بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 27 مايو 2019

مجلة المرفأ الأخير العدد الثالث لسنة 2019 ابن جلا في منامِهِ الأخير للشاعر عبد الجبار الفيّاض


مجلة المرفأ الأخير

العدد الثالث لسنة 2019

ابن جلا في منامِهِ الأخير

للشاعر عبد الجبار الفيّاض 




ساعاتٌ
أُخفيتُها في غيابةِ نفسٍ
مالَ نجمُها نحو الغروب . . .
تخطّاها
على دفَّةِ أرقٍ
ما كنتُ أنا بالأمسِ فاعلُه . . .
ألقى على جَسدٍ مُثقّبٍ بعيونِ الضّحايا
خطايا بسخونةِ ما انتهتْ . . .
أنكرتُها . . .
لكنَّها
تجرّدتْ أمامي من ثيابِ زمانِها ومكانِها . . .
عُريٌ
لا تسترُهُ خِرقةُ ندَم . . .
لا اختباءَ خلفَ ضَعْفٍ
كانَ بطشاً . . .
. . . . .
لستُ كذلك
لم أكنْ بقبحِ ما انتهيتُ إليه . . .
لولا أنَّهم
نحتوني من طينةِ خوفِهم . . .
برعوا في تجميلِ عيوبي إلى حدِّ لم تكنْ !
حتى أُلقيَ في مُخيّلتيَ
أنّي ما رجمتُ للهِ بيتاً . . .
سفكتُ دمَاً
ولو لشاة . . .
أبدلتُ وعداً بوعيد . . .
ما أتيتُ قبيحةً
اسودَّ لها وجهُ يوم !
. . . . .
علَّموا كفّي
كيفَ يتبرعمُ فيها الموتُ سيْفاً
هجرَ غِمدَه . . .
مَنْ أكون ؟
لأمتطيَ بتراءَ من دونِ وجَل . . .
لو تجاوزتِ الأنفاسُ مجراها بعيداً
فهي في قبضةِ يدي . . .
غلّقتْ زليخةُ الأبوابَ للعشق . . .
غلّقتُها أنا للموت !
حظيتْ بنبيّ
حظيتُ بثمارٍ حانتْ لقِطاف . . .
قدّتِ القميصَ من دُبرٍ
قددْتُهُ من كُلِّ الجّهات . . .
كنتُ مُتردّداً
لكنَّ السّهمَ مَقتلاً أصاب
الدَّمُ أساسُ الحُكم . . .
. . . . .
أُفرغَ عليَّ ما أُفرغَ على ذي بَسطة . . .
ألقابٌ
نعوتٌ
ألبسونيها
وإنْ جاءتْ فضفاضةً على بدني . . .
عرّابٌ في جُبّةِ واعظ
شمالاً يدعو
يميناً يؤمِّن . . .
إنَّها لحظاتُ صُنعِ إله
تقتطعُ الزمنَ من نَفَسِ التّعساء . . .
يباركُها السّامريُّ عنِ رِضا . . .
عجلٌ بخوارٍ
تأنسُهُ ما تشابهَ بينَ البقرِ من قرون . . .
تهتزُّ ذيولُ شبعٍ أعمى . . .
. . . . .
لم أسمعْ غيرَ صداي في جماجمَ فارغة
لا يمرُّ بها إلآ أنا
وحكايا
بهُتتْ في فمِ التّكرار . . .
نُفخَ في جوفي
ما يُوصلُ لنزعِ الخُفّين !
فكنتُ فوقَ ما تعرفُهُ عنّي ثقيف
ودونَ ما أعرفُهُ أنا . . .
انزعوا عيونَكم . . .
دعوني أتعرّى
ليسَ بوسعِ نهارِكم أنْ يراني هكذا . . .
فماذا عن ليلِكم الذي شرِبَ كأساً من جوعٍ ونام ؟
. . . . .
هِتافٌ
يختمُ يومي . . .
يجرُّني لخطوطٍ حُمرٍ في نسيجِ المنايا
حتى تصلّبَ ما في داخلي صلَفاً
يُصعّرُ للنّاسِ خدّاً . . .
آمنتِ الجّدرانُ قبلَ أنْ يمسَها صوتٌ . . .
ليسَ لِما يخطُّهُ قلمي بيْن بيْن . . .
فبطشت
لا رادَّ لسيفٍ فقيه . . .
دمُ الشّاةِ بدراهمَ
دمُكمْ بشروى نقير . . .
لم أبخسِ الميزانَ قطْ
مذْ أصبحتْ كفّتاهُ عندي !
فهل أطرقُ بابَ شِدادٍ غِلاظٍ وحدي؟
. . . . .
نُبّئتُ
أنَّي ما لا يُسمّى عندَ عُميانٍ
يموتُ يومُهم تحتَ أقدامِهم ضارعين
ما لَهم
يذهبُ ودائعَ
لا تُردّ . . .
أيُّها الشُّقاةُ بأحمالِ غيرِكم
متى تهجرون متاحفَ الشّمعِ لمثاباتِ الشّمس ؟
حتامَ تحسبونَ السّرابَ بحراً ثقُلتْ شِباكُه؟
تعساً . . .
أدمنتُ اللّونَ الأحمر
أدمنتمْ رفعَ اليديْن . . .
أتراكمْ تخلعونَ عاريةَ ما نسجتْهُ العصافيرُ من أحلام؟
. . . . .
إنّي
أراني أحملُ وزراً
قد يقصمُ ظهرَ توبةٍ
تعاليتُ أنْ أُمسكَ لها طرفاً . . .
يستعجلُني شقٌّ موعود
مكبولاً بما جنيْت . . .
بابٌ
يُفتحُ بألفِ لسانٍ
طالما أغلقتُهُ بسبّابةٍ
لا تعرفُ إلآ مُبرمَ موت . . .
لكنْ
دعوني أرثُ صالحةً
علّها ترقّعُ لي فجوةً يومَ الحساب . . .
إنْ أقبلَ سامريٌّ عليكمْ يوماً
ولو بقناطيرَ من ذَهبٍ
ردّوهُ من حيثُ أتى
أو افصلوهُ عن الحياةِ الدّنيا . . .
لأكونَ أنا آخرَ ما صنعتْهُ أصابعُ خوفٍ
طلاسمُ وعّاظٍ
طاقيّةُ إخفاء . . .
وإنْ
فلاتَ عضٍّ على إصبعٍ بعد . . .
هُم . . .
ما لكمْ في مسارِ غدٍ من اسمٍ تُنادونَ به !!
. . . . .
عبد الجبار الفياض
5/ آيار /2019

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق