العدد الثاني لسنة 2018
أدباء منسيون من بلادي ج2
12
الشاعر الدكتور علاء المعاضيدي
تقديم / علاء الأديب
التقديم :
..........
تربطني بالعديد من الشعراء العراقيين من
المعاضيد خصوصا علاقة وطيدة وكنت ومازلت استمتع بالكثير من قصائدهم التي تتميّز
بالأصالة والوطنية من جانب وبالرقة والشفافية من جانب آخر وربما كانت للبيئة التي
تحيط بالمعاضيد تأثيرها الأيجابي على أشعارهم أذكر منهم جهاد المعاضيدي شقيق
الشاعر والناقد الدكتور علاء المعاضيدي رحمه الله .
وأولاد عمومته ومنهم الشاعر صلاح المعاضيدي
الصديق الحميم رحمه الله وشقيقة الشاعر عصام المعاضيدي ورامي المعاضيدي.
جميع هؤلاء سنحت لي الفرصة بلقائهم الا
الشاعر المرحوم علاء المعاضيدي الذي اتخذ من اليمن وطنا له بعد ان ضاقت به السبل
في العراق.
وليس غريبا لو عرفنا عن علاء المعاضيدي بأنه
كان يتمتعبشخصية أريحية تكسر كل الحواجز مع محدثها لما فيها من سلاسة وبساطة
وكياسة لأنني قد خبرت المعاضيد من اهله واقربائه يتمتعون بذات ماكان يتمتع به
وخاصة صديقي المقرب مني من اهله الشاعر المرحوم صلاح المعاضيدي.
ولست هنا حقيقة لطرق أبواب الذاكرة لهذا
الراحل عنّا مبكرا فمازال يخلد بذاكرة الكثيرين وخاصة طلابه اليمنين الذين تفانى
في تدريسهم ومحبتهم وتفانوا بالمقابل في الإخلاص له.
ولكنّي أحاول قدر الإمكان تعويض بعض مافاتني
من لقاء هذا الناقد والشاعر الإنسان والذي كان القدر حائلا بينه وبيني.
أملا أن أحيط بشيء من فضاءاته الواسعة وآفاقه
الشاسعة.
والله ولي التوفيق
علاء الأديب
بغداد
7-3-2018
الولادة:
...........
ولد الشاعر والناقد الدكتور علاء المعاضيدي
في قضاء الفلوجة في محافظة الأنبار عام
1964
تحصيله الدراسي
....................
حاصل على شهادة الدكتوراه في البلاغة والنقد
الأدبي من جامعة بغداد كلية ابن رشد عام
1996
عمله ومناصبه:
....................
عمل أستاذاً مساعداً للنقد الأدبي والبلاغة في الكلية العربية الجامعية بمدينة
عجمان الإماراتية وكلية التربية بجامعة الأنبار وشغل منصب رئيس قسم الدراسات العربية
في كلية التربية زبيد بجامعة الحديدة في اليمن حتى وفاته.
آثارة الأدبية :
................
قدم للساحة اليمنية العديد من الدراسات النقدية من أهمها
التناص مع الشخصية التراثية عبر آليات الحوار والاستدعاء
الإشارة في شعر البردوني
الواقعية وسؤال الالتزام في شعر عبدالله عطيه،
شارك في كتابة الاوبريت الوطني ( يمن العرب ) الذي قدمه عدد من الفنانين العرب
بمناسبة العيد الوطني السادس عشر للجمهورية اليمنية بمحافظة الحديدة عام 2006م،
كما أصدرت له وزارة الثقافة ديوان شعري احتفاء بصنعاء عاصمة للثقافة العربية
2004م
بعنوان غيمة من
رماد.
صدر له مؤخراً ديوان "مرايا عيون بلقيس" والذي أصدرة منتدى الذهني
للثقافة والفنون بمناسبة تكريمة من قبل المنتدى.
الشاعر واليمن :
.................
عاش الشاعر في اليمن أكثر من ثمانية أعوام استطاع من خلالها كسب ود ومحبة
الجميع بما كان يتصف به من اريحية واخلاق جذابة في التعامل مع الآخرين وخاصة طلبته
الذين درّسهم في الكلية .
وتعشّق الشاعر منطقتي زبيد وتهامة في اليمن عشقا كبيرا وذكرهما بأشعاره
لأنه يرى فيهما ذلك الأمتداد الحضاري لحضارة موغلة بالقدم .
فكان يقول عن زبيد بأنها مدينة تاريخية شهدت حضارات ممتدة وكانت عاصمة
لأكثر من دولة .فتشعر وانت فيها وكأنك ازاء عبق تاريخي يمضي بك الى أيام الأصالة
الأولى.
إضافة الى بناءها الدائري المشابه لبناء بغداد وابوابها الأربعة تجعلك تشعر
بالألفة معها.
الشاعر والحضور الأدبي في اليمن
........................................
أوجد الشاعر علاء المعاضيدي لنفسه حضوراً فاعلاً في المشهد الثقافي في محافظة
الحديدة من خلال قصائده الشعرية وأبحاثه الأكاديمية ومشاركاته في الفعاليات الثقافية
فهو يرى أن وجوده في اليمن تواصل مع وجوده في العراق ومشاركته على الساحة الثقافية
اليمنية جزء من مشاركته في الساحة الثقافية العربية .. يقول الدكتور المعاضيدي عن وجوده
في اليمن : أشعر أن وجودي في اليمن هو انتقال من غرفة إلى غرفة في بيت واحد ، فاليمن
ليست بعيدة عن العراق إطلاقاً ، والناس في اليمن هم الناس في العراق ، القبائل في العراق
هي قبائل أغلبها من اليمن ، ربما لست محظوظاً فلست من قبيلة يمنية ولكن لا أشعر بأي
فرق.
اوبريت يمن العرب
.........................
كانت استضافة الحديدة لاحتفالات الجمهورية اليمنية بالعيد الوطني السادس عشر
عام 2006م محطة مهمة عرف الناس في الحديدة ـ كبيرهم وصغيرهم ـ خلالها الدكتور علاء
المعاضيدي معرفة قوية إذ شارك في كتابة الأوبريت العربي الرائع ( يمن العُرب ) الذي
أداه الفنانون : عبدالله رشاد و لطفي بوشناق و علي الحجار و إيهاب توفيق و أروى ورويدا
رياض وفؤاد الكبسي.
وفاته:
............
توفي الشاعر علاء المعاضيدي في اليمن عن عمر ناهز السادسة والأربعين من
العمر عام
2010
رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه.
مختارات من قصاده
.......................
يا شبه يوسف
....................
لا دارَ لـــــي .. ألــــــَدَيْــــــكَ دارُ ؟!
أمْ فــــَرَّ من يدك النــــــــــــــهارُ ؟!
يا أيّها الحــــــــــــــــــــــــــــلُمُ الذي
شفتـــــــــــــــــــــــاهُ زيتونٌ و غارُ
و يـــــــــداهُ مَحْضُ سمــــــــــــــاوةٍ
بيضاء . لوّحــــها اسمـــــــــــــــرار
مـــــا كنتَ مـــــــــــــــن زَبَـدٍ ، و لا
كنّــــا ، لتـــــقذفَنا البحــــــــــــــــارُ
( كَلـــــَكَيْــــن ) من خشبِ النّـــــوى
يتأرجحـــــــــــــــــــــــان ، ولا قَرَارُ
أتقاسَمَتْ دمَـــــكَ التَّتـــــــــــــــارُ ؟!
أم بعـــــثروكَ سُدىً و ســــاروا ؟!
قلِـــــــــــقٌ علــــــــــى قسماتِ وَجْـ
هِـــــــــكَ ، أيّها الحلـــمُ الفَنــــــــــارُ
أنا يا سمــــــيرَ العُــــــــــــــــمْرِ ، لا
سَمـــــَرٌ لـــــديَّ ، و لا حــــــــــوارُ
(مُلقـــــىً على طرقـــــاتِ مكَّـــــــــة
أستجـــــــــــــــيرُ ولا أُجـــــــــــــارُ)
يتناسلُ العـــاقـــــولُ فـــــــــــــــــــي
شفتــــــــي , ويلعقنـــــــي الغُبــــــارُ
كَـــــلأٌ لكـــــــلِّ العــــابريــــــــــــــن
أصابعـــــــــي ، ويــــــــــدي انتظارُ
لا تغـــــلبٌ مـــــــرَّتْ علــــــــــــــــى
جرحـــــــــي ، ولا وقفتْ نـــــــزارُ !
وحـــــــــدي أُقلّــــــِبُ راحـــــــــــــةً
صفــــــــــراءَ ، أرهقـــــــها الحصارُ
وأرى بيـــــــــــــادرَ قمحــــــــــــــهم
حبَّاتُهــــــــا وَجَــــــــعٌ ونـــــــــــــارُ
يتــــآمرون علـــــى دمـــــــــــــــــي
ودمـــــي على دمهــــــم يغـــــــــــارُ
يا ليـــــتهم سفــــــكوا دمــــــــــــــي
لكنَّهم جبنـــــــــوا و خـــــــــاروا !
جبنـــــــــوا ، لأنَّ سيوفَهـــــــــــــــم
خشبٌ ، وأنفسهـــــــم صَغَـــــــــــارُ
و لأنَّهم مُـــــذْ أَلَّــــــــــهــــــــــــــــوا
( هبـــلاً ) على دمهـــــــــــــم صِغارُ
فشرابُـــهمْ : كأسُ الخــــــــنــــــــــــا
و طعامـــهمْ : ذُلٌ و عـــــــــــــــارُ !
يــــــــا شِبْهَ ( يوسف ) مَنْ تُــــــرى
سيمُــــرُّ لو طلَــــــــــــــــــــع النّهارُ
و جميـــــــعُنا فــــي الجُــــــــبِّ حيـ
ثُ الذئبُ ينـــــــــهشُ و التّتــــارُ ؟!
حيثُ البــــــراءةُ : دمـــــــــــــــــــعةٌ
و الظُلــــــمُ : غانيــــــةٌ و ( بارُ ) !
يا أنتَ ، يا لـــــــــونَ النـــــــــــــدى
إذْ يستحـــــــمُّ بهِ النُّظـــــــــــــــــارُ
يـــــــا حُزنَ عصفــــورٍ يلمــــــــــلمُ
ريشَ مَـــنْ هجـــــــــروا و طاروا
لم يبقَ من لـــــــــــــــــوحٍ نفـــــــــرُّ
إليــــه ، فالمـــــطَرُ انهمــــــــــــــارُ
لبسَ النّهـــــــــارُ عبــــــــــــــاءةَ الـ
ظلمـــــــــــــاء ، وانسدلَ السِّتـــــــارُ
لا نجمةٌ تهــــــــــدي دمـــــــــــــــــــاً
يسعـــــى ، و لا سُـــــــرُجٌ تُنــــــــارُ
وحدي أكابــــــــدُ غُربــــــــــــــــــــةً
جنّاتُهـــــــــا : مُــــدُنٌ قفـــــــــــــــارُ
وحدي أَمــــــــدُّ أصابعــــــــــــــــــــاً
أطرافُـــــــــها : حُلَـــــــــــــــمٌ صِغارُ
يمتصّها حشف , نعـــــــــــــــــــــــم
حــــــــشَفٌ ، و قامــــــــــــاتٌ قصار
أحلامُـــــــــــها : شهواتُـــــــــــــــها
و حلــــــــــومُها : صَدأٌ و قـــــــَارُ
وحدي .. تعــــــــطَّلتِ الـــــــــــرؤى
و غـــــداً ستتبعُها العِــــــــــــــشَارُ
يا شبــــــهَ ( يوسفَ ) ناقـــــتـــــــي
سَئِمَتْ وأتعبــهــــا السِّفـــــــــــــــارُ
غنائية لآخر البراميل
.....................................
صغـــــار همو , أوهى من الذرِّ , أصغر كبيــــرهم الشيطان , والله أكبــــــــــــــر
ينادون بالتشطير , أهــــلاً ومرحبـــــــاً لقــــــد آن يا صنعا لــهم أن يُشَطـَّروا
فمــــن يزرع السكّين في ثــــدي أمِّــــه قليل عليه المــــوت , والقــــــــبر
أستر
لمــــــــاذا دعاةَ الشر ؟! هــــذي بلادكم وهــــذا الثـــرى فـُلٌ ومسك وعنـــــــبر
لمـــــــاذا دعاةَ الشر ؟! هــذي ربوعكم وهــــذا المدى تِـبـْر وعِطـْـر
وسكّــــر
وهــــــذا الفضاء الحـــر مجد مـــــؤثـَل له ( تُبَعٌ ) غنّى ( وسيفٌ ) و
( حِمْيَر )
تحنّون للبرميل ؟! حنّــــوا , وربِّكـــــم ستلوى رقـــــاب فيه منكم , وتُكــــسر
ويبقــــــى ثرى بلقيس قلـــباً موحّــــداً ويبقى به الإيمــــان يعلــــو ويكبـــــــر
ويبقى صهيل الخيل يحـــدو ركابـــــــه
إلى أن يصيح ( الصُوْرُ
) قوموا لتُنْشَروا
لماذا سواد القلب ؟ والفـــــــل أبيـــض لمــاذا اصفرار الروح والعشب أخضر
؟!
يمانية هـــــذي القنــــاديل كلــــــــــــها دعوا ضوءها النعسان يغفــــــو ويسهر
دعوها , فكم (صنعاء) في الأرض؟حرّة وكم ( عدن ) فيها , و(إبٌ) و (مِسْوَر)؟
سلام على ( وادي بنــا ) كلّمـــا جرى ومرحى ( لوادي مور ) ما سال يهــدر
يمانية هــــذي القناديــــــل كلهــــــــــا يمانيـــــة , ليست بـيوتاً تؤجـــَّــــــر
يمانيــة هذي القنــــــاديــــل , زادهــــا هوىً شعر ( وضّاح ) , وللشعر منبــــر
يمانية , ما قُدَّ يوماً قميصهـــــــــــــا ولا علّمتها غيمة كيف تُمطــــــــــــر
لها قمحها , لا الجوع يلوي عنانهــــــا ولا صبرها يفنى , ولا العزم يفتـــــــر
سلام عليها , لا على من يخونهــــــــا سلام عليها , لا على من تعنتـــــــروا
لقد قارب العشرين عـــــمر ازدهارهــا وراحت علـــى جسر المسرّات تعــــــبر
لتصحو على أكتافــها الشمس حــــرّة ويندى هـــلال العمر ضوءاَ ويقمـــــر
دعوها فقد شبّت , وصارت أميـــــــرة من الورد والحنّاء أبهــــــــى
وأنضر
على صوتها تصحو االصباحات عذبـة وفي وجنتيها من سنا الضوء بـــــيدر
سلام على النخل الذي ظلَ مثمــــــــراً وليس على الشوك الذي ليس يثمــــر
أنيبوا إليها , واستظـــــــــــلوا بظلّــها لقد علّمتـــكم كيف تعفـــو وتغـــــــــــفر
أنيـــــــبوا اليـها , فهـــي أمّ كريمـــــة عزيـــز عليها أن تخيـــــبوا وتكفـــروا
عزيز عليهــــا أن ترى الدمــع طافحاً على وجنتي ( غيمان) يهمي ويقطــــر
لقد صابرت حتّى غزا الشيـــب رأسها على أيِّ ذنب – يا مساكيـن- تصبــــر؟!
أفي كل يوم خنجر في ضلوعهــــــا ؟! سلام عليها , لا على من يشطّـــــــــــر
سلام على الجدران , يــا سدّ مــــأرب وليس على الجرذان ممــّّن تنكّــــروا
سلام على من ينـــثر الفــــــلَّ كلّــــما رأى وجه بلقيس على
الأفــــق يسفر
سلام عليــــــها وحـــــدة يعربيــــــة ورمزاً به نزهو ونسمو ونفخــــــــر
أنيبوا اليها , لا جـــــــــــراداً يحيلــها خراباً , ولا موتاً على النـاس ينـــــــثر
أنيبوا اليها , كفـــــــّروا عن ذنوبكـــم وطوفوا بخـــــوراً حولها كي تُطهّروا
سئمنا أحاديـــــث الجراحـــات كلــــها سئمنا فــــم المذياع يهــــذي ويهــــذر
بلادي على مرأى من العــين , دمــعة بلادي على مرأى من العين فانظــــروا
تريدونها بغداد أخرى ؟! أعيـــذهــــــا تريدونها بيروت أخرى ؟! تذكّـــــــروا
سئـــمنا أحاديث البراميـــل , لم نعــــد صغاراً لنصغي للبراميل , فاكبــــــروا
خذوا ما تبقّــــى من مرايا ضميــــركم إذا كان فيــــــكم من ضمير يذكِّــــــــر
وعودوا الى (خضراء) أيام لم يكـــــن سوى الغاصب المحتل , ينهـى ويأمـر
لقد عانت المرّين كي تبــــــــــلغ
الذرا وسالت دماً وديانها , كي تُحـــــــرَّروا
وكي يصبح الشطــران قلباً موحّــــداً جرت فوق بركان من الجمر
يــــزأر
سلام عليها وهي تحدو ركابهـــــــــا وتدري بأنّ الصبر
لابدّ يثمـــــــــــر
سلام عليها وهي تسعى مواكبـــــــاً إلى المجد جذلى , والبراميل تزفـــر
رحم الله الناقدج
والشاعر الدكتور علاء المعاضيدي واسكنه فسيح جنانه.
والى حلقثة أخرى من
أدباء منسيون من
بلادي
أستودعكم الله.
علاء الأديب
بغداد
9-3-2018