العدد التاسع
لسنة 2015
القصة
حدثني حجر
الرصيف
بقلم : سمير
عدنان المطرود
حدّثني حجر الرصيف
عاشقاً :
وذات وقتٍ هاربٍ
من فتحة فم الزمان , تجمّدت عقارب الرحيل عن الضوء وانبثقت ألوان من قوس قزح جديد ؛
لتقول: " لكِ ,كلّي أنا " في كل الثواني والدقائق، والساعات، والأعوام. أشتهيك
عيدا للفرح؛ فكوني لي أبداً بخير.
لو كان بمقدوري؛
لشطرتُ البحار أزقةً ضيقةً ودروباً وحاراتٍ من ياسمين؛ ووضعتُ على كل ناصيةٍ ,شارة
مرور لاز ورديّة، كي أنظّم ازدحام الحروف إلى قلبك المُعبّئ بصوت العسل والحب والضوء.
لك الصباحات وما
نسجت خيوط الفجر فيها من ثياب لموج نهر النيل , يتحاضن مع بردى، في عناق من فوق ذرى
قاسيون؛ حتى خوفو وخفرع .
لك الصباحات ويوسف
الصديق؛ صار سوريّا، بعد أن كان سوريا؛ وإخوته زناة الليل.
لك الصباحات يا
زليخة العصر الدموي، ونحن نشّرع ظهورنا لسهام غدر فرسان معبد الخديعة ؛ بينما ابتسامتنا
. مدينة للقمح لا تنتهي .!
كانت حينها المدائن
تشبه أنين التلاقي العنيف؛ فمن أين جئت أيها السفر المدجّج بالوَلَهِ والشغفِ المتطاير
على كل مسامات الدروب!
كم قلتُ لك يا
وردتي إن الجذور تبحث ما زالت عن الينبوع؛ تمتصُّ منه رحيق الضياء. وكم كانت تلك الذرات
المترامية على صوت موسيقا العناق , تستبيح تفاصيل حزني .!
آهٍ يا مدينة الفرح
المنهمر دموعاً وفيضاً من نواح وعناق بعد دموع الرحيل.
آهٍ .. وكل الجثامين
التي انزرعت في كبد المسافات؛ تشبه جثماني السائر إلى مفرق الحرف المدمّى بصرخات الفراق
..!
استميحك العذر
يا قطعة من حلوى الفردوس المترامي على حدود صلاتي ونُسكي؛ كم اشتهيتك، وكم أشتهيكِ؛
وكم أن أعشاب عمري المتراخي على فُوّهة الآذان؛ صارت سجّادة للحبّ المعشّش على لساني
حروفاً من بهاء، في صلاة العناق ...!
آهٍ .. والدروب
المتناثرة على أنين الصمتِ الذاهب إلى ألق المدينة؛ صارت مديّة تحزُّ في روحي، ذكرياتٍ
من بكاء وأشواق؛ من حب؛ من عناق ولقاء وأصواتٍ للسفر.
أحمل صمتي معي
وجعاً .. وأنا أتوكأ على نظرات من لوعةٍ , وقناديل من فرحٍ ؛ كان صمتي شريكي حينها
.. يومَ مضى!
ألفُّ الدروبَ
حبلاً تحت وقع خطوات الرقص المدمّى. وأنثر المسافات البعيدة أغنيات على كل خطواتي؛
أركض, وأنا أردد صوت البرق النازف؛ وأتهجّى حروف اسمك أيتها الطاهرة من فوق كل درجات
النقاء ..!
تتجاذبني في كل
موجة من دمٍ، ألف روحٍ تسكنني، كي أنتفض بعد كل رصاصة في صدر الفينيق ؛ أنا , وهو يقهقه
في وجه النيران!
خذي مني كل ألسنة
الحروف، فستنبتُ لي من بعد كل الفواصل وإشارات التعجب والتقزز والتعب والجوع والخوف
والقرف؛ ريشة واحدة ستصبح ريشاً من غيوم ومطر؛ يُطفئ كل نيران الخديعة .. فأنهض من
جديد .! موعداً لانطفاء الرماد!
لا تعاتبيني ,
لأنني سكبتُ الشهداء نبيذا للورود , كي ترقص الفراشات على حدود دمع الأمهات ؛ يلوّحن
للمواكب , بمناديل من الضوء المسافر .!
لا تعاتبيني
.. فرائحة " الطيّون " حين اقتراب المراكب .. صارت بعضاً من أنفاس آلهة اللقاءات
المعطّرة بالشوق والزغاريد والدموع ...!
لا تعاتبيني ,
لأنني لا أستطيع؛ إلا أن أحبك يا سورية .!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق