بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 8 سبتمبر 2019

مجلة المرفأ الأخير العدد الثامن لسنة 2019 لوحة العدد الحقيقة العارية / للفنان جان ليون جيروم






مجلة المرفأ الأخير

العدد الثامن لسنة 2019

لوحة العدد

الحقيقة العارية / للفنان جان ليون جيروم






تجسد لوحة جيروم أسطورة قديمة جداً، تقول الأسطورة أن الحقيقة صادفت الكذب ذات يوم، والذي بادرها قائلاً:

- إن الطقس رائع وجميل هذا اليوم ما رأيكَ أن نتمشى معاً؟

نظرت الحقيقة إلى السماء وما حولها ولتقول له:

- الطقس جميل ورائع هذا اليوم هلم بنا..

وبينما كانا يتنزهان، وصلا إلى بئر كبيرة، مد الكذب يده للماء وقال للحقيقة:

- كم هي رائعة ودافئة مياه هذه البئر، ما رأيك أن نسبح معاً في مياهها الرائقة

شكَّت الحقيقة فيما يقوله الكذب ونظرت إليه بريبة، ولكن عندما وضعت يدها في الماء وشعرت بروعتها، وافقت على أن تسبح معه. وخلعا ثيابهما ونزلا الى الماء وباشرا بالسباحة معاً، غافل الكذب الحقيقة وخرج فجأة من البئر ولَبْس ثياب الحقيقة وغادر المكان يعدو مسرها بخطاه نحو البعيد.

خرجت الحقيقة غاضبة من البئر بسبب عريها، وركضت وراءه تبحث عنه فى كل الأماكن والإتجاهاة فزعة، عسى أن تسترد ثوبها ولتستر عورتها، ولكن دون جدوى فقد هرب بعيداً تاركاً إياها في حيرة وعري وذهول

نظر البشر إلى عريها وأشاحوا بوجوههم عنها فى إستهجان مشمئز، وتملكهم الغضب من فعلتها الشنيعة، أما الحقيقة المسكينة، فقد عادت إلى البئر بخطى مرتبكة يلفها الغضب واليأس والقنوط، لتستقر فيه وتختفي من فرط خجلها وإلى الأبد.

وبقيَّ الكذب منذ ذاك الزمن الغابر يختال بمشيته على الأرض بلباس الحقيقة، فكل الناس لا تريد رؤية الحقيقة المجردة وهي عارية، لأنها بعريها تخالف مفاهيم وعادات وموروثات بالية توارثوها منذ الأزل وباتت لدى بني الإنسان قوانين غير مكتوبة، ومنذ ذلك الحين أيضاً، يسافر الكذب متنقلاً يطوف حول العالم مرتدياً لباس الحقيقة، بينما لايزال البشر مصرين على رفضهم رؤية الحقيقة العارية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق