العدد الرابع لسنة 2014
المقالة
موسوعة شعراء العربية
شعراء العصر الاموي ج2
عبيد الله بن قيس الرقيات العامري
بقلم - د فالح الحجية
هو عبيد الله بن قيس بن شريح بن مالك بن ربيعة بن أهيب بن ضباب بن حجير بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤي بن غالب من بني عامر بن لؤي .
وأمه قتيلة بنت وهب بن عبد الله بن ربيعة بن طريف بن عدي بن سعد بن ليث بن بكر بن عبد مناة الكناني .
ولد بالمدينة المنورة ونشأ فيها ولم تعرف سنة ولادته وكني ابن قيس الرقيات لأنه كان يتغزل بثلاث نساء اسم كل واحدة منهن رقية فهن رقية بنت عبد الواحد بن أبي سعد بن قيس بن وهب بن أهبان بن ضباب بن حجير وابنة عم لها يقال لها رقية وامرأة من بني أمية يقال لها رقية. وكان هواه اصلا في رقية بنت عبد الواحد.
حيث يقول فيها :
حبّذاك الدلّ والغنجُ
والتي في عينها دعجُ
والتي إن حدّثت كذبت
والتي في وعدها خلجُ
وترى في البيت صورتها
مثلما في البيعة السُرجُ
خبروني هل على رجلٍ
عاشقٍ في قبلةٍ حرجُ
وقيل تغزل عبد الله بن قيس الرقيات بعاتكة بنت يزيد بن معاوية بن ابي سفيان فقال :
أعاتك يا بنت الخلائف عاتكا
أنيلي فتى أمسى بحبك هالكا
تبدت وأتراب لها فقتلنني
كذلك يقتلن الرجال كذلكا
إذا غفلت عنا العيون التي ترى
سلكن بنا حيث اشتهين المسالكا
فلم يتعرّض له يزيد في شيئ وقيل ان يزيد لم يتعرض له بشيئ كأنه قد أخذ بنصيحة أبيه معاوية بن ابي سفيان حين جاء لابيه يوما قائلا له :
- إن عبد الرحمن بن حسان يتغزل بابنتك رملة
- فقال معاوية : وما يقول فيها ؟
قال يقول:
هي بيضاء مثل لؤلؤة الغواص
صيغت من لؤلؤ مكنون ِ
قال معاوية : صدق .
قال يزيد : ويقول :
إذا ما نسبتها لم تجدها
دون المكارم دون ِ
قال معاوية : صدق أيضا .
فقال له يزيد : تبعث له من يأتيك برأسه !
فقال : يا بني لو فعلت ذلك لكان أشدّ عليك لأنه يكون سببا للخوض في ذكره فيكثر مكثر ويزيد زائد اضرب عن هذا صفحا واطو ِعنه كشحا .
فعفى عنه يزيد
و خرج عبيد الله بن قيس الرقيات مع مصعب بن الزبير على الخليفة عبد الملك بن مروان في خلافته وانشد في مصعب بن الزبير:
إنما مصعب شهاب من الله
تجلت عن وجهه الظلماء
ملكه ملك رحمة ليس فيه
جبروت يخشى ولا كبرياء
يتقي الله في الأمور وقد
أفلح من كان همه الاتقاء
كان عبد الله بن قيس الرقيات يسمى شاعر قريش وقد قال فيها أروع قصيدة قالها شاعر في الذود عن قومه والحزن لما أصابهم والرد على من نكّل بهم وأظهر الشماتة فيهم يقول في احدى قصائده المشهورة مخاطباً الخليفة عبد الملك بن مروان :
أيها المشتهي فَناءَ قـــريش
بيد الله عمرُها والفَنـــاءُ
إن تُوِّدعْ من البلاد قــريشٌ
لا يَكُنْ بعـدهم لشيء بقاء
قد رضينا فمُتْ بـدائك غيظاً
لا تميتنَّ غيــرك الأدواء
حبذا العيش حين قومي جميعٌ
لم تفرِّقْ أمورَها الأهواء
وذلك قبـل أن تطمـع القبــائل في ملك قريش وتشهد الأعداء وكان الخليفة عبد الملك لا يموت بدائه غيظا كما قال ابن الرقيات بل جهز حملة كبيرة على مكة المكرمة فاستحلها وقتل خليفتها الثائر بها اللائذ بها عبد الله بن الزبير ثم يتبع به أخاه مصعب بن الزبير الذي كان قد ثار عن الخلافة الاموية في العراق فقتله ايضا .
بعد مقتل مصعب ابن الزبير انتقل الشاعر إلى الكوفة فأقام بها سنة واحدة انتقل بعدها إلى الشام فلجأ إلى عبد الله بن جعفر بن ابي طالب فسأل عبد الملك في أسره وقبل الخليفة عبد الملك شفاعة عبد الله ابن جعفر فيه ولكن الخليفة عبد الملك يلتفت إلى الشاعر كانه يستعتبه او يحنق عليه فيقول له :
أما مصعب بن الزبير فتقول فيه :
إنما مصعب شهاب من الله
تجلت عن وجهه الظلماءُ
وأما أنا فتقول لي :
يعتدل التاج فوق مفرقه
على جبين كأنه الذهبُ
- أما لقد آمنتك وعفوت عنك ولكنك والله لا تأخذ من عطاء المسلمين درهماً واحداً .
وبهذا كان قد حرمه أن يأخذ مع المسلمين عطاءا فكان عبد الله بن جعفر إذا خرج عطاؤه أعطاه منه .
و يقول الشاعر ابن قيس في مدح عبد الله بن جعفر:
تقدت بي الشهباء نحو ابن جعفر
سواء عليها ليلها ونهارها
ووالله لولا أن تزور ابن جعفر
لكان قليلاً في دمشق قرارها
أتيناك نثني بالذي أنت أهله
عليك كما أثنى على الروض جارها
انقطع الشاعر بعد ان حرمه الخليفة عبد الملك بن مروان من العطاء إلى أخيه عبد العزيز بن مروان ويكون ذلك أغيظ لعبد الملك عليه فكان الخليفة يغري أخاه عبد العزيز ويرغبه في اخراج الشاعر عنه، ولكن عبد العزيز كان أكرم من أخيه عبد الملك نفساً وأنبل سجية، فيزيد في إكرام ابن الرقيات، وكان ابن الرقيات يقــابل الإحســـان بالإحســان، فيلهج بالثناء على عبد العزيز مما يزيد في حنق عبد الملك وكرهه ونقمته على شاعر قريش .
حبس عبد الملك بن مروان منافسه عمرو بن سعيد وأراد التخلص منه فطلب إلى أخيه عبد العزيز أن يقتل عَمْراً بسيفه فلما
هم عبد العزيز أن يفعل ذلك ذكره عمـرو بن سعيد بالرحـم بينهما فكف يده عنه وساء ذلك عبد الملك فقتل عَمْراً بيده وقال لعبد العزيز :
- لقد أشبهت أمك الأعرابية ..
يريد بذلك أن يتهم اخاه بالخور ويعيره بأمــه ليلــى بنت زبـّـان بن الأصبــغ الكلبيــة وهي جدة الخليفة عمر بن عبد العزيز .
غضب عبد العزيز لتعيير عبد الملك إياه بأمه فحلف ألا يعطي شاعراً مدحه بأبيه حتى يمدحه بأمه .
وفي ذلك يقول ابن قيس الرقيات يخاطب عبد العزيز بن مروان :
أمك بيضاء من قضاعة في ال
بيت الذي يُستظل في طُـنُبِـهْ
يَخْلُفك البيض من بنيك كما
يخلفُ عودُ النضار في شُعبِهْ
فأمر له عبد العزيز بخمسمائة دينار .
فاغتاظ عبد الملك على ابن الرقيات وأراد أن يغمزه في عبد العزيز فقال له :
- ما بال ابن الرقيات يذكر أمك في الشعر كأنه ليس لك بأبيك شرف ؟
فذكر عبد العزيز ذلك لابن الرقيات فقال له :
- إنما حسدك عبد الملك .. ووالله لأقولن قصيدة ولأذكرن فيها أمه
وقطينها ثم ليرضين احضر غداً مجلس الخليفة.
فلما كان من الغد دخل ابن الرقيات على عبد الملك فأنشده :
أنت ابن منبطح البطاح كُدَيـِّـها فكَدائهــا
ولِبَطْنِ عائشــةَ التي فرعَتْ أُرومَ نسائهــا
وَلَدَتْ أغرَّ مهذَّبــاً كالشمس حين ضيائها
في ليلة لا عيـنَ فـي سمرائها وعشائهــا
توفي عبد الله بن قيس الرقيات سنة \85 هجرية – 706 ميلادية
ومن جميل شعره هذه الابيات:
رُقَـيَّ بِعَمرِكُم لا تَهجُرينا
وَمَـنّينا الـمُنى ثُمَّ اِمطُلينا
عِـدينا في غَدٍ ما شِئتِ إِنّا
نُحِبُّ وَلَو مَطَلتِ الواعِدينا
فَـإِمّا تُـنجِزي عِدَتي وَإِمّا
نَعيشُ بِما نُؤَمِّلُ مِنكِ حينا
تَـقِنَّ اللَهَ فيَّ رُقَيَّ وَاِخشي
عُـقوبَةَ أَمـرِنا لا تَقتُلينا
بِعيشِكِ وَاِرفُقي بي أُمَّ عَمروٍ
وَيَومَ رِجالُ أَهلِكِ يَنذُرونا
دَمي ثُمَّ اِندَخَلتُ إِلَيكِ حَتّى
تَـخَطَّيتُ النِيامَ الحارِسينا
فَـبِتُّ تَمَسُّهُم قَدَمي وَثَوبي
وَوَدّوا مِن دَمي لَو يَشرَبونا
وَيَومَ تَبِعتُكُم وَتَرَكتُ أَهلي
عَـجيجَ العَودِ يَتَّبِعُ القَرينا
امير البيــــــــان العربي
د. فالح نصيف الحجية الكيلاني
العراق- ديالى - بلدروز
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق