بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 23 أبريل 2021

مجلة المرفأ الأخير .. العدد الثالث 2021 الفكرة في المدينة الفاضلة (17) بقلم – محمد فتحي المقداد

 

 مجلة المرفأ الأخير ..

العدد الثالث 2021

 الفكرة في المدينة الفاضلة
(17)
بقلم – محمد فتحي المقداد


   


أوّل ما يتبادر إلى الذّهن بمجرّد نُطق تعبير "المدينة الفاضلة"؛ يذهب الذّهن مُباشرة إلى أفلاطون، الذي أسّس في كتاباته للمدينة الفاضلة المثاليّة بكلّ ما فيها؛ القائمة بالطّبع على المُجتمع الفاضل المثالي قائم على مبادئ العدل والمُساواة والحريّة، كما تمنّاها أن تكون على أرض الواقع، خالية من الشّرور والخوف والقتل والدّمار، وهو ما اُصْطلح  عليه بتعبير "اليوتوبيا".  وهذا تبيّن من خلال "كتابه القانون" و"كتابه الجمهوريّة"، وفيهما أفرد تفاصيله النظريّة وتطبيقاتها العمليّة على جميع المُستويات السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة، للتقنين لمدينت الفاضلة.
  في مقابل "اليوتوبيا" هناك على الضّفة المغايرة تمامًا لهذه المعاني كما تبيّن معنا، ظهر مُصطلح "الديستوبيا": المجتمع غير الفاضل الذي تسوده الفوضى والظلم والتظالم، ليس فيه للخير مكان أبدًا. وهو عالمٌ كابوسيٌّ، كريه مكروه غير مرغوب به، ومن خلاله تسعى الدّول وحكوماتها؛ للسّيطرة بكافّة الوسائل المُتاحة وغير المُتاحة على شُعوبها ومواطنيها. وفيه يتجرّد الإنسان من إنسانيّته المُنتهكة في غياب الدّساتير والقوانين النّاظمة لحركة المُجتمع والسّلطة، في تغوّل مُخيف ببث الرّعب والقلق والخوف.
  فالفكرة تتمخّض بانسلال الإبداع في كلا الحالتيْن من رحمها، وتتأرجح بين الفكرة في وصف حالة "اليوتوبيا" و"الدّيستوبيا"، وذلك حسب مهارة الكاتب في إدارة فكرته، بتوصيف وتقنين برؤية إبداعيّة، تستوعب مُجريات الحدث على أفضل ما يكون.  حيث ظهر أدب "المدينة الفاضلة" وهو الأكثر من الكتابات الروائيّة والفكريّة ذات البّعد الإصلاحيّ, أمّا أدب "المدينة الفاسدة" ؛فأهَمّ  الأعمال على الإطلاق، رواية "1948" للروائي الأمريكيّ "جورج أورويل" وكما وُصِفَت بأنّها دُرّة أدب الديستوبيا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق