عدد خاص
ببرنامج الحوار الأنيق
الحلقة الأولى لسنة 2016
ضيف البرنامج : الأعلامي والأديب المصري
د. جمال حمّاد
ضيفنا لهذه الحلقة من برنامجكم (الحوار
الأنيق)
إعلاميّ وأديب مصري ملتزم نذر نفسه للعمل
الإعلامي من خلال أعرق إذاعة عربيّة في الوطن العربي وفي مصر العروبة ألا وهي (إذاعة
صوت العرب من القاهرة). تلك الإذاعة التي واكبت الزمن الجميل ومازالت بذات العراقة
وذات الجمال وذات الرونق.
الإذاعة التي تنتقي إعلاميها انتقاء من
حيث الرزانة والمسؤولية والمواقف العربيّة والأدب واللغة وما من اثنين يختلفان على
هذا من متابعي هذه الإذاعة الرائدة.
لقد اختار د. جمال حمّاد نهجا وسبيلا جادا
وملتزما في مسيرة حياته الإعلامية والأدبيّة ولقد كرّس جهوده من خلال هذه الإذاعة على
توطيد صلة المثقف بالإذاعة ولقد خلق لها قاعدة شعبيّة وطنيّة وعربيّة وإقليمية وعالميّة
من المتابعين من تلك الشريحة التي تعتبر في حين وزمان الشريحة القائدة والرائدة في
المجتمعات.
جعل من كلّ مثقف عربي صادفه صديقا له وللإذاعة
ولفت انتباه الجميع برصانة ومتانة شخصيته الإعلامية والأدبيّة وقبلهما الإنسانية فسرعان
ما تتحول العلاقة بينه وبين ضيوفه ممن يحاورهم في لقاءاته إلى صداقات متينة أوسع نطاقا
من مجرد علاقة الأعلامي بضيوفه.وهذا راجع بطبيعة الحال للميول الإنساني ولغلبة الطبيعة
الاجتماعية السمحة التي يتصف بها الدكتور جمال حمّاد.
وقبل أن نلج الحوار فلكم أعزائي القراء
التعرف عن كثب على مقتضب من سيرة حياة ضيفنا الكريم ليتسنى لكم التعرف عن بعض التفاصيل
التي نتمنى أن تكون بداية رائعة للكشف عن تفاصيل أخرى يكشف عنها حوارنا هذا معه.
سيرة حياة ضيفنا الدكتور جمال حماد في سطور:
تخرج في دار العلوم حصل على الليسانس في
اللغة العربية والعلوم الإسلامية .1982م
وكلية الإعلام حصل على دبلوم الدراسات الإعلامية
.1989م
وكلية الألسن وحصل على درجتي الماجستير
والدكتوراه في اللغة العربية .2002م
كان يكتب القصة القصيرة حتى نهاية القرن
العشرين .
أعد وقدم وأخرج العديد من البرامج الإذاعية
.
له دراسات في :
- الشعر في القرن السابع الهجري [الشعر الديني في
كتاب الطالع السعيد للأدفوي 2004م].
- الشعر في القرن العاشر الهجري[اتجاهات الشعر الديني
في القرن العاشر الهجري : ديوان اللواح الخروصي نموذجا 2005م] .
- النقائض اليثربية بين ابن رواحة وابن الخطيم
(2010م )
- البناء السردي في قصص منى الشافعي (مؤتمر جواثى
بالسعودية 2012م)
- السرد التاريخي في أيام العرب : يوم بعاث نموذجا
(2013م )
- كتاب تعريفي بالشاعر الدكتور عبد العزيز خوجة
.
- كتاب أشكال السرد في التراث النثري العربي
.2010م نفد
- أشكال الفن الروائي في التراث الحكائي العربي
.2011م نفد
- النثر الفني عند العرب .2009 ، 2012، 2016 ثلاث
طبعات .
- شعراء في محراب النبوة ( قيد الإعداد)
- معجم شعراء الصحابة (قيد الإعداد).
وعلى بركة الله نرحب بضيفنا الكريم ونسأل
الله تعالى أن تكون اسئلتنا خفيفة على قلبه فنقول :
س1: بين الأدب والإعلام علاقة تقع على عاتق
الأعلامي المثقف مسؤولية تحديدها من حيث العمق أو السطحيّة .. فهل ترى بأن مستوى إعلامنا
العربي بشكل عام ، قد أدرك حقيقة هذه المسؤولية ، وعمل على توطيد علاقته مع الأدب بما
يتلائم وطموح الأديب العربي الملتزم في إحياء تراث الأمة من جانب وفي بناء الشخصيّة
العربيّة الأدبية الناشئة من جانب آخر؟
• كم هو رائع وراقٍ أن ألتقي بمجلتكم الغرّاء والتي
أحسبني حرفًا من حروفها .. ولا شكّ أن شخصية الأديب القديم –في تراثنا العربي العريق
- لا تنفصل عن شخصيتين : الإعلامي والمعلّم ؛ فالثلاثة ناقلون للفكر والمعرفة والعلم
، وتتفاوت الشخصيات الثلاثة فيما بينها في تقديم المعرفة والرؤية . فالأديب مبدع يكتشف
الحياة من حوله ويقدم تصوّره لما يراه ، ويأتي إسهام الإعلامي (وهو الراوي القديم)
فينقل التجربة الإبداعية ، وبعد أن تشيع التجربة ، يظهر المعلّم بوقاره وعلمه ومعرفته
ليقدّم لطلابه جماليات الإبداع . فالعملية الإبداعية هي المصدر ، والإعلامي هو الناقل
والموصّل الأمين .. وهي علاقة وثيقة بين مبدع الفن وناقله ، وكلاهما يتمتّعان بمصداقية
عند المتلقّي الذي يستمتع بمادة أدبية إعلامية متميزة . ومن المؤكّد أن سعى الإعلام
وقت ازدهاره إلى أعلام الإبداع العربي شعرًا ورواية ومسرحًا وتشكيلا .. فتعرّف المتلقي
على كتابات كبار المبدعين المؤسسين في القرن العشرين أمثال العقاد وطه حسين وأحمد شوقي
وحافظ إبراهيم ، ومن العراق جميل صدقي الزهاوي ومعروف الرصافي والجواهري ، وفي تونس
العلامة المضيئة في الشعر العربي أبو القاسم الشابي ، وكل أولئك عبر الصحافة أو الإذاعة
، ومنهم من أدرك وجود التقنيات الحديثة فشاهدنا العقاد وطه حسين عبر التليفزيون . ومع
مضي الأيام تخصص الإعلام فكان هناك الإعلام الثقافي الذي حمل على عاتقه مهمة التنوير
والتطوير ؛ ليظهر أثره الرائع في تطوير الحياة الاجتماعية والثقافية ، فاهتمت وسائل
الإعلام بالنابهين من شباب المبدعين ورأينا النقّاد الذين سايروا الحركة الإبداعية
الجديدة في فترة التحولات السياسية والاجتماعية والثقافية ، فظهرت أسماء لمعت نجومًا
أضاءت سماء الأدب والفن والفكر ، وتابعها العلماء والمفكرون وكبار المثقفين ، ولاقت
إبداعاتهم إعجاب الباحثين والنقاد والناس أجمعين . هنا كانت حركة إبداعية واكبتها حركة
إعلامية متميزة ، استطاعت أن تنهض بمجتمعات قادرة على التحوّل والتطوّر . كما استطاع
الإعلام الثقافي أن يعيد تقديم التراث العربي القديم وأن يستعيد النماذج الممتازة من
أعلام الفكر العربي قديمًا ومعاصرًا .
