العدد الثامن لسنة 2015
القصيدة
بقايا صورة لم تجدني
للشاعر: خلف دلف الحديثي
وجعٌ هواي ونحو خلفيَ أبحرا
وبدربِ صمتي للنهايةِ أدبرا
جمرٌ عيوني والسهادُ مكوّرٌ
فيها ودمعي بالعيونِ تحجّرا
زمنٌ خرافيُّ الجنونِ يشلّني
وبضلعِ روحي راحَ يزرعُ خنجرا
وإلى ضفافِ المنتهى قادَ الخطى
وعلى ربى المجهولِ سارَ وعسْكرا
وسعى إليَّ ولمْ أجدْني عندها
إلا بقايا العطر فيّ تبخرا
ومُداك في روحي برَتْ أسنانها
ومضت تحزّ بمشتهاها الأبهرا
وهواك في ذاتي نمَتْ أغصانه
موتاً وشطي منه موجي أقفرا
قتلوا مرايا الذكريات بخاطري
وبحرقِ أزهارِ الندى وجعي جرى
علقت خيط الأمس في خيط البكا
علّي يراني الحزن طفلاً أصغرا
أثمرت في قصائداً معلولة
ونواك أوجاعا بروحي أثمرا
للحزن أوقد شمعة فتناثرت
ضوءاً وكسرها الأسى وتنكّرا
فتعلقت بحبال رفّات المتى
ويدي بها ورد الجمال تكسّرا
يمشي معي وعيونه ما أمطرت
إلا حنينا فيه ينبهرُ الورى
أسقي من الدمعات زرعَ مواجعي
ليظلّ في حقل التنهّد أنضرا
وحدي وهذا الليل يحرسُ آهتي
ونجومه تحكي الأنين مصوّرا
أنا غيبة طالت مللت وجودها
ومللتُ روحي حيث جافاني السرى
عندي تكوّرتِ الهمومُ حدائقا
فأحسّ حلمي عن رؤاي تأخّرا
أشتاقُ يوما أنْ أعودَ لحارتي
ويعود بي صوتُ الفراتِ إلى الورا
أشتاقُ لو حلمي يعودُ لجفنه
ويضمّني حضنُ الصباح معطّرا
فأرى الندى يمشي بعشبِ خواطري
وعلى شفاه الورد نام مبكرا
أشتاقُ لو بيتي أراه حجارة
وغدا كأطلال السنين مدمّرا
فنعودُ نزرع في حديقة حبنا
ورداً ويطلع بالجمال مزنرا
أشتاقُ أبنائي تلملم ضحكتي
وأنا بهم اشتمّ مسكا أذفرا
حجراتهم ألعابهم قفزاتهم
في البيت يملؤني الضجيجُ منفّرا
همساتهم ضحكاتهم قبلاتهم
ونداءُ (بابا) ساح فيّ معنبرا
ألعابهم كفي تبعثرها هوىً
ونعود نجمعها لنلعبَ أكثرا
درّاجة فيها ألفُّ شوراعاً
وأدورُ ما بين النخيل مشمّرا
أشتاقهم حدّ الجنون فمن ترى
مثلي بكل مدينة متنثّرا
شكراً لهذا العصر فرّق شملنا
ولنا بقانون التشتّتِ طوّرا
هذا زمانُ الساقطين تقودنا
متهوّرق فيهم يقود تهوّرا
أنا جرحُ هذا الوقت يبكيني دما
وإليه أبكي بالقصيد تحسّرا
روحي توابيتٌ تغادر وحدها
نحو الغياب وتستقلّ توتّرا
يا أيها الزمن الغريب بغيمه
أمطر على قفري جحيماً أحمرا
ليظلّ عمري كالبيادر تنتشي
بعطائها ويظلّ زرعي مثمرا
جفّفْ ينابيعي سيرجعُ منبعي
يوماً ويروي للغِلال مبشّرا
هو ذا الفرات وإن حجبتَ معينه
سيعود من خلف الحدود مزمجرا
وتعودُ أسرابُ النوارس تحتفي
ويعودُ صفصاف الحنين مكركرا
جدْ لي طريقا كي أجيء على دمي
أمشي وأحمل صوت روحي دفترا
هي يا (حديثة) محنة فتماسكي
ويعود حقل الحبّ حقلاً أخضرا
ويعود فلاح الحقول لزرعه
وتعود تحضن للبساتين الذرى
يا أيها اللاهون في تقتيلنا
سنعود من عدم وندفن ما جرى
***
28/6/2015 السليمانية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق