العدد الثامن لسنة 2015
إفتتاحيّة العدد
قراءة بواقع حال التظاهرات في العراق
بقلم : رئيس التحرير
هل كانت
التظاهرات بمستوى المطالب؟
هل حققت
التظاهرات ما يصبو إليه المواطن البسيط بحقوق العيش اليسير ؟
هل يمكن
الأصلاح في ظلّ نظام برلمانيّ عرف بالفساد الفاضح؟
في البدء
علينا أن نتحدث عن مساحة الدمار وعن عمق المأساة التي خلفتها الأنظمة المتعاقبة بعد
سقوط بغداد في 2003.ون نقيّم الوضع من كلّ جوانبه.وإن كنّا فعلا قد وضعنا تقييّما منطقيّا
للأمور فعينا أن نعترف بأن تظاهراتنا الأسبوعيّة لساعتين أو ثلاث ساعات لايمكن أن تكون
رادعا عمالقة واخطبوطات هذه الأنظمة التي عششت في دهاليز الدولة والتي سيطرت على مفاصلها.
مازالت
الى الآن تظاهراتنا ليست بمستوى مطالبنا للأصلاح او التغيير.
المناداة
بمحاربة الفساد والقضاء عليه لابدّ أن تكون مناداة لمن يغي اليها وليس لمن يشترك بها.
من أين
جاءت للمتظاهرين الثقة ببرلمانهم الذي كان ومازال وسيبقى مصدرا للخراب والتدهور . وجامعة
من جامعات الفساد التي دخلت كتاب غينيس للأرقام القياسية في السلب والنهب والبطلان
وبث الفرقة بين صفوف شعب عاش منذ الأزل شعبا واحدا.
من أين
جاء الشعب بالثقة المطلقة لرئيس وزراءه الذي رغم ما ظهر عليه من وطنيّة ّومن تفاعل
مع مطالب الشعب الاّ انّة لايعدّ خارج عمليّة سياسيّة مشوّهة أدت بالعراق واهله مأدّت
اليه.
هذه
هي طلبات الشعب تسوّف.
وهذا
هو البرلمان يحاول أن يبدّل القناع الى قناع آخر
وهاهم
السرّاق مازالوا يرتعون ويمرحون بأموال العراق.
الإفلاس
واقع حال العراق.
وتسويف
مطالب الشعب فرصة للسرّاق بأن يفلتوا من عنق الزجاجة.
والكلّ
متآمر على العراق وشعبه.
سرعان
ما أحسّت الحيتان بالخطر لجأت إلى ايران تبحث عن الحلول .
وتحاول
أن تضع سناريو جديد لتستمر بالسلطة ومن ثم الأستمرار بالنهب والسلب . فما عادت استفزاز
العاطفة الدينية التي جاءوا بها منذ البداية ينطلي على شعب فقد كلّ مايملك إلا الموت
والدم والذل والهوان .
المتظاهرون
يريدون اقتلاع الفساد من جذوره في هذا الوطن رغم تغلغل الجذور فيه. أكثر من 12 عام
والفاسدون يغرسون الفساد في كلّ مكان في هذا الوطن . حتى احتل الفساد مكان النخيل
.
لهذا
فلست أرى بأن هذه التظاهرات يمكنها أن تغيّير شيئا على مستوى ادنى طموح لعراقي شريف
رافض لواقع الحال البغيض الذي يعيشه العراقيون.
وعلى
الناس أن تعي بأن التسويف والقبول بالحلول الترقيعية لايمكن بأي حال من الأحوال أن
يكون إلاّ مأساة جديدة تضاف إلى مآسي العراقيين.
لقد
أفلس العراق فعلا ماديّا ومعنويّا.
لقد
قضى عليه الفاسدون ومازالوا يسعون للأكثر.
فقد
العراق من ثرواته مالم يفقده طيلة فترة تعاقب الأنظمة الجمهوريّة عليه بما فيها فترة
النظام السابق بما في تلك الفترة من حروب ومن هدر للأموال على الألة العسكرية والحصار
الأقتصادي الدولي الذي تعرض اليه البلد.
ناهيك
عن خسارة العراق بالأرواح التي اصبحت اضعاف مضاعفة مما خسره في العهود السابقة.
وإلى
ذلك نضيف خسارة العراق لسمعته الدوليّة التي ما من عراقي سافر لغير العراق الاّ وتحسسها
جليّة واضحة في البلدان الأخرى.
ومن
ذلك إلى فقدان العراق لموروثه الحضاري الذي لم يستطع الحفاظ عليه نتيجة انشغال مسؤوليه
بمصالحهم الذاتية .
ومنها
إلى فقدان العراق رجالات العلم والأدب الذين آثروا الأبتعاد عن واقع لايمكن أن يكون
حاضنة صالحة لما يبغونه من تطور . وخاصة بعد استهدافهم من قبل تنظيمات ظلامية مازلات
تسعى لأعادة العراق إلى عصور الكهوف .
للمتظاهرين
الكرام ..لأبناء شعبنا الذي أدرك الحقيقة ..أقول .
ليكن
ببالكم دوما بأنكم اليوم لستم بمواجهة اشخاص عرفتموهم بالفساد فقط. بل إنكم بمواجهة
قوى كبرة تقف وراء هؤلاء الفاسدين منها ما تعرفونها ومنها من خفيت عليكم معرفتها.
ولايمكن
لتلك القوى أن تتنازل عن رموزها في هذا البد الذي يعتبر بالنسبة لهم ولأذنابهم كنزا
من الذهب الذي لاينفد.
فتخيّلوا
كيف لهذه القوى أن يكون ردّ فعلها إزاء ما تطالبون به؟
وهل
ما تطالبون به من خلال تظاهرات اسبوعيّة لاتتعدى ساعات قلائل يمكن أن يكون يدا ضاربة
لتلك القوى وأذنابها في وطننا؟
منذ
اندلاع الشرارة الأولى للتظاهرات ومازالت المطالب الأولى على طاولة التسويف حتى بات
الشعب يشكّ حتى في نوايا رئيس وزراءةه الذي فوّضه بالأصلاحات تفويضا كاملا وشاملا.
ولا
اخفيكم السرّ بأنّي أرى الرجل أما أن يكون قدتورط بما أقدم عليه
وأمّا
أن يكون أضعف مما قد قدم عليه . وبالحالتين فلابدّ أن نضع هذا التعويل الكامل على هذا
الرجل جانبا وأن نلغي قطعيّا التعويل على برلمان كان دائما السبب بما وصلت اليه الأمور
بالعراق.
وأن
نعتمد على أنفسنا بمحاولات التغيير وأن تستمر المطالبات بتصعيد وتيرة المطالبة وعدم
الأكتفاء بالعهود الواهية التي يعدنا بها من تسبب بمآسينا.
لقد
فقدنا ما فقدنا وماتبقى لدينا ليس بأغلى مما راح منّا.
اموالنا
نهبت
أولادنا
واخواننا واصدقاؤنا ملئت بهم المقابر
مستقبل
اطفالنا ضاع في بيع الماء بالشوارع والبحث عن لقمة العيش بالمزابل.
مريضنا
يموت إن لم يتمكن من العلاج الباهض.
مدارسنا
مآوى المشردين والنازحين من مدنهم.
علمؤنا
واساتذتنا واطباؤنا مشردون في بقاع الأرض.
نساؤنا
تعمل بالنهار وتلوك الهمّ والعوز في الليل.
عوائلنا
تنتظر الحصّة التموينيّة التي لاتغني عن جوع.
شبابنا
لاطموح لديهم وإن تعبوا واتعبوا ذويهم بتعليمهم ونيلهم شهاداتهم.
بناتنا
يشخن قبل اوانهم والعنوسة قد استشرت بينهن فليس للشباب رغبة الزواج فلا عمل ولا دخل
شهري يعتاشون منه.
ارواحنا
رهينة مخخة او حزام ناسف أو خطف وقتل ورمي في المزابل.
دماؤنا
حيثما سالت فسيارات الحريق ستغسل الأرض منها وتدفعها الى المجاري.
هل عاد
فينا ما يمكن أن يكون أغلى ممافقدنا.
ايها
الشعب.
لاتكن
مثلما قال المتنبي:
(فيك
الخصام وانت الخصم والحكم)
ولاتنتظر
ممن كانوا سببا في كلّ هذا أن ينصفوك.
كن مثلما
قال الشابي رحمه الله:
(إذا
الشعب يوما أراد الحياة ... فلا بدّ أن يستجيب القدر)
والله
ناصر المؤمنين.
علاء
الأديب
25-8-2015
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق