مجلة المرفأ الأخير
العدد الرابع لسنة 2019
أرجوحةُ العيد
جميلة بلطي علوي.
تلكَ المُعلّقة بحبال الذّاكرة بَدت اليوم كغيداء فاتنة تتمايسُ في حلّتها البديعة ، مَع نسمات الصّباح تتماوجُ ألوانها الزّاهية فتسحر العين وتملك زمام المشاعر فتنساق لرفيف صَبَاها الغامِر .
نسيمٌ يفعمُ الذّات فتسرحُ مع اللّوحة ، تتابعُ الحركة ، مع الأرجوحة تترنّحُ وتنتشِي بهجة ، تَراهَا بعينِ الشّوق تُلوِّح باليمين ، تهزّ أعطافها، تتمطّى ، تُغْري الأفق ، تصبُّ عليه رذاذ الوصْل فتُثمله حَدّ التّماهي فيفتح في وجهها كُوَى الزّمن، يُسلّمُها مفاتيحَ الوقت فتقفز كَسندرلّا الحكاية ، تَكسرُ القيد ، تلبس ثوبَ الرّبيع ، تمْرح في المَلكوت ، مرْكبتها مقعدٌ خشبيّ وخيولها دقّات نبض يرفُّ كطائر أفزعه صوت الصّيّادين .
أرجوحةٌ كسندرلّا تكسر رتابةَ الأيّام، تفرُّ من قُمقُم الحاضرِ وتستحضرُ عبَق السّنين.
هُوَ الحلم يُلبس الرّوح ثوبَ العجائب ، يُروّض الفكرَ فيبيت بين يديه طينا يشكّله على هَوَى الشّوق وعزف الحنين . ياااه.. يَا للحلم يُحلّق بالسندرلّا، يُحلّق بي ، على أرجوحة الحلم يُركبني ، يَزفّني هذا الصّباح لِرياض الذّكرى ، جنائنُ ممتدّة حينا ، معلّقة آخر، فيها السّواقي مشاعر جيّاشة ، على جنباتها تَزهو ورودٌ لا كالورود ، وجوهٌ باسمة تحثّنُي أن أحضنها لتنفحني عطرا . أقطفُها ، أرصّفُها ، في مزهريّة اللهفة ، تضخّني فرحة ، تُهدهدني كطفلة الخمس ، تربّتُ على رحلة العمر فينبري طفولة غضّة تشاكسُ، تمرح ُ، تلبسُ حُليّ الدّلال والرّوض يرشّها طلّا ، يسقيهَا أكواب السّعادة ، نشوة تسقط ثقل السّنين.
على أرجوحة الحلم الجامحة اقبض الكون بيد وبالأخرى أعلّق الفرح قلادة درُّها بصمة أيّام سجّلتها الذّكرى في سِفرالحنين.أرجوحة العيد وأنا لعبة الزّمن الهارب أفتكّ مِنْ طيّاته لحظات بحجم عمر ، بحجم الصّراع بين حلم ورديّ وحقيقة تحاصر النّبض ،تودّ ركوعه فلا يستكين.
تونس ...5/5/2019
بقلمي ...جميلة بلطي عطوي
بقلمي ...جميلة بلطي عطوي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق