


العدد الثامن لسنة 2017

ساكنة الحيّ الجميل

للشاعرة نيسان سليم رأفت
 



عودي من حيثُ جئتِ
عودي لئلا تضيعي
فهذا الرواق طويل عليكِ
وقبل أن تعودي
تعالي لتلملمي كلّ ما سقط منكِ ولكِ
السواد المنكفئ في الزوايا من ظلال اثوابكِ
رماد سجائرك المتناثر على طاولتي
وهنا قفي ٠٠٠
على حافة شفتي وتحت شاربي
بعضا من لون حمرتك بخفة إمسحي وحاذري
ألا تضغطي
إبقي لي على طعم القهوة التي صنعتها لك بيدي
مرارتها ٠٠٠
هي أحلى الأشياء التي تذكرني بلؤمك
ما كتبت من قصائد ومنذ ولادتها
باختصار ٠٠٠
ناكرة للجميل
لم تميز نبرة الحزن في غضبي
ولا رعشة أصابعي العاجزة عن ملامستكِ
لم تفصح عن زحمة الكلام في خرسي

ساكنة الحي الجميل
أوراق تشرين المتساقطة محت بصمات أسمائنا
وهي تقرع أبواب ليلي الثقيل
تحدثني
عن سرب رسائلنا
في الحرب
في فقر اللقاء وعن كوليرا أحكام بلادنا الغبية

أتعرفين
كم حاولت أن أجد أجناسا جديدة
تجنب قصائدي مورثات الحروب
والموت في تواريخ المماطلة
لربما لم أصل إلى قاع الشعر فيكِ
لكنني مازلت أعوم فيه
تحت قسوة الغرف الخالية
حظيت بأعوام كثيرة قليلة الحياة

ساكنة الحي الجميل
أحملي في خريف حقائبك
كل ما لك إلا الأشياء التي لا أنسى
وحاولي أن ترفعي عبث دوائركِ عن أبيات شعري
وانتبهي
لسؤالي ؟
متى تعودين
لتمسحي نظارتيّ بطرف ثوبك

العدد الثامن لسنة 2017 الأوراق السّاقطة / قصيدة في الحكمة للمرحوم الشّاعر صفاء العامري فقيد رابطة أدباء المرفأ الأخير


 العدد الثامن لسنة 2017

الأوراق السّاقطة / قصيدة في الحكمة 

 للمرحوم الشّاعر صفاء العامري فقيد رابطة أدباء المرفأ الأخير





ـــــــــــــــــــــــــــــ 


العَينُ خائِنَةٌ لِلنَفْس ِ تُلْقيها
في قَعْرِ مَهْلَكَةٍ مِنْ خانَ يأتيها

تَراهُ في فَرَحٍ قدِ انتَشى طَرَباً
وَالدّهرُ يَسْبِقُهُ والنَّفْسِ يُرديها


يا تَعْسَ مَنْ سَقَطَتْ أوراقُهُ يَبَساً
وَالعُمْرُ في هَرَجٍ ، وضَلَّ ساعِيها


في لَذّةِ السَكَرِ ْإذ يَقْفوهُ مَيسِرُها
قَدْ ضاع َ بينَهُما مستكبِراً تِيهـا


وليسَ يَدْري وهذا َالمَوتُ يَرْمُقُهُ
أنَّ الحَياةَ َغِوى ً قد خابَ بانيها


لا تَنْقَضي عَبُثاً يا حُسْن َ زارِعِها
إنْ كانَ في عَمَلٍ قَدْ طابَ جانيها


إنَّ الحَصيـفَ لَفي مِحْرابه ِأبداً
يَرْجـو الإلهَ لنفـسٍ أن يزكِّيهـا


يَحْظىٰ بجنّاتٍ يجري بها نَهَرٌ
وَالأَمـرُ يَومَئـذٍ للهِ باريهـا


والله يُمهِـلُ في ذنبٍ ويرفعُـهُ
وَالصَّفحُ يَرْدُفُهُ لو تاب َعاصيها


قَبْلَ الدُعاءِ وَفي أوساطُهُ سَبَبٌ
للهِ نَرْفَعَهُ يَشْفَع ْ لَنا فيهـا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم الشّاعر : صفاء سمير العامري.
رحِمَهُ الله تعالى

الأربعاء، 4 أكتوبر 2017

العدد الثامن لسنة 2017 الحسين صرخة المستضعفين للشاعر بلال الجبوري



العدد الثامن لسنة 2017
 
الحسين صرخة المستضعفين
 
للشاعر بلال الجبوري




حرر فؤادك فالتاريخ ما كذبا
لما أتى لك من أنبائهم كتبا

هم عصمةٌ سيد الأحرار قائدهم
هم شعلة النور كانوا للهدى شُهُبا


هذا الحسين وشمس الحق مذ طلعت
على ذراعيه نور الوحي قد نُصِبا


يا سيدي يا بن خير الخلق كلهمُ
يا سيدي يا حسين الحبُ فيك ربى


لما خرجت لنصر الدين معتنقاً
قرآن جدك نهج الله قد سُلبا


هذا زمان به الباغون قد حكموا
يا قوم فالبغي بالأقدار قد لعبا


أهل الضلالة حيث أستحكموا ظلموا
ساموا الخليقة عسفاً نفيهم وجبا


إن الحسين لنورٌ يستضاﺀ به
نبراسه العدل منه الظلم قد هربا


يا آلَ بيت رسول الله وحيكمُ
في كل دهرٍ من الأزمان قد نُدبا


عاث الطغاة بارضي مزقوا دمنا
أنى لعباس هنا للنصر كي يثبا


قتلٌ وبؤسٌ وتهجيرٌ مصائرنا 
بلا جريرة حقٍ حقنا نُهبا

أين الحسين وأين أين رجاله
واين ذاك الذي للحق كم غضبا

****************************

بلال الجبوري/العراق/ ٣٠/٩/٢٠١٧

العدد الثامن لسنة 2017 البكاء على الحسين للشاعر كاظم مجبل الخطيب



العدد الثامن لسنة 2017
 
البكاء على الحسين

للشاعر كاظم مجبل الخطيب

 


على الحسين دموعي كيف أخفيها
وقبلَ عينيَّ قلبي راح يجريها
***
أبكي الحسين لأنّ الدين في خطرٍ
وفي البكاء حدود الله أحييها
***
وكم تساوي دموعي حين أذرفها
عارٌ عليها اذا جفّتْ مآقيها
***
غداً جهنّم عن بُعدٍ أشاهدها
كيف الدموع بلا شكٍّ ستطفيها
***
كلّ الطغاة دموع العين ترهبهمْ
يدرونها ثورةً في الاصل نعنيها
***
وما استطاعتْ عروش الظلم توقفها
حين استطاعتْ دموع العين تنهيها
***
تمضي الدهور ولا تبقى بها دولٌ
ودمعة الطفّ سرٌّ ظل يبقيها
***
الحاقدون هُمُ ضلّوا طريقهمُ
وحسبنا الفرقُ هدياً حين نمشيها
***
انّ العيون التي ما للحسين بكتْ
والله عمياء لاطبٌّ يداويها
***
لو ينتهي الدمع يوماً في محاجرهِ
ففي الدماء بديلٌ سوف أبكيها
***
هذا الحسين لقد أبكى السماء دماً
فكيف بالارض لو شحّت بواكيها
***
انّ العزاء عزاء الكون أجمعهِ
الّا قلوباً قستْ لسنا نعزّيها

العدد الثامن لسنة 2017 أيّ أبعاد شعريّة للحداثة في "عيون هابيل" ؟" لعبد الجبّار الفيّاض " الأستاذة الدكتورة عائشة الخضراوي استاذة اللغة والأدب المقارن / كلية الاداب والعلوم الانسانية / جامعة تونس



 العدد الثامن لسنة 2017

أيّ أبعاد شعريّة للحداثة في "عيون هابيل" ؟" لعبد الجبّار الفيّاض "

الأستاذة الدكتورة عائشة الخضراوي استاذة اللغة والأدب المقارن / كلية الاداب والعلوم الانسانية / جامعة تونس



" ليست الحداثة لباس موضة متحوّلة يغطّي الجسدَ من قصيدة النّثر، إنّما هي حسّ فنيّ ينمو في عمق عمقها ويتحوّل باطّراد، بما هي موقفُ وعيٍ ورؤيةٌ ورؤيا "
قبل المدخل:
عندما صافحت عيناي الدّيوانَ مصافحتَها الأولى قبل الغوصِ في تفاصيلِ لوحاتِهِ، علمتُ أنّي في حضرةِ شاعرٍ استنشق عميقا فملأ رئتيه من نسائم الحرّيّة في إنشاءِ الشّعرِ وامتلأ بها امتلاءً بعد أن نهل حدَّ الرّواء من عيونِه الأصيلةِ.
وجدتُني أيضا في حضرة شاعر عامرِ الوٍطابِ ممّا ينبغي أن يكون عليه الشّاعرُ الحديثُ الحداثيُّ من امتلاكٍ لناصيةِ اللّغةِ واختزانٍ لثقافاتٍ متنوّعةٍ قديمةٍ وحديثةٍ، أصيلةٍ ووافدةٍ، وذلك في انفتاح أدبيّ لافتٍ ما حضرتُهُ عند كثيرٍ من شعراءِ العصرِ؛ ولم يكن ذلك عنده مجرّدَ أحمال للعَرْضِ والزّينةِ فحسب، إنّما ذلك كان تثاقفاً إنسانيّا انصهرت فيه ذاتُه فتفاعل وتماهى معه واستثمره بوعي عميقٍ أيقوناتٍ وعلاماتٍ فنّيةً دالّةً في ديوان "عيون هابيل"، فكان ذاك الزّاد الضّافي تمثيلا لوشائجَ رفيعةٍ تَصِلُ بحبلٍ لا يأتيه الخَلَقُ من قُبُلٍ ولا من دُبُرٍ بين الماضي والحاضر، فمن تاريخ غبر واستحال تراثا ومن تاريخ راهن يتأسّس واسعا مخترقا للزّمن ومتشعّبا ومستشرفا ، وبين الغائب والحاضر من الإنسان المعجون بفطرةٍ نُطفَتُها من علق متأثّرٍ بماء راهِنِه، وبين الأمكنة متقاربةٌ كانت أومتنائيةً في اختراق لافتٍ لجغرافيا الأرض...
ذلك هوالأساسِ الّذي تشكّلتْ عليه ذائقة الشّاعرعبد الجبّار الفيّاض ومعه القارئ المتابع لمثل هذه اللّوحات الحداثيّة في عصرنا هذا. فالشّعار المرفوع عاليا بيديهما هو: لن تبدع شعرا وخزانة ثقافة الوجود لديك خالية ولن يدرك أو يحبّ المتلقّي ما يقرأ إن خلا من تلك الثّقافة ولم يكن "إيلي أبو ماضي" حائدا عن الصّواب عندما قال:
" والمرء ليس يحبّ حتّى يفهما "
إنّه المدّ الفنّيّ المتواصل منذ بداية التّمرّد على السّكَنِ في قصرِ " دائرة الخليل"؛ وإنّه أيضا المدُّ النّاهل من الحضارة الإنسانيّة وفنونها المتعدّدةِ دون إنكارٍ لثوابت "شعريّة الشّعر" الأصيلة...
فما هي أبرز التّجليّات الفنّيّة في لوحاتِ الشّاعر عبد الجبّارالفيّاض؟ أهي شعريّة الثّقافة أم شعريّة الشّعر؟ أم هي شعريّة الثّيمات؟
في العمق:
بعيدا عن اختلاف المفاهيم النّقديّة من أفلاطون وأرسطو عند الإغريق إلى العصر العبّاسيّ من عبد القاهر الجرجاني ( عند العرب) حتّى العصور الحديثة، من بودلير وبعده مؤسّسي علوم اللّسانيات على اختلافها في الغرب، إنّما نعني بمصطلح الشّعريّة الخصائصَ الّتي تخرج بالكلام المنطوق أوالمكتوب العاديّ عن الطّرق المسطورة فيستحيل كلاما منزاحا إلى رؤى أخرى تمتزج فيها ذات المبدع الشّاعر بموضوع راهنه: إنّه فنّ الشّعر الآسر السّاحر لمبدعه ومتلقّيه في ذات الآن... ومن هذا المنطلق سنبيّن أهمّ تجلّيات الشّعريّة في "عيون هابيل" للشّاعر العراقيّ الكبير عبد الجبّار الفياض، وذلك في مستويات ثلاثة أشرنا إليها في سؤالنا السّابق هي شعريّة البناء ورسم الفضاء البصريّ في جسد القصيدة والديوان، وشعريّة الثّقافة وتماهيها مع شعريّة الثّيمة.
1- شعريّة البناء ورسم الفضاء البصريّ في جسد القصيدة والدّيوان.
إنّ العناوين الكبرى والعناوين الصّغرى والفواتحَ والتّصديراتِ والهوامشَ من العتبات الهامّة لمُتُونِ الدّواوين والكتب عموما، فهي تُعَـدُّ الأبوابَ والنّوافذَ الّتي اختارها المبدع إشاراتٍ لنفاذ القارئ منها إلى هُوِيةِ تلك المُتُونِ وأعماقها.. ومن العتبات كلمة الإهداء الموجَزة المهداة إلى " الدّكتورة زينب أبوسنة" الّتي افتتح بها شاعرنا ديوانه وأطلق فيها على قصائد الدّيوان الثّلاثين (30) تسمية "لوحات" بما تحمل هذه التّسمية من إشارات متّصلةٍ بالبصر فتلحق القصائد بفنّ الرّسم والنّحت والمشهد المسرحيّ الدّراميّ، وقد تلتحق في مخيّلة القارئ بـ"اللّوح المحفوظ" أيضا.
ولعلّ الناّظر في ديوان " عيون هابيل" يلحظ فعلا أنّ كلّ قصيدة من القصائد تطالعنا وسط فضاءٍ بصريٍّ متّسع وممتدّ حتّى لكأنّ كلّ لوحة تمثّل كائنا بصريّا مستقلا عن أمثاله من فضاءات ثلاثين أثّثت جسد الدّيوان، فلم يقطع شاعرنا مع شكل القصيدةِ العموديّة في هيأة شطراتها المتناظرة وما يتّصل بها فحسب، وإنّما القطعُ كان أيضا مع هيكلة القصيدة الحداثيّة الّتي هي في الأصل وَحْدَةٌ متكاملةٌ أيّا كان التّفاوتُ بين سطورها، وتقطيع الجمل الشّعريّة فيها، وأيّا كان عَدَدُ مقاطعِها...
فاللّوحة (أو القصيدة ) الأولى " عنوانها "شرك" تلاه عنوان فرعيّ مثّلته جملةٌ طلبيّةٌ إنشائيّة مؤثّرة وجّهها في توسّل وهّاجٍ مدْهِش من حبّ فائض للعراق:
( اِغفر لي يا عراق فقد أشركت)
ويُتبِعها بمقاطع أو لوحات فرعيّة عددها تسعةٌ، وتتوزّع أسطرها بأطوال متفاوتة وبعدد محدّد من الكلمات...
كلّ سطر يمثّل وحْدَةً إيقاعيّة مزدوجة بصريّة وسمعيّة إذا ما قُرِئت بالصّوت...وكلّ مقطع يمثّل كذلك وَحدة إيقاعيّة مزدوجة بصريّة- سمعيّة أوسعَ. وهكذا تستحيل القصيدة لوحة ً فسيفسائيّةً تلتئم أجزاؤها المتفاوتةُ بيدٍ فنّانةٍ ماهرة أو كفرقة موسيقيّة بآلات إفريقيّة تبدع من نشاز الأصوات لحونا مختلفة، وعلى هذا النّحو من البناء صمّم الشّاعر قصائده الثّلاثين في هذا الدّيوان..
إنّ هذا النّحوَ من بناء القصائد يأخذنا إلى أحدث أطوار التّجريب في الأدب سردا وشعرا، ففي السّرد مثّله ما أُطْلقَ عليه اسم " القصّة المسبحة" ، وليس الشّعرُ بمنأى عن هذا التّجريب إذ انخرط فيه عدد من الشّعراء، وقد أرسل إليّ صديق أردنيّ منذ سنتين تقريبا ديوانا للتّدقيق قبل النّشر وجرّب في هذا المجال بذات الشّكل وبضوابط معيّنة تصل المقطعَ بالمقطعِ حتّى تقوم القصيدة بذاتها... ويبدو أنّ شاعرنا العراقيّ لا يتوقّف عن الرّحيل في عوالم الابتكار بحثا عن " قصيدةٍ رؤيا" لا حدود لمعالمها؛ فقد انخرط هو أيضا في هذا التّجريب منذ مدّة ببصماته الفريدة، وما ديواناه " السّيّاب يموت غدا" و"هروب حمورابي" الّلذان أثبت منهما نفس القصيدتين ( السّياب يموت... وهروب حمورابي..) في "عيون هابيل" إلاّ دليل على ذلك...
إنّ الفضاءَ المكانيَّ الأبيضَ حقل خصب أدركه الشّاعر لزرع فسائل إيقاعات شعره واستثماره بكلّ ثقة المبدع والباحث لتحريك سواكن القارئ للبحث عن موسيقى أوسع وتعويده على الإنصات إليها كما يصيخ صوفيّ إلى موسيقى الكون والمُدى...
يقول الفيّاض في المقطع الأوّل من قصيدة " شرك" ملتمسا غفرانا من عراقه لشراكةٍ لا مفرّ منها قد عقدها قلبُه بين أنثى وهذا العراقِ المقدّسِ، فكانتِ امتزاجا ثلاثيّا بين الذّات المفرَدة والآخرِ والمكانِ في رؤيا استشرافيّة، وحلمًا باستعادة تقويم لمَنْ كان قد خُلِقَ في أحسن تقويم وقامةٍ لا تنحني :
قفي
لي ما تبقّى . . .
خيوطٌ عنكبوت
لعلّي أصنعُ بيتاً من وَهْم
أنْ أُدركَ نهاياتٍ
بقامةٍ
ما مرّتْ تحتَ مُنحنى . . .
أُرتّقَ ما تَهَلهل
اتسعتْ على راقعِها الخروق . . .
أجمعُها
رُبَما تكونُ أنا الذي أحببتِ أنْ أكونَهُ منذُ سنين !
بيد أنّ الشّاعرَ لم يكتف في استثمار الفضاء المكانيِّ في "عيون هابيل" بالبنيةِ المَقطعيّةِ الفسيفسائيّةِ للقصيدة اللّوحةِ ، وتوزيع أسطرها، وتقطيع جملها تقطيعا قد لا ينسجم مع وحدة المعنى، وجعل من فكّ الارتباط الشّكليّ للجملة إيقاعاتٍ موسيقيّةً مختلفةً، بل كانت الهوامش التّوضيحيّة ممّا رتق به جسد اللّوحات على متنِها لا على ما جرت عليه العادة من تثبيتها في أسفل الصّفحات حديثا أو على جنباتها كما في الكتب القديمة...
إنّ بطاقةَ الهوية للّوحة القصيدة تجريبٌ متفرّدٌ لرتقٍ متواصلٍ ومحاولاتٌ لبعث مستمرّ، أفلم يقل الشّاعر في ذات القصيدة ؟:
" أرتّق ما تهلهل
اتّسعت على راتقها الخروق
أجمعها
ربّما تكون أنا الّذي أحببت أن أكونه
منذ سنين".
ولم يكن عزيزا على الشّاعر استثمار الفراغات وعلاماتُ الوقف وعلى االأخصّ نقاط التّتالي حتّى صارت من جسد القصيدة، وساهمت في إحداث الارتباك في عين القارئ الرّائي في مواضع عديدة من الدّيوان... فقد استخدم نقاط التّتالي الثّلاث لوظيفتها الأصليّة وهي الوقف لترك فسحة لمخيّلة المتلقّي وفكره للجمع أو الاستكمال، واستخدم نقاطا متتالية كثيرة قد تبدو للقارئ العاديّ اعتباطيّة في مواضع للفصل بين المقاطع حيث لا يوجد عنوان لها ...
تلك كانت أهمَّ تجلّيات استثمار الفضاء المكاني لكتابة القصيدة في " عيون هابيل"، فما أبرز تمثّلات الشّعريّة المُترائيَةِ في ما اعتمده " الفيّاض" ثقافته الواسعة تعبيرات عن همومه الذّاتي-موضوعيّة؟
2- شعريّة الثّقافة والثيمات واللغة:
لا يخفى على أيّ قارئ لهذا الدّيوان منذ الوهلة الأولى أنّه موسوعةٌ بل مهرجانٌ حافل من الرّموز والأقنعة والأيقونات والشّفرات الانزياحيّة تؤكّد أنّ الفيّاض خلاصةُ ثقافته وهو كائن فاعلٌ، متماهٍ فيها بدعائمها وفلسفتها ورؤاها يأخذ منها حاجته بمبدإ " الحكمة ضالّة المؤمن يأخذها حيث وجدها" لا مقلّدا لها بانبهار ولا منكِرا بادّعاء... ولذلك كانت ثقافاته المتنوّعة الّتي أشرنا إليها في تمهيدنا " قبل المدخل " أدواتٍ فنّيّةً توسّل بها رسما لهويته الإنسانيّة غير المنبتّة عن واقعه أوّلا ، وتوسّل بها أيضا لرسم معالم القصيدة الّتي هي كائن حيّ متطوّر لا يقف عند حدود إلّا جمايات فنّ الشّعر الّتي لا تحضر مجانا في أجساد القصائد...
فمن أسماء الرّموز التّاريخيّة شكّل تآلفاتٍ من متباعداتٍ في الجغرافيا والزّمان، والمناخات الفكريّة و"رتق الخروق على اتّساعها" لبناء هيكل القصيدة في سَدى جديد متوالد وتقويم ذات منكسرة في جسد واقع راهنٍ مَعِيشٍ لا يزال يتأبّى رافعا متاريسه في وجوههم لوقف الطّامحين إلى عالم بلا ظلم، وفي وجوه المتمرّدين على نظم فكريّة مستعبِدة للإنسان قبل أن تؤول إلى منظومات سياسيّة توسّع الهوّات بين الإنسان والإنسان وتخلخل ما استقام فيهما... واالشّاعرعبد الجبّار الفيّاض مدرك لذلك حامل لذلك الهمّ كما يبرز لنا من انزياحاته بتلك الرّموز إلى غايات فنيّة وأخرى ثيميّة ... فمالك بن الرّيب، وابن زيدون وابن حزم الأندلسيّ والسّياب ولوركا الذّبيح وغيرهم ( على سبيل المثال) أدلّة على ذلك...
إلى ذلك استثمر شاعرنا الأمكنةَ الجغرافيّة الحسّية بالعراق ومصر ( النّيل) وغيرهما لذات الغرض الفنّي والثّيميّ، وعلى غرار المبدعين العرب وغيرهم، راح ينبش في غور الإبداعات العالميّة والتّراث الميثولوجيّ الشّعبيّ والعالميّ دون أن يهمل أجساد البنى المجتمعيّة الخاصّة والعامّة ليقطف منها شفرات يتمّم بها عمق الجمال المحيِّر ورسم همّ القصيدة... فمن علي بابا والأربعين لصّا رمزا ومادّةً فنّيّةً جماليّة ًوجد نظراء لهم في "زمن لصّ" .
2 زمنٌ لصّ
ليسَ لأحدٍ أنْ يُقيّد لهُ قدماً . . .
نحتَ كُلَّ شئ
إلآ ما هو لكِ
أرضٌ حَرام . . .
أبجديةُ ماءٍ لا ينقطع
ما انفرطَ من عقدِ سني جلجامش لأجلِه. . .
اكتفى ابنَ حزم برسمِ طوقِ حمامتِه
ليتهُ تركَ بابَ برجهِ مفتوحاً !
وفي لوحات صغيرة مرتبطة باللّوحة السّابقة ( ذات اللصّ) وما بعدها، تنتشر عبارات من لغة تذكّر بماض-حاضر وحضارة يخبو ألقها فلا يحتفظ منها الرّاهنُ إلاّ بألف وجه للبؤس والانكسار ك"العاري من بابا" والشّناشيل" المهجورة و" عقد جلجامش" الّذي لم ينفرط...
ولعلّنا إذ نبيّن زخم ثقافة شاعرنا واستثمارها فنّيا لموضوعه وربّما لرسائله الفنّيّة المشفّرة لا نغفل أنّه من اختياراته الواعية لذلك اعتماد رموز نسويّة من عمق حضارتنا العربيّة الإسلاميّة الّتي قلّما اعتمدها المبدعون قديما لاعتبارات مختلفة وأهملوها حديثا لأسباب أخرى... إنّها لأسماء لها علامات فارقة لتمرّدهنّ ولفعلهنّ في تغيير موازين العادة والقيم:
في قصيدة " اعترافات بن جلا " يقول:
أنا الذي لا يتجزّأ
تجزّأت
أمامَ اسماء
سكيْنة
غزالة
هنْد !!
ما مسحتُ دَمَاً عن سيف
بلْ يمسحُها دمٌ آخر . . .
ما تلجْلجَ لساني عن امتطاء شواردِ الكَلِم
ما تداركتُ بعد مضيّ . . .
علّمتُ القرانَ
وما علمتُ
أنّ المرأةَ حربٌ منتصرة . . .
تُسقطُ أميراً
صنعَ من الرّمالِ أسرجةً لخيْله

في الختام:
من خلال ما تقدّم من الإشارات إليه نستخلص أنّ عبد الجبار الفياض) تمكّن من بناء قصيدة حوت حيثيّات همومه، وآلامه، وأحزانه اليوميّة عبر هواجسه المختلطة مع الحسّ الجمعيّ، ووِفق منظومة التّعايش بين منظومة التلقّي، وبين معالم البنائيّة الشّعريّة، لينشئ حالة من الابتكار في ملامح قصيدته الادهاشية اللّافتةِ. وملأ سلال الشّعر في هذا الدّيوان من زهور ثقافته اليانعة منها والأصيلة حتّى فاضت على الجهات الأربع حدّ السّؤالين اللّجوجين: ما حدود الوشيجة الّتي ينبغي أن تربط بين الشّاعر والمتلقّي ليتواصلا فيتكاملا؟ أليس صاحب " عيون قابيل" يرسل شيفراته و أيقوناته إلى طبقة مخصوصة متعالية من الشّعراء والمتلقيّن؟
وما من عيب أن يكون كذلك، فالشّعر كلام فوق الكلام العاديّ في الأصل وإن حمل من هموم النّاس ما حمل؟

الثلاثاء، 3 أكتوبر 2017

العدد الثامن لسنة 2017 الحسين السبط شعـر: د . صاحب خليل إبراهيم


 العدد الثامن لسنة 2017

الحسين السبط

شعـر: د . صاحب خليل إبراهيم

 



دمٌ يُراقُ وأرضُ الطّفِ تشربُـهُ . . !
على ظِماءٍ , وفي الأعـراق يحتدمُ
 
دهـرٌ مضى , وسؤالٌ يستفـزّ دمـي
بأي شِـرْعَـةِ قومٍ . . يُستباحُ دَمُ ؟
 
يشعُ نـوراً , وهذا الأفْـقُ ينـسجـُهُ
لحناً على شَـفَـة , تشدو به , وفمُ
 
دمٌ عـلى سَعَـفٍ يخضَّلُ يـابسُهُ . . !
نُثارهُ منْ نَـجـيـعِ الحُـرِ يُـقْـتَسَمُ
 
أضحى نَشيدَ خلودٍ في الورى,وغَـدا
من فـرطِ إيمانـهِ للعـدلِ يَـبْتَـسِـمُ
 
هذا دمٌ إنْ تَمُرّ الشمسُ مشرقةً
لولا سناه ,فأقصى نورها الظُّلَمُ
 
به يلوذ زمان مفزع, وغَدتْ
باسم الحسين شعوبُ الأرض تحتَكِمُ


العدد الثامن لسنة 2017 موسوعة شعراء العربية المجلد الثامن \ شعراء النهضة العربية/ الشاعر ابراهيم المازني بقلم : فالح الكيلاني


 العدد الثامن لسنة 2017

موسوعة شعراء العربية 

المجلد الثامن \ شعراء النهضة العربية/ الشاعر ابراهيم المازني

بقلم : فالح الكيلاني






هو إبراهيم بن محمد بن عبد القادر المازني
ولد بقرية ( كوم مازن) بمحافظة المنوفية المصرية عام \1890 م واكمل دراسته الاولية والثانوية في ( المنوفية ) ثم تطلع المازنى إلى دراسة الطب بعد تخرجه من المدرسة الثانوية اقتداءً بأحد أقاربه، ولكنه ما إن دخل صالة التشريح بكلية الطب حتى أغمى عليه .
.
ترك الدراسة الطبية وذهب إلى مدرسة الحقوق ولكن مصاريفها او اجورها زيدت في ذلك العام من خمسة عشر جنيها إلى ثلاثين جنيها، فعدل عن الدراسة في مدرسة الحقوق إلى مدرسة المعلمين. وعمل بعد تخرجه منها عام\ 1909 مدرساً .
.
ضاق بقيود الوظيفة,بعد ان حدثت له بعض المعوقات فاعتزل التدريس وعمل بالصحافة لكي يكتب بحرية, عمل بجريدة( الأخبار ) مع أمين الرافعي، ثم محررا بجريدة (السياسة ) الأسبوعية، و عمل بجريدة (البلاغ ) مع عبد القادر حمزة وغيرهم في الكثير من الصحف الأخرى، كما أنتشرت كتاباته ومقالاته في العديد من المجلات والصحف الأسبوعية والشهرية.
.
عرف عن المازني تمكنه من اللغة الإنجليزية والترجمة منها إلى العربية فقام بترجمة العديد من القصائد الشعرية إلى اللغة العربية،
انتخب عضواً في مجمع اللغة العربية بالقاهرة، والمجمع العلمي العربي بدمشق.
.
عرف المازني انه شاعر من شعراء العصر الحديث، كما عرف كواحد من كبار الكتاب في عصره و عرف بأسلوبه الساخر سواء في الكتابة الأدبية أو الشعر واستطاع أن يلمع على الرغم من وجود العديد من الكتاب والشعراء الفطاحل حيث تمكن من ايجاد مكاناة مرموقة بجوارهم على الرغم من اتجاهاته المختلفة ومفهومه الجديد للأدب، فقد جمعت ثقافته بين التراث العربي والأدب الإنجليزي كغيره من شعراء مدرسة الديوان التي ينتمي كواحد من مؤسسيها الاوائل.
.
حاول المازني ان يبتعد عن العمود الشعري وقصيدة القافية والوزن فجاء بتجربة الشعرالحر او كتابة قصيدة التفعيلة كمجدد نقلته هذه الوضعية من كتابة الشعر المرسل إلى الكتابة النثرية، فخلف لنا تراث غزير من المقالات والقصص والروايات بالإضافة للعديد من الدواوين الشعرية، كما عرف كناقد متميز.
.
اهتم ايضا بقراءة الكتب الفلسفية والاجتماعية، وقام بترجمة الكثير من الشعر والنثر إلى العربية وقد قال الايب عباس محمود العقاد عنه ( إنني لم أعرف فيما عرفت من ترجمات للنظم والنثر أديباً واحداً يفوق المازني في الترجمة من لغة إلى لغة شعراً ونثراً).
.
يعد المازني من رواد مدرسة الديوان وأحد مؤسسيها مع كل من
عبد الرحمن شكري، وعباس محمود العقاد، عشق الشعر والكتابة الأدبية وعمل في شعره على التحرر من الأوزان والقوافي ودعى كغيره من مؤسسي مدرسة الديوان إلى الشعر المرسل، الا انها كانت اشبه بمحاولات لهم فقد غلب على شعرهم وحدة القافية وعمود الشعرالعربي الخالد،
.
اتجه المازني للنثر كما انه أدخل في أشعاره وكتاباته بعض المعاني المقتبسة من الأدب الغربي، وتميز أسلوبه بالسخرية والنكتة واتخذ في كتاباته الطابع الساخر وعرض من خلال أعماله الواقع الذي كان يعيشه في شخوص أو تجارب شخصية أو من خلال حياة المجتمع المصري في تلك الفترة، فعرضه بكل سلبياته وإيجابياته من خلال رؤيته الخاصة وبأسلوب مبسط بعيداً عن التكلف الشعري والأدبي.
.
توقف المازني عن كتابة الشعر بعد صدور ديوانه الثاني في عام 1917م، واتجه إلى كتابة القصة والمقالة الصحفية والنقد الادبي .
لقد كان المازني شاعراً يعظم الشعر ويجسد فيه كل انفعالاته ويصورفيه همومه وأحزانه وذكرياته . امتاز شعره بجزالة اللفظ ونصاعة الفكرة جمع بين الثقافة العربية التراثية وبين الثقافة الغربية وكان وزميلاه شكري والعقاد من اتباع المدرسة الرومانسية ومن أصحاب مدرسة الديوان، وكان بينهم وبين مدرسة شوقي وحافظ مساجلات نقدية حيث أصدر كتاباً بعنوان: (شعر حافظ) كما أصدر مع العقاد كتاب (الديوان) نقدا فيه الشاعرين حافظً ابراهيم – شاعر النيل واحمد شوقي اميرالشعراء وتعرض بعد ذلك في دراسة نقدية لشكري والمنفلوطي، ولقد تميز أسلوبه بالسخرية والفكاهة التي شاعت في مقالاته وله فلسفة خاصة في الحياة ظهرت من خلال عمله في الصحافة فترة من الزمن حيث كتب في الأهرام والهلال والبلاغ والرسالة وغيرها من الصحف والمجلات وكان يقدم تجارب حياته اليومية في قصصه التي جمعها بعد نشرها في الصحف في كتب ويصفه الناقد الدكتور( محمد مندور) بأنه كان رائداً للتجديد الأدبي عامة والشعر بخاصة في النصف الأول من هذا القرن.
.
توفي الشاعر ابراهيم عبد القادر المازني سنة 1949
.
ترك لنا المازني ثروة ثقافية وادبية والعديد من الأعمال الشعرية والنثرية المميزة نذكر من أعماله:
إبراهيم الكاتب
وإبراهيم الثاني – رواياتان،
أحاديث المازني- مجموعة مقالات
حصاد الهشيم في النقد
خيوط العنكبوت،
ديوان المازنى
رحلة الحجاز
صندوق الدنيا( في السياسة والاجتماع )
عود على بدء
قبض الريح
الكتاب الأبيض
قصة حياة
من النافذة
في الطريق
شعر حافظ
الديوان بالاشتراك مع عباس محمود العقاد
الجديد في الأدب العربي
.
لقد كان المازني أديباً عظيماً وصاحب مدرسة ومذهب في الأدب ليس له نظير في أدب المشرق والمغرب في إجادته لأدب الترجمة فهو يترجم الشعر و النثر كأسلوب الجاحظ وقد أضفى على ترجماته من حسه وروحه وطلاوته وموسيقاه مما جعل الناس يقبلون بشوق وشغف عليها واتسم نتاجه بالخصوبة والتنوع وقد تاثر في شعره بشعرالشريف الرضي وابن الرومي وبشار بن برد وغيرهم من الشعراء العباسيين وكان يكثر من الشكوى والالم والحسرة يقول :
.
خيم الهم على صدري يا صديقي
وبدت في لحظة الليل الهموم
.
لقد كان منذ صغره أخلص الأدباء للشعر والأدب والكتابة ورسم صورة قلمية تنبض بنبض حياته في مسراتها وأحزانها وقوتها وضعفها في طليعة رواد النهضة العربية ولعمري لست اتحسس شيئا هو أحلى جنى وأعذب زلالا من الشعر إذا صدقنا قائله وترفع عن التقليد الذي لا حاجة بنا إليه ولا ضرورة تحملنا عليه، وتنزه عن مجاراة الناس ومشايعة العامة وتوخّي مرضاتهم فإن لنا أعينا حداسة وقوة حساسة وتذقا سليما ومادة الشعر واسعة فياضة لا تفني ولا تزول .
.
وما الشعر إلا معان لا يزال الإنسان ينشؤها في ذاته ويصرفها في فكره ويناجي بها قلبه ويراجعها في عقله، فمعانيها في كل ساعة تتجدد وفي كل لحظة تتولد لتشكل احساسا صادقا منبعثا من قلب مفعم بالشوق غارق بالعاطفة ثم تنهال محتدمة عليه الافكارالمتعلقة باهداب الخيال الثر وتشده الاحاسيس في شعر رومانسي قل مثيله ليكون نغما صادقا ولحنا رائعا يسع الدنيا ومن فيها ذلك هو الشاعر المازني .
.
ومن روائعه قوله:
فؤادي من الآمال في العيش مجدب
وجوى مسود الحواشي مقطب
تمر بي الأيام وهي كأنها
صحائف بيضٌ للعيون تقلب
كأن لم يخط الدهر فيهن أسطرا
يبيت لها الإنسان يطفو ويرسب
شغلت بماضي العيش عن كل حاضرٍ
كأني أدركت الذي كنت أطلب
وما كلت الأيام من فرط عدوها
ولا عطل الأفلاك خطبٌ عصبصب
وما فتئ المقدار يمضي قضاءه
وما انفك صرف الدهر يعطي ويسلب
وما زلت ظهر الأرض في جنباته
مراحٌ لم يبغي المراح وملعب
ولكن قلباىً خالجته همومه ترى
أي ملهى طيب ليس يجنب
وكيف يسري عنه ملهى ومطرب
وما يطبيه غير ما بات يندب
لقد كان الدنيا بنفسي حلاوةٌ
فأضجرني منها الأذى والتقلب
وقد كان يصيبني النسيم إذا هفا
ويعجبني سجع الحمام ويطرب
ويفتنني نوم الضياء عشيةً
على صفحة الغدران وهي تسبسب
فمالي سقى اللَه الشباب وجهله
أراني كأني من دمائي أشرب
وما لي كأني ظللتني سحابة
فها من مخوفات الأساود هيدب
وليلٍ كأن الربح فيه نوائحٌ
على أنجم قد غالها منه غيهب
تجاوبها من جانب اليم لجةٌ
نزاءر فيها موجها المتوثب
كأن شياطين الدجى في أهابه
تغنني على زمر الرياح وتغرب
لقيت به ذا جنةٍ وتدلةه
له مقلةٌ عبرى وقلبٌ معذب
فقلت له ويلي عليك ولهفتي
ترى أين يوميك السرى والتغرب
ركبت الدجى والليل أخشن مركبٍ
فهل لك عند الليل ويبك مطلب
فقال وفي عينيه لمعٌ مروعٌ
وفي شفتيه رجفةٌ وتذبذب
ليهن ترابٌ صم حسنك أنه
سيرويه منه عارضٌ متصبب
سقاها ورواني من المزن سمحةٌ
فإني في ملحودها سأغيب
كفاني إذا ما ضم صدري صدرها
تحية سحب قلبها يتلهب
أأنت معيني إن قضيت بدمعة
يحدرها عطفٌ علينا ويسكب
فقلت له ما لي لدى الخطب عبرةٌ
تراق ولا قلبٌ يرق ويحدب
سكنت فما أدري الفتى كيف يغتدي
تجد به الأشجان طوراً وتلعب
ولكنني إن لم تعنك مدامعي
سأستهول الموت الذي بت تخطب
سأصرخ أما هاجت الريح صرخةً
تقول لها الموتى ألا أين نهرب
.
امير البيـــــــان العربي
د فالح نصيف الحجية الكيلاني
العراق- ديالى - بلـــــــــــد روز

العدد الثامن 2017 مرثية السبط النبوي الشهيد ..الحسين ابن علي ابن فاطمة الزهراء رضِي الله عنهم للشاعر محمد الزهراوي (أبونوفل)




العدد الثامن 2017

مرثية السبط النبوي الشهيد ..الحسين ابن علي ابن فاطمة الزهراء رضِي الله عنهم

للشاعر محمد الزهراوي (أبونوفل)




في بارِقٍ
يَلوحُ لـي..
أنا جائِعٌ إلى
قَمَرِ الأساطيرِ
ما زِلْتُ مَعَ
الْغَواني..
أتَشَهَّاهُ وَأعْشقُهُ
غَدَوْتُ مَعْروفاً بِهِ
أراهُ في كُلِّ
مَعْنىً لَطيف
هُوَ ساكِني..
سَلوا الْهَوى !
فما أحْلى شَمائِلهُ
وَأنا الْقَتيلُ بِهِ
هلْ لـي
بِجَمْعِ الشّمْلِ ؟..
يا عا ذِ لي في حُبِّهِ
لَوْ رَأيْتَ
الذي سَباني
فيهِ مِنْ جَمالٍ !
أذابَ قَلْبِي ! ؟
هَذا الْفَتى زَهْرُ نَقاً
رَدِّ دْ عَلَيَّ اسْمَهُ..
كُلُّ الْوَرى إذا
تَجَلَّى مُقْبِلا تَصْبو
إلَيْهِ وَ تُشيرُ بِالأصابِعِ
وَحْدي أرْتَجي
الْقُرْبَ بِمَوْلايَ
وَحْدي أحْبُو الْمَسافَةَ
حَتّى يَكونَ لي في
الْحَضْرَةِ مَعَ الْحَبيبِ
يَوْمَ الِّلقاءِ مِنَ
الِّلقاءِ نَصيبُ
ذاكَ قَتيلٌ أوْ قِنْديلٌ
على بوابة الأرض ؟
هُوَ أنْوارٌ تَلوحُ :
ابْنُ فاطِمَةَ..
جَدّهُ الْمُصْطَفى
و أخُوهُ الْحَسَنُ
التّقِيُّ السّموحُ.
مِنْ سِماتِ
وَجْدي عَليْهِ بِهِ
يَجْري لِسانـي
لوْ تُرِكَ لَيْلا لِيَنامَ.
هَلْ قُتِلَ بِضَرْبةٍ
مِنْ طَرْفِ هِنْدٍ أمْ
قُتِلَ بِضَرْبَةِ نَهْدٍ؟
فُكُّوا أسيَر هَوىً
أنا مِنْ أمَدٍ أخْفيْتُ
حالي مُنْشِداً بِهِ
وَ بِجَدِّهِ الْكَريِم محمّدٍ
وَ بِآلِ الْبَيْتِ طُرّاً..
وَبِمَنْ سارَ في رَكْبِهِ.
تَبّاً لِمَنْ أوْقَفَ الصَّخَبَ
الْمُتَلاطِمَ وَ صَهيلَ خَيْلهِ.
لا أراهُ إلاّ مُبْتعِداً
يَلوحُ سَناهُ كَبَدْرِ الدَّ جى
فَمُدّ الْيَمينَ لِبَيْعَةِ
مَنْ بايَعَه في الخُلْدِ
رِضْوانُ و في
ساحَةِ الْوَغى
خَذَلَتْهُ الْقَبائِلُ.
ينْبثِقُ مِنْ جُرْح..
كَالفَجْرِ يُطلّ عَلى
الْكَرْبَلاءِ مُهَدّمةً
و لا أحَدٌ إلاّ هُو يجئ.ُ
كَثيَرةٌ عَلَيَّ في
الرُّؤْيا بَسَماتُه الصّافية
هُوَ الْقَتيلُ بِلا إثْم..
تَناهَبتْهُ أمْداحٌ شَتّى
وَ قدْ أغْنتْهُ
عَنِ الثّناءِ غُرّتهُ
الْغَرّاءُ وَ فِتْنَةُ
الدّعَجِ ..
وَ ذَلِكَ الْبَلَجُ !
شاخِصٌ أمامي..
هيْهاتَ لِلدُّنا
أنْ تَجودَ
بِمِثْلِ هذا الْهَوى
الْعابِقِ في تَباهٍ !
فَيالَيْتَ لـي
إلْفٌ مِثْلهُ في
غُرْبَتي أوْ سَكنٌ
أوْ حَتّى وَطَنٌ ! ؟
محمد الزهراوي
أبو نوفل

العدد الثامن لسنة 2017 قراءة في ديوان"وجعٌ عائمٌ في لغتي"للشاعـر ماجـد الربيعـي نـايٌ سـومـري يئـن وجـعـاً بقلم / حسين الساعدي


العدد الثامن لسنة 2017

قراءة في ديوان"وجعٌ عائمٌ في لغتي"للشاعـر ماجـد الربيعـي
 
نـايٌ سـومـري يئـن وجـعـاً

بقلم / حسين الساعدي


الشعر كمفهوم أكبر من أن يحصر في مجموعة من الألفاظ والكلام الموزون المقفى ، بل هو شعور وعاطفة وإحساس ودهشة وصورة شعرية ، وهذه المكونات إذا لم يضمنها الشاعر في نصوصه ولم يثير المتلقي بها ، فلا تعد شعراً ، ليس هو بشاعر .
يعد عنوان الديوان (وجعٌ عائمٌ في لغتي) العتبة الأولى في الخطاب الشعري للشاعر "ماجد الربيعي" ، فمن خلاله يمكن أستشراف مضمون نصوص الديوان . وفي لحظة تأمل عناوين الديوان الداخلية سوف نخرج بأنطباع أولي وهو أن الشاعر "الربيعي" يحمل فوق كتفه صخرة ثقيلة من الفواجع والهموم والأحزان المتشعبة ، يرسم بها رؤية وجودية للوجع ، قوامها المعاناة والأحزان ، الخارجة من أعماق النفس ، عائمة على وجه القصيدة . قيل إن (الحزن خبز الشعراء) ، وهو مثير و منبه للإبداع ، وديوان الشاعر "ماجد الربيعي" أحتوى على (65) نصاً شعرياً ، بعناوين مختلفة ، وقضايا متعددة . جاءت نصوصه الشعرية معبرة عما يجول بخاطره ، من قضايا وهموم ذاتية ورغبات دفينة . فكل نص شعري في ديوانه هو عملية إبداعية ، فهو يمتلك خطاباً شعرياً ينفد من خلاله الى ذات المتلقي فيجعله أسير لحظة القراءة الأولى .
فالشاعر "الربيعي" يكتب بإحساس يستحوذ به على مخيلة المتلقي من خلال الصورة والعبارة الشعرية وعبر أسلوب بنيوي يصل به الى السهل الممتنع . فهو يخفي وراء كل نص إحساساً متدفقاً مشحوناً بأنفعالاته العاطفية ، تنبعث من صراع داخلي بين الوعي واللاوعي ، المخفي والمعلن .
الشاعر "ماجد الربيعي" تميز في صناعة النص الشعري وأستلهام الألم والوجع المحايث للنص من خلال الخزين المتراكم من الصور الشعرية المتعددة . فنصوصه تتمحور في بؤرة مركزية واحدة تربط النسيج الشعري بالبناء اللغوي المكثف لجميع نصوص الديوان ، وهذه البؤرة هي (الوجع) الصاخب الذي شكل الحجر الأساس ومركز أستقطاب في البناء الشعري للديوان ، تمخض منها صور شعرية معبرة عن الواقع المؤلم الذي يعيشه الشاعر . ففي نصه (هو العيد جاء) يرثي أخاه بألم في صورة شعرية رائعة .
أيا توأمَ الروحِ
إلى أين تمضي بُعَيدَ الغروبِ ؟
وكيف يمرُّ بكَ الّليلُ ؟
أتيت لَعلّي أراكَ
وقفتُ على الرملِ وناديتُ
لكنهُ سدَّ دوني كلَّ الدروبِ اليكَ
فالصور الشعرية الفنية عند "ماجد الربيعي" تدل على المخيلة الواسعة لديه . فهو ينتقي الواقع الشعري المتجسد والممتد في مخيلته وذاكرته الشعرية ، متمسكاً بتقاليد الشعر وموسيقاه . ( حُـلْم )
أيْ كهرمانة
هزّي اليكِ بجذعِ الحياة ..!
تساقط عمرا
يضيعُ .. بانتظار العبور
من الخوف والموت
والجند والسيطرات
لقد أستطاع أن يجعل من الواقع المؤلم معادل موضوعي يعبر من خلاله عن وجعه ، الذي هو تعبيراً عن واقع أجتماعي مأساوي للإنسان . المعاناة النفسية له ذات أبعاد فلسفية تتعلق بالموقف الإنساني للشاعر أتجاه هذا الواقع الذي يحياه الإنسان ويعانيه . فأستطاع أن يحول وجعه إلى فلسفة شعرية . فينبغي النظرة إلى أزمة وجع الشاعر "ماجد الربيعي" على أنها ليس أزمة فرد وأنما أزمة الإنسانية عموماً .
إن الوجع بمعناه الذاتي والوجودي هو فلسفة كونية يجلل هذا الكون . ويؤطر الحياة ككل ، ويواكب الانسان منذ ولادته في صرخته الأولى . فالشاعر (إيقونة عصرية) لوجع الإنسان ، الذي يستصرخ ألمه إلى أقصى حدود مواطن التوجع ، فيقاد الى مقصلة الوجع الوجودي ومصادرت أفراحه الى مراسيم عزاء يومية ، فتراه مرة يمتص الوجع ، ومرة أخرى يمتصه الوجع .
وجعٌ
يطبقُ كفيه على قلبي
ما زلت أنا في طور التكوين
وروحي
ما زلت أرممها
لقد أعطى الشاعر لصرخته البعد الوجودي والكوني العميق ، لان الألم/الحزن/الوجع ، تأسس في أصل الوجود ، فالشاعر عندما يتحسس ألم وطنه والإنسانية فهو يسمو بروحه الى المُثل العليا كإنسان يحمل فى طياته الكثير من الحب ، وقد صدق الشاعر السياب حين قال في أحدى نصوصه:
لك الحمدُ مهما استطالَ البلاءُ
ومَهْما استبدَّ الألمْ
لك الحمد إنّ الرزايا عطاءٌ
وإنّ المصيباتِ بعضُ الكَرَمْ
في كتابه (العلم المرح) قال نيتشه
(1844 - 1900م) (أن المتعة والألم مرتبطان بقوة معاً، ومن يريد أكبر كمية ممكنة من المتعة عليه أن يقبل بكمية تساويها من الألم) . فكان لفلسفة نيتشه الأثر الأكبر عند عالم النفس سيجموند فرويد (1939 - 1856م) متأثراً بها وحافزاً له في آراءه في النفس البشرية . حين أعتقد (أنه لا يمكن الهرب من المعاناة. بل اعتبرها جزءاً يملك حيزاً في بناء النفس البشرية ولا يمكن الغاءه) .
أن الشاعر يبقى الذاكرة المفجوعة والمعبرة عن ذاته بمخاض داخلي عسير ، ولغة كونية لها صداها في القلب ، وهي متأصلة في نفس الشاعر ، فتراه في أكثر نصوصه متألما ، ففي نصه (وجه أمي) ينضح ألماً وحرقةً ويجعل للألم أبجدية وهو يستذكر والدته .
أمّي
تموتُ بالسرِّ كلّ يوم
وفي مقلتيها
جمرتان من الحزنِ
وتخفي من الخوفِ حتّى الدّعاء
ومن حولِها الامهات..
رويداً رويداً
زَحَفَ الموتُ نحوَ النوافذِ
نموتُ اسىً ربما..!
أو نتشَظّى معَ العبواتِ
نصيرُ رماداً باحتراقٍ
أو ربّما يغتالنا كاتمُ صوتٍ
بينَ حينٍ وحينٍ
أن التجربة الشعرية للشاعر "ماجد الربيعي" أعطته دفقاً ووعياً شعرياً ونضوجاً إبداعياً ومنحته رؤية وجودية للواقع المعاش ، معتمداً على الذخيرة المعرفية والأبداعية التي يمتلكها ، فهو على دراية ووعي تام بوظائف مفرداته وتراكيبه اللغوية ورمزيته وذاتيته . يقول ألبير كامو (1913 - 1960) :(لا شيء أصدق في الكتابة من الحزن الغارق جداً في الذاتية) .
أن الإيقاع الشعري في نصوصه الشعرية إيقاع درامي ، تُرجم الأجواء الشعرية وتحول في إطار موسيقي الى سمفونية حزينة متشحة بالسوداوية ومشبعة بالألم ، فالباحث في مجموعة الشاعر الشعرية يلاحظ اللغة الحسية المباشرة والحافلة بالتوجع حتى أن المتلقي يشعر بحجم هذا الوجع من خلال تعابيره التي تكشف عن مدى رؤيتة للقيم الإنسانية والوجدانية ضمن شعره المتسم بالكلمة الصادقة ، وقلبه الكبير الذي يحمل هموم وأحزان وطن جريح تراه الأعين ينزف دماً ،‏ وأحبة فارقهم ، فنصوصه الشعرية جاءت قطرات من الدمع تتناثر من عينيه . (خَيطٌ مِن ظِلٍّ)
أَنا ذاكِرةٌ خاويَةٌ
إلاّ مِن حُزنٍ
تَشرَبُ مِن ناري
جَمراتُ الوَطَنِ المَصلوبِ
على مَقصَلَةِ اللّيلِ
حمل أوجاعاً وجودية ووجدانية ووطنية مرمزة أجتمع فيها حضور المرأة (سلمى) الحبيبة ، والوطن (العراق) بوصفهما يمثلان حضناً لقلب مثقل بالأوجاع ، الوطن يحفر في أعماق الإنسان العراقي ، وحبيبة لا تفارقه كظله ، يسطرهما الشاعر في قالب وجودي بلغة رمزية تارةً وأخرى مباشرة ، وصور شعرية بليغة ، قدم لنا الغايات النبيلة ، وشكى أوجاعه ، وسافر مع هذه الأوجاع في رحلة غريبة تتجاوز الوعى إلى الآفاق المنفتحة المطلقة . (طوابيرالألم)
أتعبتني طوابير الألم الذي يهمسني
فامتدت روحي على ذراع حبيب يشبهك ..
كنت أفكر في وطن يضمني .
عند منتصف القصيدة
حتى يستفيق لون وجدي عند شغف عينيه
في اللقاء ..
وجدت الوطن كأنه دخان وأفكار عارية
أما المرأة فهي ملاذه الأمن الذي يلجا اليه ، (سَـلْمى وأنا والغَـبش الفائت)
في الغَبَشِ الفائِتِ
يتجلى وجهُكِ
خيطاً من نورٍ
كانَ نَديّاً
قطراتٌ من مطَرٍ
في آخرةِ الليلِ على هَدبيكِ
ومنديلي كانَ نديّاً
فتكونين قُطوفاً دانيةً
وانا كنتُ أردِّد :
سلمى
يقول الروائي الروسي ديستوفسكي :(قلب الإنسان لا يطلبُ إلا الإفصاح عن وجعه) ، وديوان الشاعر "ماجد الربيعي" (وجعٌ عائمٌ في لغتي) الذي هو باكورة أعماله الشعرية يمثل تجربة عميقة تختزل العالم ببساطة صوفية تضج بالوجع والألم ، فلسفة تُظهر بوضوح صوت الألم والمعاناة ،والنظرة الشاعرية الدامعة حزناً ًالمصحوبة بإيقاعات مشحونة بالوجع ، هذه الفلسفة هي في مخزون الشاعر ، حفرها بقلم يقطر ويئن وجعاً ، لا يشعر به إلا من يملك إحساساً و شعوراً بالمسؤولية .
هذه قراءة سريعة على يوميات وجع الشاعر "ماجد الربيعي" والتي تستحق دراسة متأنية جداً ، للبحث في أماكن الوجع المتأصل في ذاكرته .