مجلة المرفأ الأخير
العدد الخامس لسنة 2019
فنانون منسيون من بلادي
الحلقة الثامنة
الفنانة الممثلة زينب
التقديم :
.........
لم تكن الفنانة فخريّة عبد الكريم
{زينب} أوفر حظّا من غيرها من الفنانين والأدباء الشيوعيين الذين واجهوا واقعا أقل
ما يمكن أن يقال عنه بأنه صعب من خلال ماتعرضوا له من متابعات ومطاردات وحبس
واضطهاد ونفي وتصفية جسدية في بعض الأحيان على يد السلطة البعثية التي حكمت البلاد
والتي لم تقم وزنا للعناوين الكبيرة التي كانت تتمتع بها شخصيات هؤلاء الشيوعيين
والسمات والميّزات التي كانت تتمتع بها كلّ شخصيّة منها .
وعلى الرغم من أن أغلب تلك الشخصيات لم
تكن أقل وطنية أو حرصا على هذا الوطن من غيرهم إلا إنّ ذلك لم يكن يوما شفيعا لهم
عند السلطات التي كانت تعتبر الولاء للوطن مقرونا بالولاء لها ولحزبها الوحيد
لاغير .
وهكذا قد اقترفت السلطات بحقهم وبحق
غيرهم ذنبا كبيرا مازال عالقا بذاكرة الأحياء منهم ومن محبيهم ومناصريهم إلى يومنا
هذا بسبب النتائج الوخيمة التي ترتبت عليهم وعلى جماهيرهم نتيجة هذا الذنب المزمن.
ومن المؤلم حقا أنّني كلّما قدمت لأديب
أو فنان منسي من بلادي أقرأ عنه ماتعرض له من المآسي التي سببتها له سياسة حمقاء
أدارت دفة هذي البلاد طيلة أكثر من أربعين عاما.
ولو أنّ العراق قد احتفظ بهؤلاء لكان
قد حافظ على موقع الريادة فنيّا وأدبيا إضافة الى جوانب عديدة أخرى في مجالات
الحياة.
فمن مطاردة وتشريد ونفي وقتل الشخصيات
العراقية اليهودية الى مطاردة وتشريد وقتل الشيوعين وغيرهم من المتحزبين بأحزاب
غير حزب السلطة أراني أرى مشهدا يثير الشفقة على هذا البلد الذي خسر الكثيرين من
أعلامه ..ومازال للأسف الشديد بسبب جهل السياسين وتعسفهم.
لقد كانت زينب إحدى ضحايا هذا الوطن
الذي أصبح أمنية لها في أواخر أيامها قبل أن تودع الحياة في منفاها في السويد.
رحم الله الفنانة العراقية زينب
وأسكنها فسيح جنانه.
علاء الأديب
الأسم الحقيقي :
...................
فخريّة عبد الكريم.
الولادة :
..........
ولدت الفنانة الراحلة زينب عام (1931) في
مدينة الكوت جنوب العراق ، من عائله كبيره
يعيلها والدها الذي كان موظفا حكوميا ( مدير زراعة الكوت )، وشهدت طفولتها في المدينة
تناقضات ونمو التيارات السياسية الوطنية المعادية للاستعمار .
وجد ت انعكاس هذا التيار في البيت ،فكان احد أشقائها
ينتمي إلى حزب الاستقلال ، والآخر كان شيوعيا ، ووالدها كان رجلا متدينا متسامحا .
مالت منذ أن بدأت تعي بقوة إلى أفكار أخيها
الشيوعي .
وفي سن مبكرة ، انخرطت تشارك في التظاهرات التي كان
يقوم بها الشيوعيون ، وكانوا آنذاك كما تصفهم زينب ((… يوجد منهم نفر قليل العدد في
المدينة ، لكنهم باستطاعتهم آنذاك تجييش المظاهرات الجماهيرية الضخمة )).
تغير اسمها من فخرية عبد الكريم الى
زينب بعد أن التحقت بفرقة (المسرح الفني
الحديث) وعند اشتراكها بطلة لفيلم "سعيد افندي" من اخراج كاميران حسني .
ماما زينب :
...................
عرفت بين اوساط المسرحيين ب ( ماما زينب)
أو ( الأم) لأدوارها المعروفة في هذا السياق مثل دور الأم الخبازة في مسرحية النخلة
والجيران، ودورها في مسرحية ( الأم) و( أنا أمك يا شاكر) وغيرها، وهو يتصل أيضاً برعايتها
للفنانين الشباب بعد هجرة عدد كبير من المسرحيين العراقيين نهاية السبعينات وبداية
الثمانينات.
كما ساهمت خلال وجودها في دمشق، وعدن وبيروت،
بتأسيس عدد من الفرق المسرحية العراقية وهي من اوائل الفرق المسرحية خارج الوطن. ولعل
ابرزها فرقة بابل في دمشق.
زينب الشخصيّة الوطنيّة :
...............................
تعتبرزينب شخصية وطنية فذة ،رهنت حياتها
وفنها لخدمة قضية الشعب والوطن منذ صباها وحتى آخر يوم من حياتها المليئة بالعطاء ،على
الرغم من كل المصاعب التي جابهتها ،من فصل ،وتشريد واختفاء وسجن واغتراب عن الوطن ،
والدليل على ذلك أدوار زينب في مسرحيات [النخلة والجيران ] و[ أني أمك يا شاكر ] و
[تموز يقرع الناقوس ] و [الخرابة] و[ نفوس ] و [ الخان ] و[دون جوان ] والعديد من المسرحيات
الأخرى ،والتي أعطت فيها كل ما تستطيع ،مؤمنة برسالة الفنان الملتزم بقضايا شعبه ووطنه
،وقضايا الإنسانية جمعاء .
زينب والسينما :
.....................
لم يقتصر دور الفنانة زينب على المسرح وحسب
، بل كان لها دورا رياديا في السينما منذ الخمسينات ،حيث شاركت ، وبأدوار مهمة في فلم
[ سعيد أفندي ] و فلم [ أبو هيلة ] بالاشتراك مع الفنان الكبير يوسف العاني .
كما قامت بدور البطولة في فلم [الحارس
] الذي أخرجه الفنان خليل شوقي ،والذي نال جائزة مهرجان قرطاج الذهبية .
زينب والمسرح :
......................
إضافة إلى إنتاجها المسرحي والسينمائي ،
فقد كتبت العديد من المسرحيات للإذاعة والتلفزيون كان منها [ليطه ] و[ الربح والحب
] و[ تحقيق مع أم حميد بائعة الأحذية ] والعديد غيرها .
زينب تترك الوطن :
..........................
اضطرت الى هجرة الوطن ،إثر الحملات القمعية
التي شنها البعثيون ضد المناهضين للحكم الدكتاتوري، فقضت فترات طويلة من حياتها في
المنافي بدءً باليمن ثم سوريا وأخيراً استقر بها المطاف في السويد حتى وافاها الأجل
.
العطاء في الغربة :
..........................
استمر عطاؤها الفني في بلدان الغربة ،ومآثرها
الجمة في الميدانين الوطني والفني،حيث ساهمت في تشكيل [ فرقة الصداقة في عدن] و[فرقة
بابل في سوريا] و[ فرقة سومر في السويد ] بالتعاون مع رفاقها[ لطيف صالح ] و[ صلاح
الصكر] و [ سلام الصكر ] و[ رياض محمد ] و[ صباح مندلاوي ] و[ اسماعيل خليل ] و [أنوار
البياتي ] و [ روناك شوقي ] و[ سهام حسين ] ،وقد قدمت هذه المجموعة الكبيرة من الفنانين
والفنانات أعمال هامة كان منها [ مسرحية الحصار ] و[ ثورة الموتى]و[ القسمة والحلم
] و [ المملكة السوداء ] و[ رأس المملوك جابر ] و [الأم ] و [ سالفة أم مطشر ] و خماسية الحوذي ـ الوحشة .
زينب وثورة تموز :
........................
وبعد قيام ثورة الرابع عشر من تموز عام
1958 كانت زينب في مدينة الحلة فسارعت فور سماعها نبأ الثورة للخروج إلى الشارع. وعلى
مقربة من أحد مراكز الشرطة اعتلت عربة احد باعة "الشلغم" واعتمرت قبعة أحد
الجنود أو الشرطة وراحت تهتف وتهزج للثورة. فتجمعت حولها النسوة وبدأ التجمع يكبر شيئا
فشيئا في حشد لا مثيل له جسّد تأييد الناس للثورة وزعيمها عبد الكريم قاسم .
الهروب من الجحيم :
........................
في أواخر السبعينيات من القرن الماضي، ومع
تصاعد حملات الاعتقال والملاحقات والمضايقات ضد الفنانين التقدميين والوطنيين الشرفاء
،اضطرت الفنانة الراحلة إلى مغادرة الوطن هربا من جحيم الارهاب والقمع والاستبداد،
لتحط في بلغاريا. ومنها سافرت إلى اليمن ، وعملت في وزارة الثقافة اليمنية، ونشطت في
ميدان المسرح من جديد، وبادرت لتأسيس فرقة مسرحية بإسم "فرقة مسرح الصداقة"
عام 1980. وتولت رئاسة الفرقة التي كانت تضم في هيأتها الإدارية كلا من الفنانين: لطيف
صالح، اسماعيل خليل، صلاح الصكر، أنوار البياتي، سلام الصكر، وصباح المندلاوي. وجميعهم
من خريجي معهد واكاديمية الفنون الجميلة قسم المسرح.
ونشطت هذه الفرقة وقدمت باكورة أعمالها
بـ"مغامرة رأس المملوك جابر" لسعد الله ونوس واخراج الفنان لطيف صالح. وقدم
هذا العمل بمناسبة يوم المسرح العالمي عام 1981 ليحظى بإعجاب المتتبعين وبتقدير استثنائي
من قبل لجنة التحكيم بعيدا عن منافسة الاعمال اليمنية.
وأعقبت هذا العمل مسرحية "الأم"
لبرشت التي أخرجها الفنان سلام الصكر. وقد مثلت زينب فيها دور الام وكان لها نصيب كبير
من الاشادة والاطراء عبر ما نشرته الصحف في تلك الايام
زينب في دمشق :
........................
وفي مطلع الثمانينيات، انتقلت الفنانة الراحلة
إلى دمشق لتضع تجربتها وخبرتها تحت تصرف فرقة بابل المسرحية التابعة لرابطة المثقفين
الديمقراطيين العراقيين، وأدت دور البطولة في مسرحية "قسمة والحلم" تأليف
فائز الزبيدي واخراج سلام الصكر. ولا تنسى مشاركتها في مسرحية "المملكة السوداء"
تأليف محمد خضير، التي قدمت في ليبيا بمهرجان النهر العظيم المسرحي .
الهجرة إلى السويد :
...........................
وفي مطلع التسعينيات غادرت زينب دمشق متوجهة
إلى السويد، ومن هناك واصلت عطاءاتها المسرحية وكان لها دور كبير في لم شمل الفنانين
العراقيين، وقدمت أعمالا تليق بسمعة الفنان العراقي، وعبرت عن معاناته وعذاباته داخل
الوطن وخارجه .
وخلال مشوارها الفني والثقافي الطويل نشرت
الكثير من المقالات والمتابعات في الصحف المحلية والعربية .
الدراسة والعمل بين المطاردة
والطرد :
................................................
في نهاية الأربعينات أنهت الدراسة الثانوية
، ودخلت دار المعلمين العالية في بغداد ، وتخرجت عام 1952 تحمل بكالوريوس في الأدب
العربي. وبعد التخرج من الجامعة ، عينت مدرسه للغة العربية في الكوت في عام 1953 لم
تستمر في عملها سوى أشهر ، ومن البدايات اظهر المتنفذون في المدينة أنهم غير راغبين
بان تستمر المدرّسة الشيوعية في عملها بالمدرسة ، فطلبت الانتقال للعمل في مدرسه أخرى
في مدينة العمارة ، وبعد أشهر فوجئت بنقلها من العمارة إلى الرمادي ، وبعد شهر نقلت
إلى مدينة الشطره ، وبعد أيام من انتقالها طردت من العمل مع أخويها لأسباب( مقتضيات
المصلحة العامة).ولم تعد للعمل إلا بعد تموز 1958 .
العمل الحزبي في فترة
البطالة :
..........................................
تفرغت في فترة البطالة الطويلة للعمل الحزبي
بعد ان تزوجت من زميل كان لها في الدراسة بدار المعلمين العالية ( نوري اكبر ) ، زوجها
الأول الذي دعمها وشجعها وساند خطواتها الأولى بمعية أشقائها في السينما ( سعيد افندي
) 1967 ، ثم في المسرح لاحقا بعد تموز 1958 ، مفتتحه مجدها الفني ، ومجد المسرح السياسي
، في اول مسرحيه لها، و لفرقة المسرح الفني الحديث ( اني امك ياشاكر ) ، الذي دام عرضها
بلا توقف لشهر كامل وثلاثة أيام في العرض الأول لها ، وثلاثة أسابيع في العرض الثاني
لها في العام التالي ، وهذا الرقم يعتبر في حينها أطول مدة عرض لمسرحيه تقدم في العراق.ولاقت
المسرحية انبهارا غير عادي حتى على مستوى رجال المسرح آنذاك .
قيادة ثورة تموز تحيي زينب
...................................
تذكر زينب باعتزاز كيف أن قيادة ثورة
14 تموز قد شاهدت المسرحية وجاءوا ليحيوها خلف الكواليس وتذكر أيضا أن سلام عادل وحسين
أبو العيس وآخرين من قيادة الحزب هنئوها على أدائها في المسرحية ، و تصف بتأثر أول
لقاء بها بيحيى فائق فتقول (…جاءني وأنا خلف المسرح بعد العرض ، رجل أشيب وجثم على
الأرض واخذ بيديه قدمي ، وأنا في ملابس أم شاكر ، فارتعبت وحاولت أن اسحب قدمي ، إلا
انه أصر وقال لي انه يفعل هذا تقديرا منه لام شاكر التي هي رمز لكل أم عراقيه مناضله)).
أم شاكر ..الدور البطولي
للمرأة العراقيّة :
...................................................
برزت زينب بسرعة بعد دور أم شاكر كما لم
تبرز أي ممثله من قبلها ، إذ أحدثت ( آني امك ياشاكر ) ضجة إعلاميه كبيره في الصحف
والإعلام حول المسرحية وحولها كممثله ، حتى أن الناس في الشارع ومعارفها وأصدقائها
اخذوا يلقبوها ( بأم شاكر ) وأطلق عليها بعد أدائها لهذا الدور لقب ( فنانة الشعب
) عززت كثيرا من ثقتها بنفسها ،والشعور بالرفعة والشموخ والسمو التي لازمت شخصيتها
حتى وفاتها ، وظلت وفيه لمثل ( أم شاكر ) البطولية التي تقمصتها في حياتها العادية
، وهي في الواقع رغم ثراء تاريخها الفني الحافل بالأعمال المسرحية الهامة .
زينب تستمد قوتها لمواجهة
السرطان من شخصية أم شاكر :
.......................................................................
بقيت للنهاية معتزة بأدائها لهذه الشخصية
، كأنها لم تؤد في حياتها سوى شخصية (أمك يا شاكر ) لربما استمدت في أواخر أيامها وهي
تصارع السرطان سر القوه في مواجهه المرض من هذه الشخصية التراجيدية . المسرح بالنسبة
لهاكما تذكر في لقاءاتها الصحفية عبارة عن وسيله للتعبير عن أفكارها ومعتقداتها وانحيازها
إلى جانب الشعب ،ولا تعتبر نفسها إنها فنانه وكفى، بل هي فنانه شيوعيه. اضطرت بعد انقلاب
شباط 1963 الاختفاء في كردستان إلى نهاية عام 1964 حيث طرد الانقلابين بانقلاب عسكري
مضاد .
زينب خيّاطة بالقطعة لتعيش:
.....................................
عادت إلى بغداد بعد أن هدأ الوضع ، لتبدءا
حياة صعبه وقد انفصلت في هذه الفترة عن زوجها الأول ، وعاشت في بيت شقيقها ، في وضع
اقتصادي صعب ، فمارست مهنة الخياطة بالقطعة في البيت لتعيش، ولم تعد إلى الوظيفة الا
بعد عام 1968.
العودة إلى فرقة المسرح
الحديث :
........................................
عادت لفرقتها ( فرقة المسرح الفني الحديث
) بعد إعادة إجازتها عام 1965 ، وسافرت معها إلى الكويت سنة 1966 ، تزوجت ثانية من
الفنان لطيف صالح في بدايات السبعينات من القرن الماضي ، وتركا معا العراق في عام
1979 ليعيشا حياة شاقه وصعبه في المنافي بداء من الكويت وبلغاريا واليمن وسوريا وأخيرا
في السويد حيث كانت تحاول في أي بلد تحل فيه في الغربة أن تلف حولها الشباب المسرحيين
وتشكل منهم فرقه تقدم عملا او عملين وينفرط عقدها ، بتشتت أعضائها ، وزينب مثقفه من
طراز جيد ، كتبت القصة والمقالة ونشرتها في الصحف منذ أوائل الخمسينات بأسماء مستعارة
، مره باسم ( سميرة الفقراء ) ومره أخري باسم ( زينب) وكتبت التمثيلية التلفزيونية
والإذاعية .
انتماؤها إلى الحزب الشيوعي
:
....................................
في عام 1948 دخلت المعترك السياسي ، فكان
لها دور بارز ومتميز في الكفاح الذي خاضه شعبنا ضد معاهدة بورتسموث وحكومة صالح جبر
أبان وثبة كانون المجيدة ، حيث كانت زينب في مقدمة المظاهرات الطلابية التي اجتاحت
بغداد آنذاك.. انتمت إلى الحزب الشيوعي عام 1950 .. وساهمت بشكل فعال في المظاهرات
التي اجتاحت بغداد في تشرين الثاني عام 1952 وما رافقها من المعارك الدموية التي خاضها
شعبنا ضد حكوماته الرجعية .
بين الفن والسياسة :
........................
كان عام 1952حافلا بالإحداث المهمة في حياتها
، حيث عينت مدرسة في ثانوية الكوت للبنات وبسبب نشاطها السياسي تعرضت إلى الكثير من
المضايقات حيث انتقلت للعمل في العديد من محافظات العراق .. قدمت مسرحية " زواج
بالإكراه " تأليفها وإخراجها وقد مثلتها مع نخبة من معلمات وطالبات مدرسة الرمادي
للبنات وخصص ريعها للطالبات الفقيرات وقد أثارت المسرحية ضجة كبيرة و تعرضت بسببها
زينب للقذف والتشهير .. فصلت من الوظيفة عام 1954 بسب نشاطها السياسي أبان الهجمة الشرسة
على الحركة الوطنية .. اختيرت عام 1956 من بين عشر ممثلات لتأدية دور " فهيمة
" مع الفنان يوسف العاني ومن خلال دورها هذا برزت كممثلة موهوبة ويعتبر فلم
" سعيد أفندي " أول عمل جاد قدمته للسينما العراقية .
أعمال للإذاعة
...................
لم يقتصر عطاؤها الفني على السينما والمسرح
، بل قدمت أعمالا كثيرة للإذاعة والتلفزيون ومن أهم تلك الأعمال " الربح والحب
" ، " بائع الأحذية " وقد نالت عن هذين العملين الجائزة الأولى في مهرجان
الخليج التلفزيوني ..
رفيق المشوار الفني والسياسي
:
......................................
اقترنت الفنانة زينب بالمخرج والفنان لطيف
صالح عام 1970 ليكون رفيق مشوارها الفني والسياسي .. عملت في نقابة الفنانين وفي اتحاد
الأدباء ورابطة المرأة العراقية منذ تأسيسها .
الفترة المظلمة :
...................
بعد الهجمة البعثية الشرسة ضد كل القوى
التقدمية والديمقراطية عام 1978 يقول الفنان لطيف صالح " كانت فترة رهيبة ومظلمة
، مظلمة جدا ، فقد قطع التيار الكهربائي عن مسرح بغداد أثناء عرض مسرحية " بيت
برنا ردا ألبا" فاضطررنا إلى إشعال الشموع والفوانيس .. والاستعانة بممثلات أخريات
من خارج الفرقة لإكمال العرض حيث اضطرت ممثلات المسرحية ترك العراق .. ورغم ذلك كان
الجمهور يصفق بحرارة في نهاية كل عرض ، إلى أن منعت المسرحية نهائيا " ثم منعت
الفنانة زينب من دخول الإذاعة والتلفزيون ومنعت حتى كتاباتها فاضطرت لمغادرة العراق
عام 1979.
محطات بعد الرحيل :
.............................
لقد مرت زينب في العديد من المحطات بعد
مغادرتها العراق أوائل شهر كانون الثاني 1979.. فما أن تفتح حقائبها في أي دولة حتى
تحزمها من جديد لترحل إلى بلد آخر.. الكويت كانت أولى تلك المحطات ثم لندن لتمكث هناك
60 يوما .. سافرت إلى بلغاريا لتبقى فيها ثلاثة اشهر .. وفي نهاية شهر تموز من العام
نفسه سافرت إلى عدن ، حيث عينت هناك مستشارة فنية في وزارة التربية ومشرفة على إجازة
التمثيليات التلفزيونية .
فرقة الصداقة :
....................
في عدن أسست فرقة مسرحية باسم " فرقة
الصداقة " تولت رئاستها وقد استفادت من طاقات خريجي معهد وأكاديمية الفنون الجميلة
ممن اضطرتهم ظروف العراق إلى مغادرته .. وكان أول عمل مسرحي مثلته الفرقة بعد تأسيسها
" مغامرة راس المملوك جابر " تأليف سعد الله ونوس وإخراج لطيف صالح وعرضت
على المسرح الوطني في عدن ، ومسارح أخرى وفي محافظة أبين وكذلك في معسكرات الجيش اليمني
.. ثم قدمت الفرقة رواية " ألام " لمكسيم غور كي والتي كان قد مسرحها بر
يخت واشترك فيها أيضا عدد كبير من الممثلين وأخرجها سلام الصكر.. كما قدمت الفرقة مسرحية
" غرف التعذيب " من خراج سلام الصكر أيضا ..
زينب والصحافة قاصة وشاعرة
...................................
نشطت زينب في مجال الصحافة ، كانت تكتب
الشعر والقصة القصيرة والعديد من المقالات التي نشرتها في جريدة 14 أكتوبر
..
فرقة بابل :
...............
منتصف عام 1981 حملت حقائبها مرة أخرى لتكون
دمشق محطتها الجديدة والتي كانت حافلة بإبداعها
إذ عينت في وزارة الثقافة .. وأسست فرقة " بابل " المسرحية التي كانت
تضم مجموعة كبيرة من الممثلين .. كانت أول أعمالها مسرحية " الحصار " من
تأليف عادل كاظم ، وإخراج لطيف صالح والتي لاقت نجاحا كبيرا.. ثم مسرحية " ثورة
الموتى " من إخراج سعد السامرائي .. وتوالت الأعمال فقدمت مسرحية " وحشة
وقصص أخرى " من إخراج روناك شوقي وقد عرض هذا العمل في مهرجان دمشق الدولي حيث
اعتبرت فرقة بابل ممثلة العراق في المهرجان وذلك لغياب الفرقة القومية عنه .. كما قدمت
مسرحية " قسمة والحلم "من إخراج سلام الصكر .. كان لا يفوت زينب الاحتفال
بيوم المسرح العالمي كل عام فقد كانت حريصة على تقديم عرض مسرحي بهذه المناسبة .. خلال
وجودها في دمشق قامت بتأليف وتمثيل التمثيلية الإذاعية اليومية لإذاعة صوت الشعب العراقي
..
من الشام إلى بلغاريا :
............................
تركت الشام سنة 1990متوجة إلى بلغاريا للالتحاق
بزوجها بعد حصوله على بعثة لإكمال دراسة الدكتوراه .. وبسبب الأوضاع الاستثنائية التي
كانت تمر بها الدول الاشتراكية لم تمكث زينب سوى بضعة اشهر هناك .
فرقة سومر:
..................
حملت حقائبها هذه المرة إلى بلاد الصقيع
إلى " ستوكهولم "عاصمة السويد في 22 تموز 1990 ، وانتقلت إلى مدن أخرى ليستقر
بها المقام أخيرا في مدينة " يتبوري " .. كان أول شئ فكرت به الفنانة زينب
هو إنشاء فرقة مسرحية .
منتصف عام 1991 شكلت فرقة " سومر
" المسرحية من الهواة واختيرت زينب مديرا فنيا لها .. باكورة اعمل فرقة سو مر
كان في يوم المسرح العالمي " صور شعبية وصورة " من تأليفها واستمر العرض
لثلاث ليالي متتالية ، كما قدمت الفرقة مشهدا من مسرحية " مغامرة راس المملوك
جابر " بعنوان " الجوع " .. ثم عرضت سو مر مسرحية " أنة أمك يا
شاكر " ومسرحية " قارب في غابة " .. ثم مسرحية " يا غريب اذكر
هلك . "
أهم الأعمال المسرحية للفنانة
زينب
........................................
أنة أمك ي شاكر / رسالة مفقودة / الخال
فانيا / الخان/ الشريعة / تموز يقرع الناقوس / قسمة والحلم / الحصار / النخلة والجيران
/ الخرابة / شعيط ومعيط وجرار الخيط / الينبوع / وحشة وقصص أخرى / ألام / مغامرة راس
المملوك جابر / بغداد الأزل بين الجدل والهزل / سوليف يا ليل / صور شعبية وصورة / فوانيس
/ شفاه حزينة / ثورة الموتى / المملكة السوداء / ست دراهم / بيت برنا ردا ألبا / دون
خوان / نفوس / صور جديدة / هاملت عربيا / أنا ضمير المتكلم .
أهم أعمالها في المنافي
................................
" ألام " التي قدمت في عدن ×
" وحشة وقصص أخرى " " قسمة والحلم"
في دمشق ×
" صور شعبية وصورة " في المنفى الأخير"
السويد ×
زينب .. جرد حساب آخر ×
×عشرات الأعمال الفنية والتلفزيونية ..
×مئات الأعمال الإذاعية تأليفا وتمثيلا
.
الأفلام :
.............
سعيد أفندي / أبو هيلة / الحارس .
الجوائز
............
افضل ممثلة عن دورها في مسرحية " بيت
برنا رندا ألبا . ×
أفضل ممثلة عن دورها في بائع الأحذية
" جائزة التلفزيون الخليجي . ×
×جائزة مهرجان قرطاج السينمائي لفلم الحارس
.
مسلسلاتها تأليفاً
.....................
×الساقية المهجورة
×أمل والريح
×في مهب الريح
×ما فات القطار " سجلت للتلفزيون الكويتي
.
وفاتها :
...........
في عام 1994 شعرت بوهن في ساقيها، راجعت
على أثر ذلك الأطباء ، الذين ركزوا على المفاصل .. لم يكتشفوا المرض إلا بعد أن استفحل
وبالصدفة رغم أنها كانت تخضع للتحاليل المختبرية الأسبوعية .. عندما علمت بحقيقة مرضها
لم تخنها شجاعتها في مواجهة مصيرها .. كانت تضحك وتمزح مع زوارها، بمعنويات عالية جدا
وتحملت بصبر وصمت آلامها .. حتى رحيلها يوم 13 آب 1998 .. حيث خرجت لوداعها جموع غفيرة
من العراقيات والعراقيين على اختلاف أديانهم وميولهم واتجاهاتهم ، بالإضافة لعشرات
الشخصيات والوجوه السياسية والثقافية والفنية من مختلف أنحاء العالم .. في موكب مهيب
لم تشهد السويد مثله من قبل .
المصادر:
................
× مجلة وزارة الثقافة والإعلام / دائرة السينما والمسرح
× منتديات عراق الخير والمحبّة
× جريدة طريق الشعب
× إذاعة العراق الحر.
× علاء العبادي
× ملاحق جريدة المدى
× المدى نت
رحم الله الفنانة العراقية زينب وأحسن مثواها
وإلى حلقة قادمة من { فنانون منسيون من بلادي }
أستودعكم الله.
علاء الأديب
تونس / نابل
13-12-2018