س2: من المتعارف عليه بكلّ دول العالم المتقدمة
التي تسعى لتطور ثقافي ما بأنّها تسعى إلى تطور إعلامي مسبق من حيث الاهتمام بشريحة
الإعلاميين من خلال تهيئة فرص التطوير في كلّ المجالات التي تخدم هذا الهدف . ما نلاحظه
اليوم وبعد خصخصة الأعلام .. في دولنا العربيّة وللأسف بروز حالة الإعلام التجاري غير
الهادف إن صح التعبير على الأعلام الموجه الملتزم . ما رأيك كإعلامي ملتزم بما ذكرناه
وماهي نتائج هذه الحالة على بناء الجيل الجديد في الوطن العربي ... وهل من سبيل لتعديل
ماتم تخريبه من خلال الإعلام التجاري أو إدراك ماتبقى؟
• السؤال شائك جدّا ومثير للغاية ... لمّا تقدّمت
أمتنا العربية بخطًى مميزة نحو التقدم ، معتمدة على أفضل التقنيات العالمية وأفضل العناصر
المؤهّلة لتقديم خدمات إعلامية متميزة في كل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية
وبطبيعة الحال استفادت بلادنا العربية بعضها من بعض في الاستعانة بالخبرات العربية
في المجالات الإعلامية . ومع وجود الفضائيات التي كانت لها سطوتها الإعلامية ونجاحها
في تقديم خدمات إعلامية عجزت عنها وسائل الإعلام الحكومية ، بسبب التعنت الوظيفي أو
وجود خبرات جديدة تأخذ بأسباب التطور العالمي ، أو وجود موارد لا تستطيع وسائل الإعلام
الحكومية مجاراتها ، مما قرّب الوسائل التجارية من المتلقين للمواد الإعلامية الجديدة
التي استطاعت أن توجد لنفسها مساحات شاسعة ورهيبة جدا أكبر بكثير مما يتاح للوسائل
الحكومية . ولا أظن أننا كإعلاميين نتعامل مع وسائلنا الحكومية في حرب مع الإعلام الفضائي
التجاري ، فالمتلقي يختار ما يريده وما يجد نفسه فيه ، ولكن علينا أن نطوّر من أدواتنا
التقنية والتدريب عليها ، وتطوير القائم بالاتصال حتى يتصدّى بمهارة ومهنية لما يتعرض
له من الفضائيات . على أن العاملين بالإعلام الحكومي قد هربوا إلى الفضائيات لأسباب
الماديات والتطور الإداري الذي يتمتع به الإعلام التجاري حيث يصل راتب مقدم البرامج
في الشهر إلى مليون جنيه أو أكثر . وقد ترتّب على ذلك وعلى عوامل أخرى كثيرة ، اختيار
البسطاء من الأميين إلى فضائيات صنعت منهم السلبيين والكسالى ووالمتخلفين علاوة على
استغلال الفضائيات لترويج الشائعات والأفكار الهدّامة وتبني التطرف والإرهاب ، والخروج
على نظام الدولة ، وكل هذا من صنائع الغربيين والشواذ منهم في تجريف العقول ومنعها
التطوّر والتقدم والرقي . على أن هناك آمالا تسطيع أن تتحقق بفضل التمسك بالقيم النبيلة
التي زرعها فينا أسلافنا من المبدعين وأهل الفكر والدين .. كما يجب أن يكون هناك ميثاق
شرف إعلامي تسير عليه كل وسائل الإعلام العربية والعالمية .. حيث أكّدت نظرة المسلمين
والعرب – على سبيل المثال – أنّ هناك أخطارًا كثيرة يضعها أصحاب النفوذ الغربيون كعقبات
كؤود في طريق العرب والمسلمين ، وكان منها السكوت على التطرف والإرهابيين ، وهاهم أولاء
يتجرعون سمّ التطرف الذي يلاحقهم بالويلات والانفجارات ... إذًا فلابد التمسك بالقيم
النبيلة العربية التي انتقلت بالهجرات إلى العالم ، ولها أصولها الثابتة في بلادنا
، ولا بد من ميثاق شرف إعلامي نلتزم به جميعًا نحن القائمين على وسائل الإعلام
.
وممّا يضاف إلى ما سبق امتهان غير المؤهّلين
للعمل بالإعلام من الممثلين ولاعبي كرة القدم وبعض الصحافيين الذين لم يتأهلوا – أصلا
– في الصحف لكي يقدّموا لنا إبداعاتهم من برامج استفزازية ، أو حوارات لمصادرهم الذين
يحصلون على المكافآت المالية ليكونوا في خدمة مقدمي البرامج في الخدمات التجارية ،
ناهيك عن الإعلانات التجارية وأصحاب رءوس الأموال الذين يتصارعون فيما بينهم لفرض السيطرة
، أو بسط النفوذ ... وما أكثرهم ... وكل هؤلاء يجب تحجيمهم من خلال بلادهم وقوانين
تُسنّ لمنع تسرّبهم إلى وسائل الإعلام .. علاوة على تشجيع بعض المحطات التليفزيونية
للمعارضين الأفاقين وليس المعارضين الشرفاء ، وهناك أصحاب الأفكار المتطرفة ، وأصحاب
الفكر الشاذ ، وهم كثيرون على الشاشات العربية ...
س3: هل تعتقد بأن عدد مستمعي البرامج الثقافية
عددٌ كافٍ لترويج الحدث الثقافي في بلد من بلداننا العربية .. مع العلم بأن جمهور البرامج
الإذاعية لم يعد كسابقه بوجود الإنترنيت والبرامج التلفزيونية ، وغير ذلك من وسائل
أخرى؟ وكيف بالإمكان إعادة الحياة والانتشار لبرامجنا الإذاعية تحت وطأة هذه الهجمة
العنيفة من الإعلام الهامشي غير الممنهج لوسائل إعلام كثيرة غير مسؤولة؟
• إن البرامج الثقافية لها مكانتها على أي خريطة برامج
إعلامية في الوسائل الحكومية ، ولكنّها غير موجودة أو نادرة الوجود في المحطات الفضائية
التجارية ... أمّا وجود وسائل الاتصال الحديثة ذات التقنيات الإلكترونية كالإنتر نت
، ومواقع التواصل الاجتماعي كالفيس بوك والتويتر والواتس آب ، فهي كلها أحدثت طفرة
هائلة في خدمة متلقي وسائل الإعلام ، وأصبحت حرية الاختيار كبيرة جدًّا لكل متلقٍ للخبر
والقصيدة والقصة والصورة : متحركة أو ثابتة ، ولكل شيء ... وهذا لم يكن متاحًا قبيل
ذلك على الرغم من وجود تقنيات القنوات الفضائية ، التي أذهلت الدنيا جميعًا وقت ظهورها
... وليس عجيبًا أن اعتمدت وسائل الإعلام الحكومية والتجارية على هذه الوسائط الجديدة
، بل تفاعلت معها وكانت أداة للتطور ودفع عجلة تطورها ، فأصبح الانتقاء منها كثيرًا
والاعتماد على المبدعين في مواقع التواصل الاجتماعي كمصادر إعلامية متميزة ، وأصبح
من السهل نقل الرسائل الإعلامية المتنوعة سهلا ويسيرًا إلى المحطات الإذاعية المسموعة
والمرئية ، بالإضافة إلى الصحافة .. ومن نافلة القول : هناك مواقع تضم مجموعات من المبدعين
يتواصلون فيما بينهم ، فصارت تقام الأمسيات الشعرية (مسموعة ومرئية) ، والندوات الفكرية
، والمناقشات العامة .. وأعترف بأن أغلب مصادري الإعلامية من أصدقائي في الفيس بوك
والواتس أب ، وقد امتلأت حافظتي بالأفاضل فقط من المبدعين والمفكرين وكبار المثقفين
العرب في الوطن أو خارجه .. وقد أسعد كثيرًا بأعلام منهم لهم مكانتهم في الحياة الثقافية
العربية وبناجاتهم التي أقرأها أو أقرأ عنها ... ووفروا جميعًا معلومات أفدت منها وأفادوا
جمهور صوت العرب تحديدًا ...
س4: هل تتيح حريّة الإعلام للعاملين فيه
أو المخططين له طمس الهوية العربية لبرامجنا .. وكيف يمكن تجاهل هذا الغزو الأوروبي
حتى لأسماء البرامج وطرق تقديمها وأخلاقيات القائمين عليها . وهل يمكن لأي سبب من الأسباب
أن يتحول الإعلام العربي إلى مسرح هزيل للدمى تحركه خيوط خفيّة ذات مآرب مريضة الأهداف
؟ وهل هناك من يشعر بهذا الخطر الفادح من الإعلاميين الملتزمين ويسعون جديا في التصدي
الفعلي والمواجهة؟
• إنّ الإعلامي الحقيقي متدرّب على الأداء وطرق التحاور
بأدب واحترام ، وهو كذلك ملتزم جدًّا بقوانين الإعلام التي ينتمي إليها ... أمّا قانون
الفضائيات ففيه حرية في التعامل مع الموضوعات ، ولكنها حرية شبه ملتزمة ، وكثيرًا ما
يخرج مقدمو البرامج على النظم والتقاليد والأعراف ، فتلاحقهم العدالة وتطالبهم بالتزام
جادة الطريق ، أو التهديد بالسجن .. وهناك إعلاميون من الهواة دخلوا السجن بسبب خروجهم
على النظام العام ، وعدم احتراف الأصول والأعراف ، ومنهم من يتم استبعاده بسبب الانتقاد
الجارح الذي يتم توجيهه لمقدم البرنامج ... ولا أظن أن الإعلام العربي أن يتحول إلى
الاستسلام للتدهور وأن تلعب به أيدي خفية طالما الأصول مرعية ، والخطط موضوعة بشكل
يتفق وطبيعة النظام السياسي السائد ..
س5: صوت العرب من القاهرة .. من المؤكد
بأنّها تمثل للدكتور جمال حمّاد الكثير أولا لأنها الإذاعة الأعرق والأعمق بتاريخ الأعلام
المصري أوالعربي وثانيا لأنها مازالت تسير على ذات النهج القومي العروبي الذي نشأت
عليه وترعرعت فيه وأخذت به موقع الصدارة هل للدكتور جمال حماد أن يصف لنا طبيعة علاقته
بصوت العرب من القاهرة ؟
• جمال حمّاد تلميذ تربّى على صوت العرب منذ طفولته
، وكان أبي – رحمه الله – في عام 1963م قد اشترى لي جهاز راديو وأنا في الرابعة من
عمري لاستمع إلى صوت العرب ، واستمر الأمر حتى بعد أن اشترينا التليفزيون والفيديو
، وصارت صوت العرب هي المدرسة التي تلقنت منها حب العروبة وكنت في طفولتي أحفظ أسماء
البلاد العربية وعواصمها وأهم مدنها وشكل العلم واسم الرئيس أو الملك .. ومن صوت العرب
استمعت إلى أصوات كبار المبدعين والمفكرين ، وكنت أعشق سماع نشرة الأخبار والأغنيات
الوطنية بأصوات المطربين العرب ... ولمّا التحقت بالخدمة الإذاعية كنت بعيدا عن صوت
العرب ، كنت في إذاعة البرنامج العام وتدربت فيه جيدا على أيدي أعلام الإذاعة ثم انتقلت
إلى البرامج الثقافية وفيها كانت انطلاقاتي الإذاعية قدمت كل الأشكال الإذاعية ، وكل
أنواع المضمون ، والتحقت بكلية الإعلام وحصلت على دبلوم عال في الإعلام قسم الراديو
، كما درست الإخراج وكتابة السيناريو والمونتاج ، وعملت كثيرًا واستفدت كثيرًا من خبرات
متميزة من الإعلاميين الكبار ... والتقيت بكبار الكتّاب المصريين والعرب أمثال توفيق
الحكيم ونجيب محفوظ ويوسف إدريس من مصر ، وحنا مينة ونبيل سليمان من سوريا، وخليفة
الوقيان وسليمان الشطي وليلى العثمان من الكويت ، ومن العراق مالك المطلبي ومحسن الموسوي
ومحمود النجار وعلاء الأديب ومن تونس الشاعر المنصف المزغني وعفاف السمعلي وعبد الحكيم
الربيعي ولميا عمر عياد ، ومن الجزائر عز الدين ميهوبي وحبيبة محمدي والقائمة طويلة
.. قدمت برامجي ، أعددتها ، وأخرجتها ، كتبت الحديث المباشر ، وأعددت الحوارات والندوات
، كتبت الدراما وأخرجتها ، كما شاركت في إعداد وتقديم كثير من البرامج ... لا يصدقني
أحد حين أقول قدّمت أكثر من مائة عنوان برنامج من خلال أكثير من ثلاثين عامًا ، وكلها
برامج يومية أو أسبوعية أو كل شهر أو في المناسبات ... تاريخ طويل عشت فيه مع النماذج
الفنية والأدبية والسياسية المصرية والعربية داخل الوطن العربي أو المهاجرين...
س6:ربّما يعرف الكثيرون جمال حمّاد إعلاميّا
ملتزما .. ويجهلون العديد من جوانب الشخصيّة التي يتميّز بها .. لنفتح كتابك أمام محبيك
ولنقرأ مايقوله لنا عن جمال حمّاد الإنسان أولا والأديب ثانيا وربّ الأسرة ثالثا ،
وأخيرا وهو الأهم عن جمال حمّاد العربيّ العروبيّ الذي يعتزّ بعربيته وعروبته وعنه
مصريّا يفتخر بوطنيته وبانتمائه.
• جمال حماد إنسان بسيط جدا ، ويحب الحياة ، وعاشق
لأمته العربية وأبطالها ومبدعيها ومفكريها ، فأنا من مواليد الكويت وأبي من جنوبي مصر
وأمي من الدلتا ، ومن خلال القراءة جبت كلّ الأقطار العربية مستمتعًا بتاريخ عبقري
وبفنون جميلة ، وإنسانية عربية عظيمة وعريقة لا أراها في حيوات الغرب.. تخرجت في كلية
دار العلوم جامعة القاهرة ، وحصلت على ليسانس اللغة العربية والعلوم الإسلامية ، وحصلت
على دبلوم الدراسات الإعلامية من كلية الإعلام جامعة القاهرة ، وحصلت على درجتي الماجستير
والدكتوراه من كلية الألسن جامعة عين شمس .. وأعدد العديد من الدراسات في تاريخ الأدب
والنقد الأدبي ، وكتابة الدراما الإذاعية، وبرامج للتليفزيون ، وشاركت في كثير من المؤتمرات
والندوات في مصر والكويت والجزائر والسعودية والأردن والإمارات العربية المتحدة ..
شاركت في مناقشة الرسائل الجامعية ومراجعتها والحكم على العديد من المؤلفات ، واشتركت
في تأسيس العديد من الصالونات الثقافية ... حياة جميلة فعلا أن نلتقي بالناس ونستمع
إليهم ونبادلهم السلام والمحبة .. وقدمت للمكتبة العربية مجموعة من الدراسات العلمية
في مجال تاريخ الأدب العربي ، والنقد والنحو ، وشاركت في إعداد الكثير من المعاجم ودوائر
المعارف المتنوعة .. وأنا ربّ أسرتي وفيها زوجتي ودرّتان اقتسمتا مني عقلي وقلبي وتخصصي
في اللغة العربية والإعلام ، وأنا سعيد جدا بأسرتي وهن صديقاتي ... وأخيرًا أنا مصري
حقيقي يحب وطنه العربي ويتعصب له كثيرًا فقد انكببت منذ فترة طويلة على قراءة التاريخ
العربي والإسلامي ونهلت من كل عصوره الزاهية وتعمدّت أن أعتمد على أمهات الكتب ، والدواوين
لكبار الشعراء ، والمصادر التي دونها المفكرون العربي بأقلامهم عن تاريخ الفكر العربي
، أحببت العراق صغيرًا وزاد إعجابي بها كبيرًا بعد أن عرفت أن أصول الثقافة العربية
تمت زراعتها في العراق ، فنحن نعرف النحو بصريًّا وكوفيًّا ، ومن العراق كان رجلا الفقه
وصاحبا المذهبين أبا حنيفة وابن حنبل ، ومسجد المستنصرية العريق ، ومن العراق كانت
خزانة الأدب والفقه والفكر والثقافة العربية ، ثم تطور الشعر على أيدي الشعراء في العراق
أيام الخلافة العباسية ،.. ومن الشام انتطلقت مشاعل السياسة العربية .. ومن تونس أرض
الحضارة العربية العريقة وقرطاج الشاهد على عراقة حضارية ، ومن القيروان انطلقت مشاعل
التنوير والفن والجمال ، ومن تونس جاءت الدولة الفاطمية ، ومنها انطلقت الصوفية بأبي
الحسن الشاذلي ، وزار مصر ابن خلدون الذي كتب أكبر كتب التاريخ العربي ، أعلام الجمال
والإنسانية والشعر الأندلسي وموشحاته والمالوف وجمالياته ، والمسرح التونسي عبقري متميز
.. وفي الخليج العربي والجزيرة العربية التي انطلقت منها شرارات الفن العربي العريق
والشعر كان ميلاده هناك ولا ننسى عزّنا بالإسلام الذي كان مهده مكة المكرمة وانطلق
من المدينة المنور ليضيء دياجير الدنيا بالهدى ودين الحق ، ولنا في المغرب والجزائر
أساطين التواصل الحديث مع الفكر الغربي الذين قدموا لنا نظريات العرب في النقد والتطور
الفني في الأدب والنقد بمشاركات عراقية وتونسية ومصرية وسعودية ... إنه عالم عريق جدا
ولا يمكن الاستهانة به ، والحمد لله أن خلقني عربيا .. ومصريّا متمتعًا بثقافتين ،
ثقافة التاريخ المصري القديم ، وثقافة التاريخ العربي القديم والحديث
.
س7:احتفلنا قبل أيام بكم يعد حصولكم على
تكريم غاية بالأهميّة ألا وهو تكريمكم بمناسبة اليوم العالمي للغة العربيّة . من قبل
مؤسسسة عبد القادر الحسيني تلك المؤسسة العربيّة العريقة.. ونظرا لما لهذا التكريم
من أهمية في مسيرة الدكتور جمال حمّاد الإعلاميّة والأدبيّة فلا بدّ من الوقوف عنده
. وهنا نحب أن نعرف المعطيّات والأسباب التي دفعت هذه المؤسسة العريقة لتكريمكم بهذا
التكريم المييز هل كان لدوركم الإعلامي في مواكبة الحدث الثقافي لمساحات واسعة من الوطن
الكبير أم كان لدوركم الثقافي والأدبي تجاه اللغة وترسيخ مبادئ حب اللغة والدعوة لحفظها
وصيانتها من خلال أعمالكم الأدبيّة . أم لكلا الأمرين معا؟
• إن تكريم مؤسسة الحسيني لي بمناسبة الاحتفال باليوم
العالمي للغة العربية ، وأنا أحتفل باللغة العربية في كل لحظة أعيشها ، فهي واقعي ،
وهي أحلامي ؛ فليس من المعقول أن نحلم – نحن العرب- بلغة غير لغة عربية ، هذه مزحة
طبعا .. فأحلامنا عربية وطموحاتنا عربية كذلك.
وماهي طبيعة حديثكم الذي دار أثناء حفل
التكريم عن هذه المناسبة ؟
• كان ضمن الحضور وفد من العراق والجزائر وفلسطين
والسودان وكنت سعيدًا جدا بالموجودين ، وطرحت فكرة أصول الثقافة العربية في أحضان العراق
وهذا ثابت من خلال النتاجات الفكرية العربية العراقية ، فأغلب الدارسين ينتسبون إلى
بغداد فيقال البغدادي ... مثل كتاب خزانة الأدب للخطيب البغدادي ، وشعر الشعراء في
بغداد وفي خلفاء الدولة العباسية . بالإضافة إلى الدراسات التي قدّمها المستشرقون عن
الكتابات العربية القديمة وخصّوا بالذكر كل المؤلفين العراقيين .. ثم عرّجت للحديث
عن الجزائر بلد المليون شهيد ، وفلسطين الحبيبة والسودان الجار الطيب لمصر ، وتحدثت
عن اللهجة وتوخي الحرص من مقدم البرنامج في حواره مع العرب ، وخصوصًا صوت الجيم فهي
تختلف من بلد لبلد ، قد لاقت استحسان علماء اللغة الحاضرين في ندوة المؤسسة ، وصفق
الجميع بحرارة ، لدرجة أن مديرة الندوة قالت : كنت أظن الدكتور جمال حماد إعلاميا مجيدا
وناقدا رائعا ، وأكتشف أنه لغوي حاذق ومتفهم لأصول العربية ، وبعدها منحوني التذكار
الذي تعرفونه ونشرت صورته في مجلتكم.
س8:تفاعل الدكتور جمال حمّاد كثيرا مع المشهد
الأدبي في الكثير من الدول العربيّة ولقد أضاف من خلال عمله بإذاعة صوت العرب من القاهرة
الكثير من اللمسات الجميلة الرائدة على منجزات الساحة الأدبيّة حيث يعدّ تسليط الضوء
إعلاميا على المشهد الثقافي لأي بلد عربي إضافة إيجابيّة كبرى لايمكن نكرانها أو تجاوزها.
ومن خلال كلّ هذا نود أن نطرح على الدكتور
جمال حمّاد سؤالا حول تقييّمه الشخصي من خلال عمل عام كامل وهو عام 2015 عن أهم ما
سلط عليه الضوء من المشاهد الأدبيّة المتعددّة وفقا لمعطيّات التقييم الثقافي الفعلي
.وعن أهم المؤسسات الثقافية التي أدت دورا حقيقيا في خدمة الثقافة والأدب العربيين.
• السؤال صعب جدا كسابقيه ، فأنا أعمل منذ أول يوم
في العام ، ونستمر حتى آخر يوم في العام والراحة الوحيدة تكمن في آخر ليل في السنة
، أنام وأستريح لنبدأ الكفاح أول يوم في العام الجديد ، وطوال هذه الأيام نخطط وندير
، ونبتكر ، ونعيد ، ونعدّ ، ونتفاوض طوال العام هذه هي طبيعة العمل في صوت العرب
... بالنسبة لي كنت سعيدًا بمؤسستين ، إحداهما إلكترونية ، والأولى هي الشارقة عاصمة
الثقافة العربية التي قدمت أحداثا ثقافية كثيرة منها تأسيس بيوت الشعر في عمّان عاصمة
الأردن ، والشارقة ، والقيروان في تونس ، والأقصر في جنوبي مصر ، بالإضافة إلى معرض
الشارقة الدولي للكتاب الذي ظهر بمظهر عربي عالمي راقٍ .. ثم قدمت الشارقة من خلال
الهيئة العربية للمسرح وتقديم مهرجان مسرحي عربي متميز في القاهرة وهو المسرح الشعبي
بصوره المعروفة كالقراقوز وصندوق الدنيا وقدمت الهيئة أكثر من ثلاثين كتابا للمكتبة
العربية ... أمّا المؤسسة الثقافية الإلكترونية فهي البيت الثقافي العراقي التونسي
، وقدّم حراكا ثقافيا طوال العام بما يقدمه من ندوات وطروحات أدبية متنوعة ومعرض للكتاب
، ثم المسابقة الثقافية ، ومؤتمر علمي سيخرج على أرض الواقع في تونس خلال عام 2016م
.
س9: حان الآن موعد تسليط الضوء على الجنود
المجهولين الذين يعملون بالخفاء عن الأنظار خلف الدكتور جمال حماد وهو يبزغ مستمعيه
ببرامجه التي تتفاعل معها شريحة كبيرة من المستمعين على امتداد الوطن العربي الكبير
وخارجه. هؤلاء الجنود الذي نشعر بوجودهم ولا نراهم ونحس بجهودهم وهم مختفون لابدّ أن
نتعرف عليهم بأسمائهم وبأدوارهم لنقدم لهم شكرنا وتقديرنا واعتزازنا بهم ولنقول للتأريخ
بهم قولة الحق التي اعتدنا أن نقولها لكلّ من ترك لهذه الأمة يصمة من بصمات الإبداع
.فهل لنا اليوم من خلالكم التعرف عليهم وعلى طبيعة عمل كل منهم؟
• معي فريق عمل ، من أهم أعضائه مهندسو الصوت سواء
في استديو التسجيلات أو استديو التنفيذ ، ومخرجي الجميل الأستاذ أشرف نوير الذي يخرج
برنامج صباح الخير يا عرب ... بالمناسبة لي مصادري من المبدعين قد يقدمون لي مصادر
إعلامية ، ويقدمون لي النصح والإرشادات ، وبطبيعة الحال أسعد بهذا .. ولي كلمة قصيرة
، لا تنتهي علاقتي بمصدري الإعلامي عند الحوار ونهايته ، بل تبدأ معه علاقة صداقة لا
تنتهي ...
س10:نختتم لقاءنا الشيّق هذا مع علم من
أعلام إعلامنا العربي الهادف هذا اليوم بطلب من ضيفنا الكريم بأن يقول كلمة يحبّ أن
يوجهها لأحد ما لم تسنح له الظروف أو الفرصة سابقا أن يقولها له ليكون برنامجنا هذا
سبّاقا في إيصالها له ، وأن يكون قد حصل على سبق بها قبل غيره . فلمن يريد الدكتور
جمال حمّاد أن يقول مالم يقله وما يريد أن يقول.؟
• إلى صديقي الشاعر والمجاهد الثقافي الكبير الدكتور
علاء الأديب ، ولزوجته الأستاذة عفاف السمعلي ، أنتما بهجتان في الحياة الثقافية العربية
، جزاكما الله خير الجزاء لما تقدمانه للثقافة العربية ، عاش العراق ، وعاشت تونس فيكما
، وعاشت عروبتنا خالدة عريقة عظيمة ...
تحيّة تليق بكم ضيفنا الكريم
ولقرائنا الكرام بمجلة
معارج الفكر
ومجلة صدى بغداد
ومجلة البيت الثقافي العراقي التونسي
ومجلة رابطة أدباء المرفأ الأخير
وصحيفة الوطن الجزائري
وكافة المجلات و الصحف الصديقة
من عفاف السمعلي
تحية حب وتقدير
وإلى لقاء آخر مع علم آخر من اعلامنا الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق