مجلة المرفأ الأخير
العدد الأول لسنة 2019
أدباء منسيّون من بلادي ج2
ح3: الشاعر محمد حسين
المحتصر
التقديم
...........
ما
دعاني للبحث عن الشاعر محمد حسين المحتصر رحمه الله قصيدة قرأتها له في إحدى الصحف
العراقية إذ بان الحرب العراقيّة الإيرانية رثا بها ولده الشهيد م. أول (فلاح )
الذي استشهد في تلك الحرب .وقد ذكر الشاعر بهذه القصيدة جال ابنة الشهيد الصغيرة
التي تدعى (يمامة ) ولقد تركت تلك القصيدة في قلبي بالغ الأثر المحزن .
أذكر
من تلك القصيدة قوله:
يمامة
طفلتك الوسيمة
تلك
التي تركتها يتيمة
تبحث
في عيوننا عن الخبر
تسألنا
: أما أتى أبي فلاح في أجازة
نعم
أتانا يا ابنتي
لكنّه
جنازة
ولدى
بحثي عن هذا الشاعر بين مواقع الانترنيت وملفاته وجدتني أمام طود شامخ ومنارة من
منارات هذا الوطن .
وفي
رحاب قصر من قصوره المنيفة .وجدت أني أمام ابن مدينة ضجّت ومازالت تضجّ بالعلم
والمعرفة واللغة واشعر والأدب .مدينة لم تبخل على العراق بأبنائها الذين خطوا
بأيديهم سفرا من المجد العظيم كالجواهري وبحر العلوم ومحمد مهدي البصير ومحمد رضا الشبيبي وغيرهم.
ولكم
ما تمكنت من جمعه عن هذا العملاق الذب طوته صفحات النسيان علّني أعيد لسموّه بعض
الذكرى في ضمائر القراء الأعزاء . ومن الله التوفيق.
علاء
الأديب
تونس
27-8-2017- نابل
الأسم :
...........
هو محمد
حسين ابن العلامة الشيخ منصور الشهير بالمحتصر، أديب شاعر.
الولادة:
..........
ولد
في مدينة النجف عام 1920 ودرس على يدي أبيه والشيخ صالح نعمة مقدمات العلوم، ثم درس
الأصول والأدب علي السيد محمد جمال الهاشمي.
النشأة
........
نشأ
في أسرة دينية عربية قديمة في النجف فدرس الفقه وأصوله, ونحو اللغة العربية وآدابها,
ومنطق أرسطو وقواعده, ثم بدأ دراسته المدنية عام 1950 وأنهى مختلف مراحلها المطلوبة
بعد أن شارف على الخمسين.
الدراسة:
............
هاجر
إلي لبنان عام 1361 ه ثمّ عاد إلي النجف بعد أربع سنوات فانصرف إلي الدراسة الأکاديميّة
بخطوات سريعة ثمّ اشرف علي تحرير مجلّة العقيدة، ثم اختير مدرّساً في منتدي النشر،
وله کتبٌ عدّة في التاريخ والنقد والشعر ولم يتيسّر لنا الاطلاع علي ترجمته اللاحقة
بعد ذلك.
العمل:
ظل بلا عمل مدة من الزمن, ثم احترف مهنة الصحافة
فأصدر بالاشتراك مع زميل له مجلة أدبية اسمها (العقيدة), ثم عمل في مجلة أدبية أخرى
اسمها (النجف), وانتقل بعد ذلك إلى ميدان التعليم إلى أن تقاعد.
نشاطه الأدبي:
................
عضو
في عدد من الجمعيات الأدبية كجمعية منتدى النشر, والرابطة الأدبية, ورئيس لاتحاد الأدباء
في النجف.
شارك في الكثير من الحفلات العامة, والندوات الأدبية
في كل من النجف وبغداد والمربد وغيرها.
قافلة شعراء التنوير
...........................
كان
محمد حسين المحتصر احد من كوكبة شعراء التنوير
مع مصطفى جمال الدين وجميل حيدر ومرتضى
فرج الله وصالح الظالمي ومحمد صادق.
دواوينه الشعرية:
......................
الاغتراب
1981.
ابتسم
الإمام 2000.
يقول عبد الاله الصائغ
..............................
الشعر
عند المحتصر يأتي غالبا وكأنه جواب على سؤال
! في لغة جزلة وايقاع مدو بيد انه يلجأ الى المباشرة احيانا لتكون الفكرة بمساحة الجملة
الشعرية والنغمية معا ! في طقس شعري تدفعه حماسة شديدة للفكرة فهو معني بالبنائين الخارجي
الايقاعي والداخلي الدلالي ولم تكن الشعرية اشكالية عند المحتصر فان حضرت فاهلا بها
وان غابت فالعبرة بالمعنى وهكذا تكون الصورة الفنية مثل بدر مكتمل يظهر جليا مرة ويغيب
خلف غمام خفيف !! لكن هذا النحو من النهج الشعري يمتلك جمهورا كبيرا من الطبقة المتوسطة
فضلا عن ان المدرسة التقليدية ترى في هذا الضرب من الشعر تعزيزا للقصيدة العربية وهي
تعاني من عواصف وزمازم وقد يظن القاريء الكريم انني ميال لاعتداد شعر محمد حسين المحتصر
ضمن حقل الشعر المصنوع والناي به عن الشعر المطبوع وهذا نحو لم يدر بخلدي فالقصيدة
بعيدا عن الهنات الضئيلة مكتنزة تمتح من معين المحتصر دون ان تعثر على اصوات شعراء
كبار في شعره ولم يسلم رفاقه الشعراء الذين ذكرتهم من تهمة التاثر بالجواهري او بدوي
الجبل لكن المحتصر له خصوصيته وجل ما كان يسعى اليه هو الموازنة بين الايقاعين الدلالي
والجمالي وبعض من زملائه يعنى بالجمالي فوق ما يعنى بالدلالي جريا وراء قول القائل
المعاني مبذولة للقاصي والداني وانما العبرة بالنظم ( الصياغة ) وليس قولي حكما او
قرارا وانما هو قراءة قبل كل شيء ! 17 جون 2012
وفاته:
..........
توفي
الشاعر عام 2012.
نموذج من أشعاره
......................
النجف
من حنايا
التأريخ من ألق الما ضي ومن ذلك الزمان الوقورِ
من رمال
الصحراء في النجف الأشـ ـرَفِ من كل ما بها من عبير
من شيوخٍ
على الكتاب وفي الـ محرابِ عاشت مقوسات الظهور
نجفيٌّ
أنا.. وحسبيَ فخرًا حين أُنْمَى لمثل تلك الجذور
وَبرٌ
جبَّتي, وزاديَ من حقـ ـلي ومائي استقيتُهُ من غديري
وبرٌ
حُكْتها بكفّيَ أغلى هي عندي من ألف ثوبٍ حرير
امرؤ
القيس صاحبي حين أصحو وزهيرٌ إذا سكرْتُ سميري
وكتابي
نهج البلاغة والقُر آنُ ياما قد همْت بين السطور
ذاك
أصْلي الذي انتسبت إليه وإذا ما انتهيت فهو مصيري
نجفيٌّ
أنا.. وشعريَ مثلي نجفيُّ الأداء والتعبير
هذه
الرملة التي أرضعتْني زوّدَتْني من خيرها بالكثير
كل درب
فيها يذكّرني الآ نَ بما شعَّ فوقها من نور
ألفُ
علاَّمةٍ تألّق فيها وازدهتْ يومها بألف جرير
هي والشعر
مثلما يطلب الظا مِئُ في القيظ جرعةً من نمير
شرطها
أن يكون شعراً وإلا طرحَتْه مع الهُراء الكثير
اعطني
الشعر إنني عربيٌّ أفهَمُ الشعر دونما تنظير
أفهم
الشعر لوعةً من معنَّى يتلظَّى, ودمعةً من فقير
أفهم
الشعر حين يمْلكني الشعـ ـرُ وينساب في دمي وشعوري
هو إما
عشقتُ تكويرة النهْـ ـدِ بعيني, وطعْمُ رشْف الثغور
إنه
رعشة الفؤاد مع اللقْـ ـيا وفي البعد جذوةٌ من سعير
وهْو
إما فقدتُ يوماً عزيزاً ظَلّ حولي يدور بين القبور
وإذا
ماسكرتُ كان نديمي وإذا ما غضبتُ كان نصيري
صفعة
الشعر ما تزال إلى الآ ن تدوّي على قفا كافور
خَلِّ
عنك التنظير قال فلانٌ وهْو في النقد في المقام الخطير
عجز
الكحلُ أن يضيف احورارًا وجمالاً إلى العيون العُور
رحم الله شاعرنا
الخالد محمد حسين المحتصر واسكنه فسيح جنانه
وإلى لقاء مع أديب
منسيّ اخر من أدباء العراق
استودعكم الله
علاء الأديب
تونس 27-8-2017 - نابل