بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 6 ديسمبر 2016

العدد 9 لسنة 2016 .. نخلتُهُ الحبيبة .. عبد الجبار فيّاض



العدد 9 لسنة 2016

نخلتُهُ الحبيبة

 عبد الجبار فيّاض




(إلى الإنسان العراقي الجنوبي الطيب الذي قال لي يوما أثناء الحرب العراقية الايرانية أن خبر استشهاد ولدي أهون عليّ من خبر استشهاد نخلتي . .!! )
تنحتُهُ
ينحتُها
إيقونةَ فيْضٍ في جيدِ شبعاد . . .
رحىً تدور
يجمعُ ألوانَ قزحٍ من لوحةِ شتاءٍ ماطرة
يكسوها حُبّاً . . .
هي زمنُهُ
تَنمو
يتناقصُ
لكنَّ عسلَها يفتتُ ذراتِ تعبِهِ المُلتصقِ بفروةِ رأسِه . . .
حبيبتُهُ
(الخَضرَة أمّ اللّيف)*
ذاتُ الاثداءِ الممتلئةِ غيْماً في حمّارةِ قيْظ . . .
لم يدرِ ذاتَ يوم
أنّ ما غرسَهُ إنْ هو إلآ هو !
لا انفصالَ بينَهُ وبينَ جذورٍ
توغلتْ في عمقِ عشقٍ
عمراً
يتدرّجُ جذعاً
طقوسَ سمرٍ في كانون
احتواءً
أكبرَ من كُلِّ الأسماء . . .
. . . . .
تذهبُ السّنونُ
كما الأمهاتِ
تبحثُ عن لحظاتٍ لا تُعَرّفُ
بلونِ حنينِ المُرضعاتِ
تفقدُهُ
قُبلةً على شفاهِ وداعٍ أخير . . .
يقفُ في ذهولٍ
يتحسّسُ جسدَهُ الباردَ
إنّهُ عَرَقُ احتضار . . .
لا يتشيّأُ إلآ قنطرةً
أو حشواً لتنّورٍ جائع . . .
لا تصفيقَ
ماتَتْ يَدُ السّعفِ
لم تعُدْ هناك صورةٌ يرسمُها موجُ نهرٍ
تلوّنتْ ضفتاهُ بأحزانِ عيونِ النّورس . . .
هاجرتْ رائحةُ الطّلعِ
لعلَّ بواّباتِ عشتارَ لم تُغلقْ بعدْ . . .
الظّلُ
يشربُهُ ضبابٌ
فقأَ عينَ الشّمس . . .
. . . . .
ذاتُ عَصْف ورصاصٍ
تبضّعتْ
من أسواقِ الموتِ بثمنِ سلخٍ مدفوعٍ سلفاً
إنَّهم يسرقون الموتَ لبيْعهِ في مكانٍ آخر . . .
مزادُهم السّرّي مُتخَمٌ بالبضائع
ليتَ ما كانَ لا يكون . . .
ديكُ شهرزادَ
يخشى أنْ يكونَ وليمةً لشهريار !
. . . . .
صرخةٌ
دمعةٌ
لا تُوقفُ دولابَ دنيا وقحةٍ
مُتبرجةٍ تبرّجَ مَنْ رَفعتْ على بابِها رايةً حمراء . . .
تغمضُ عينيْها
تخرجُ مُتَجرّدةً
مُقبلةً
مُدبرةً
من دارةِ جُلجُل !
. . . . .
ليس هناكَ إلآ جذاذاتٌ من رثاء . . .
يمتطي جنوناً
او يَمتطيهِ جنونٌ
اثنان
هو
وعشقُهُ
يبتعدان عن ثرثرةِ تعليلٍ مُتَفحّم . . .
. . . . .
أيُّها المُتشظّي في شِعابِ رئتي
في داخلي صوتُ فجرٍ
يختنق
سالَ دخانٌ حتى امتلأتْ أكوابَ الشّاي
تثاءب النّومُ على وسادةِ ألمٍ لا ينام . . .
لعنةُ الجُمّار
لا يردُّها مِدفعٌ لقيط
انجبتْهُ جهنمُ في ليلةِ سوْءٍ
في بلدٍ مسعور . . .
. . . . .
أيُّها العابرون جسرَ الموت
خذوا هذا العشقَ
ادفنوهُ بلا شاهدة
الأسماءُ العاشقةُ
يخجلُها أنْ تُقرأَ . . .
أنا باقٍ
أُرممُ عُشّاً لعصفورةٍ
تُريدُ أنْ تبيض . . .
حبيبتي
دفنتُها واقفةً بلا قبرٍ
كذلكَ أنا !
لا تجعلوا الوصيّةَ
تستدرُ عطفاً
لشدّ ما كرهتُ هذا الوجدَ المقلوب . . .
لا لقابيلَ أنْ يواري سوءَتي
العِشقُ وارى !!
. . . . .
عبد الجبار الفياض
8/8/2016

*
كان أهلنا ونحن صغار يُخيفوننا بهذه العبارة ، نحسبُها غولاً ولا ندري أنّها النخلة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق