بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 23 فبراير 2015

العدد الثالث لسنة 2015 ... حارسُ الدّمْعِ ..... للشاعر: خلف دلف الحديثي




العدد الثالث لسنة  2015

حارسُ الدّمْعِ

للشاعر: خلف دلف الحديثي







أدنو من القلب أخفي ضحكةَ الألم
زلفى إلى الموتِ أمشي مُفعمَ البرَمِ
أدنو لبابي ونزفي ساحَ في طرُقي
حتى انتهيْتُ وقد حنّى للرّصيفِ دمي
من طولِ ما نزفَتْ كفّاي من وجعٍ
تقرّبتْ أضلعي تبكي على صَنمي
عضضْتُ إصبعَ أوجاعي فقطّعها
نابُ الجنونِ فلاكَ الإحتراقُ فمي
أمشي دروبا وظلّي لا يُلازمني
عنّي ابتعدْتُ وظلّي للسؤالِ ظمي
على كفوفي أشيلُ الماءَ من عَطشي
فتهرقُ الريحُ منّي الماء في الدّيمِ
إنّي أخافُ وصوْتُ الخوفِ يُغرقني
بموجِ يأسي فيذوي عابساً سَقمي
فأيُّ حرْفٍ أتيتُ الآنَ أطلبُهُ
يشدّني بمراقي كهفِه وَرمي
وبرجُ خوفي به تقتاتُ قافيتي
وصدقُ نبضي أرى في صدقِهِ كلمي
أخافُ منّي وإحساسي برمتُ به
من التمرّدِ واسْتعصى على قلمي
يا للعذابِ أنا الصديقُ يكتبني
سطري ويحملني في دفترِ التُّهَمِ
صوتي ذهولٌ وتقرا العينُ بسملتي
وشمسُ صبحي تعاني علّةَ الهرَمِ
دربي ضبابٌ وعيني ما رأتْ مطراً
يجْري بقحْطي فأخفى صوتَه صَممي
أفقي انكسارُ الصدى في عرْض باديتي
ضعْنا وضاعَتْ بقايا البانِ والعلمِ
فكلّما قلتُ إنّي قد دنوْتُ إلى
شطّ النهارِ تغشّتْ ساحلي ظُلمي
وكلما أبصرَتْ جرْفَ اللقا مُقلي
يعودُ يمْشي لها عكسَ المدى قدمي
حلمْتُ بالأمسِ فاستلقَتْ شواردُها
قصائدُ الحزْنِ فانهارَتْ بها قِمَمي
فقلتُ للنفسِ صبراً واشتكيْتُ إلى
صبري فألقاني بجُبِّ المشتكى سأمي
هذي حياتي بها حاولتُ أوجدُني
بين الرُّكام لألغي في يدي حُطمي
فعلقَتْ موْجةُ الأوجاعِ لثغَتها
بثغرِ طفلٍ يُعاني سوْرةَ الحُممِ
غابَ الصباحُ ولمَّ الليلُ أشرعتي
وأطفأتْ أنجُمي في عشّها ضرمي
غارَتْ نجومي وناقوسي بغربتِه
ما زالَ يطرقُ في بوّابةِ العدَمِ
كلّ الطيورِ غفَتْ في برْجِ لوعتِها
إلا طيوري لها سهْمُ الشّتاتِ رُمي
فقلقلتْ وقتها الساعاتُ وانخرَسَتْ
واثّاءبَ الزمنُ المنثورُ بالنّقمِ
أدقُّ كفّي على كفّي يُخاطبني
موْتُ النواقيسِ إنّي ضعْتُ في السُّدُمِ
حتى أتاني فأجرى من مواطرِهِ
على يبابي بقايا الماءِ في أكمي
فاجتاحني الصوْتُ ممّا كانَ أيقظني
وقد أزالَ رشاشَ الحُلم عن حُلمي
فانسابَ دفئاً يُساقيني بجعْبتِه
صوْتَ الأذان فصاحَتْ أضلعي اسْتقمِ
أحسسْتُ أنّ يداً مرّتْ ليونتُها
على عيوني وعيني بعدُ لم تنمِ
وكنتُ ما زلتُ في أفيونِ لهفتِها
يقتاتني حذري في عالمي الفَخِمِ
أتيْتِ تُلقينَ أعبائي على كتفي
وتوقدينَ جمارَ النارِ في الرِّمَمِ
منْ أينَ قد جئتَ يا أحزانُ ماتَ غدي
وودّعتْ أمسِ في أثوابها نُظُمي
لمَنْ أقمْتَ صلاةَ الموْتِ في مُدُني
ومَنْ إماماً غدا في حرمةِ الحَرَم
ومَنْ توضّأَ في أمْواهِ ميتتِهِ
وباعَ عند مساماتِ النّدى نِعمي
أنا اكتفيْتُ حياتي صوْتُ حشرجةٍ
بها أضعْتُ بقانونِ البُكا قِيمي
مُمزّقٌ ثوبُ آهاتي وقد زخرَتْ
به الشّجونُ فأمسى غيرَ مُحْترمِ
قد ناوأتني ليالي الأنسِ فانتحرَتْ
خضرُ الأماني وجافى صبحُها رُسُمي
تاريخُ أمسي رمى تيجانَه زمني
ولوْنُ وجهيَ ألقى للردى حُزُمي
صادرْتُ نفسي ومني قد هربْتُ إلى
دربِ الضّياعِ لأنفي عن فمي تُهَمي
أنا هدَمْتُ بفأسِ الجرْحِ صوْمعتي
وكسّرَت بعدَها في حدّها هرَمي
لم أبْقِ شيئاً أذى التسويفِ حطّمني
وغيظُ روحي سرى خيلاً بلا لُجُمِ
حطمْتُ واليأسَ ناياتي وعدْتُ إلى
دفاترِ الحبّ أقصيها عنِ النَغَمِ
ذبحْتُ نفسي ورحْتَ الآنَ من وَجَعي
أشدو وأرقصُ كالمذبوحِ بالوصَمِ
فالأرضُ قد مُلئَتْ جوراً وما أحدٌ
يقولُ للموتِ قفْ للعقلِ فاحتكِمِ
الناسُ فوضى بهم قد أمّروا صنماً
فأسلمَتْهم يدُ الأزماتِ للأزَمِ
خضْنا الكوارثَ والأهواءُ تدفعُنا
منْ كفّ طاغٍ إلى أطغى إلى الغُمم
فالموتُ يركضُ في قيعانِ جُمجمتي
ويسلخُ الظلمُ في أسيافِه أدمي
رأسي تصيحُ به أوهامُ غُربتِه
وفيهِ تجلدُهُ أشباحُ مُتّهمي
أصابعُ الموتِ من موْتي مطهرةٌ
وميتةُ السّيْفِ مثلُ الموتِ بالفَحَمِ
سيفي يشيرُ إلى رأسي بسطوتِهِ
ولا جدالَ فسيفي عن سوايَ عَمِ
باعوكَ واحتفلوا مذ طحْتَ يا وطني
وكبّلوا الضوءَ بالأسوارِ والعُتُمِ
داري تباعُ وبغدادُ الهوى ظللٌ
للنازحينَ وفيها الأمرُ للعَجَمِ
بيعَ الترابُ وأرضي غابَ حارسُها
وكلُّ قلبٍ بها بالعادياتِ رُمي
لها أموتُ هَوىً حتّى وإنْ سُلِبتْ
تبقى وجرْحيَ يبقى غيرَ مُلتئِمِ
ألفاً أذوقُ الردى لا أبتغي وطراُ
ولن أداهنَ أهلَ الشرّ والوَهَمِ
ما هبْتُ يوماً ولا هادنْتُ مَنْ جَنحوا
فمَنْ كمثلِ الذي ضحّى ولم يَجِمِ
ومَنْ يفوقُ عطاءَ الجادَ في دمِهِ
بالروح وافى ومَنْ يدنوهُ بالكرَمِ
تركْتُ نفسي وعدْتُ الآنَ من زمني
إلى جواري ولم أفزَعْ إلى الجُرُمِ
لأنّني عدْتُ سكّيني تحاصرُني
وتقتلُ الحُلْمَ للأنسابِ واللُّحَمِ
قد أخطأ السّطرُ بعدَ السّطرِ أسئلتي
ولا جوابَ إلى الطرّاقِ بالحِكَمِ
ماتَ الرجاءُ وبابُ اللهِ مُوصدةٌ
عنّا وما زالَ ينمو في دمي وَرَمي
يا حارسَ الدمْعِ ما شكواكَ في وطنٍ
صارَ الجميعَ به بعضاً مِنَ الخدَمِ
***

9/12/2014



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق