بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 29 يناير 2016

العدد الأول لسنة 2016 ... حركات النمس ... بقلم : محمد فتحي المقداد






العدد الأول لسنة 2016

حركات النمس

بقلم : محمد فتحي المقداد




حركات النمس هذا اليوم كانت ملفتة، وهو يذهب ويعود إلى المفرزة، ما إن يدخل حتى يخرج بسرعة، يبدو التوتر على حركاته المثيرة، فاليوم هو سريع الخطوات، وكأنه على عجلة من أمره، كل قليل يمد يده لحكّ رأسه أو ذقنه، أثناء حديثه مع رامز أمام باب المفرزة، وانسحب ذلك على حاله أثناء المشي، التوتر بادٍ على وجهه، وكأن شيئاً ما غير مفهوم اكتست به خطوط وجهه، و تقطيب جبينه، وحركات عينيه السريعة المتكررة.
منذ أن سافرت أم فرج قبل ذلك بيومين أو ثلاثة، وماجد لم يستقر له رأي، أو يهنأ بلحظة إلا بعد أن تتصدق ظنونه وشكوكه، لأنه على يقين أن شيئاً ما سيحدث، هو اعتاد ذلك، وراح يردد فيما بينه وبين نفسه: سجّل عندك يا تاريخ..!!، مع حركة من حاجبيه علامة تعجبه، وهزّة من رأسه مع إمالته يميناً و يساراً.
لحسن الحظ أنه خلال هذه الساعة، لم يأت أحد من الزبائن إلى الدكان، فبقي جالساً أمام المحل، يرقبُ النمس، وكوّن فكرة، استدعت رسم خطة لكشف المستور، وهو الذي اعتاد ذلك، برهافة إحساسه، وفهمه العميق لما يدور حوله بطريقة مختلفة عن أقرانه من الأولاد، بينما بقي والده جالساً في الداخل، خلف طاولته الخشبية، يراجع دفاتر الحسابات، و الديون متأخرة الدفع، وهو بصدد إنشاء قائمة بالأسماء لتجديد مطالبتهم.
أضمر ماجد في نفسه الطلب من والده، أخذ إذن منه بُعيد الغروب بقليل، قبل موعد ذهابه مع أبيه إلى البيت عند إغلاق الدكان، للبحث عن أصدقائه المقربين(أنيس ومحمود)، قرر ذلك عند عودة النمس المفاجئة، وإشارة من يد رامز له، هزّ النمس رأسه علامة الإيجاب و الموافقة، و اللبيب من الإشارة يفهم، فهم النمس تنفيذ الأمر بحذافيره، كما أمره سيّده، وفهم ماجد شيئاً مغايراً سيكون الأثر الحاسم، في كشف المستور.
يقول ماجد لنفسه: أربعة مشاوير وهذا الخامس، لم يكن الأمر عبثاً، هذه هي المرة الأولى التي ألحظه فيها، بمثل ما هو فيه هذا اليوم، الآن .. الآن تأكدتُ أن شيئاً عظيماً سيحدث هذه الليلة، فلن أتوانى في الطلب من أبي الإذن لي بالمغادرة قبله، ولكن سأدبر حيلة، أختلق فيها حكاية لا قناع أبي، يا رب..!!، ماذا أفعل؟. أعصابي متوترة، لن أحتمل ساعة أخرى، أودّ لو أن أبي يبقى يراجع حساباته، لكي لا يرى توتري وقلقي، وأتعرض لأسئلته و استفساراته، لأجد نفسي في موقف لا أحسد عليه، لأجدني مضطر للكذب عليه، للخروج من الحالة، وصرف ذهنه و تشتيته إلى شيء آخر بعيد عن الموضوع الذي كان يتكلم به.


هناك تعليق واحد:

  1. سلمت أياديكم أستاذ علاء على هذا المجهود الرائع .. بم ايرفد الحراك الثقافي في الوطن العربي .. تحياتي

    ردحذف