العدد 10 لسنة 2016
النصب على التقريب ..بين الكوفييّن والبصرييّن
تقديم : علاء الأديب
ورد في لغة العرب وخاصة الكوفيين إعمال اسم الإشارة عمل
كان واخواتها في الجملة الأسميّة.
فمثلا : هذه الشمسُ مشرقةً
وهنا تكون الشمس إسما للتقريب مرفوعا .
ومشرقةً خبرا للتقريب منصوبا .
وقد وردت مثل هذه الجمل في القرآن الكريم بكثرة..
مثلا: وهذا صراط ربّك مستقيما.
ومن الجدير بالذكر بأنّ إعمال اسم الإشارة عمل (كان واخواتها )عند الكوفيين مشروط بشروط محدّدة..وهي:
1.هو أن يكون الإسم الواقع بعد اسم الإشارة لاثاني له في الوجود
كالشمس والقمر وما أشبه ذلك .
2.أن يكون اسم الإشارة دخوله كخروجه في أن الجملة
الإسمية تامة بالمرفوع بعده والمنصوب مثل : من كان من الناس سعيدا فهذا الصياد
شقياً وهو قولك : فالصياد شقيُّ فتحذف " هذا " وهو بمعناه .
3. ألاّ يتقدم اسم التقريب على اسم الإشارة فلا يصح أن
يقال : الشمس هذه طالعةً بنصب طالعة على التقريب .
4.ألاّ يتقدم الخبر على اسم الإشارة فلا يصح أن يقال :
شقيا هذا الصياد لأن من قواعد الكوفيين عدم جواز تقدم الحال على عاملها إن كان
صاحبها اسما ظاهراً : لأنه يؤدي إلى تقدم المضمر على المُظهِربسبب العائد ويجيزون
تقدمها إن كان صاحبها ضميراً وهذه من مسائل الخلاف التي ناقشها ابن الأنباري .
التقريب وضمير الفصل :
..............................
الكوفيون يمنعون الجمع بين التقريب وضمير الفصل فلايصح
عندهم أن يقال : هذا هو زيدٌ قائماً بنصب قائما وإنما يقال : هذا هو زيدٌقائمٌ
"بالرفع "
توسيط الخبر :
......................
أما توسيط الخبرفقد اختلفوا فيه فأجازه الكسائي ومنعه
الفّراء والمجيز يستدل بقول حسان رضي الله عنه :
أترضى بأنّا لم تجف دماؤنا ..... وهذا عروساً باليمامة
خالدٌ
إذ نصب عروسا خبرا للتقريب ورفع خالداً اسما للتقريب .
تقديم معمول الخبر عليه :
............................
يجوز في المنصوب على التقريب أن يتقدم عليه معموله كما
في قوله تعالى : " هذه ناقةُ الله لكم آيةً " ف لكم متعلق ب آية وقد تقدم
عليه وكذلك بيت جرير : هذا ابن عمي في دمشقَ خليفةً فـ "في دمشق" متعلق بـ
"خليفة"وقد تقدم عليه
.
مجيء الخبر معرفة :
لايشترط الكوفيون في الخبر التنكير بل يجوز عندهم أن
يكون الخبر معرفة .قال ثعلب : وهم يسمون هذا زيدٌ القائمَ تقريبا أى قرب الفعل به
فاسم التقريب وخبره هنا معرفتان
.
مجيء الخبر جملة : هل يصح في التقريب أن يكون الخبر جملة
؟ لم يتعرض الكوفيون لهذه المسألة لا بإثبات ولا بنفي .
حكم التقريب :وخبرالتقريب بعد استيفاء تلك الشروط
وانتفاء تلك الموانع حكمه جواز النصب إذ يجوز فيه أيضا الرفع على أنه خبر لمبتدأ
محذوف والتقدير هو قائم أو على تعدد الخبر عند من يجيز ذلك أو على جعل اسم التقريب
عطف بيان من اسم الإشارة أو بدل منه وماكان خبرا للتقريب هو خبر المبتدأ قال
سيبويه : هذا باب ما يجوز فيه الرفع مما ينتصب في المعرفة وذلك قولك هذا عبدُالله
منطلق.
رأي البصريين بالتقريب
.............................
البصريون لايقرّون بالتقريب ولايقولون به ويجعلون ماكان
منصوبا على التقريب عند الكوفيين حالا مؤسسة أو حالا مؤكدة لمضمون الجملة قبلها
قال سيبويه : " فأما المبني على الأسماء المبهمة فقولك هذا عبد الله منطلقا .فهذا اسم مبتدأ يبنى عليه مابعده وهو عبد الله ولم يكن ليكون
هذا كلاما حتى يبنى عليه أو يبنى على ماقبله والمعنى أنك تريد أن تنبّه له منطلقا
لاتريد أن تعرّفه عبد الله لأنك ظننت أنه يجهله فكأنك قلت انظر إليه منطلقا فمنطلق
حالٌ قد صار فيها عبد الله .
وقال الأعلم شارحاً عبارة سيبويه السّابقة : "
واعلم أن العامل في الحال في قولك هذا زيدمنطلقا الإشارة أو التنبيه فالتقدير انظر
إليه منطلقا وإن أعملت الإشارة فالتقدير أشير إليه منطلقا والمقصد أنك أردت أن
تنبّه المخاطب لزيد في حال انطلاقه فلابد من ذكر منطلقا لأن الفائدة تنعقد به ولم
ترد أن تعرّفه إياه .
لغتنا بحر وهنيئا لمن يجيد الإبحار .
علاء الأديب
تونس -نابل
12-12-2016