العدد الثامن لسنة 2017
موسوعة شعراء العربية
المجلد الثامن \ شعراء النهضة العربية/ الشاعر ابراهيم المازني
بقلم : فالح الكيلاني
هو إبراهيم بن محمد بن عبد القادر المازني
ولد بقرية ( كوم مازن) بمحافظة المنوفية المصرية عام \1890 م واكمل دراسته الاولية والثانوية في ( المنوفية ) ثم تطلع المازنى إلى دراسة الطب بعد تخرجه من المدرسة الثانوية اقتداءً بأحد أقاربه، ولكنه ما إن دخل صالة التشريح بكلية الطب حتى أغمى عليه .
.
ترك الدراسة الطبية وذهب إلى مدرسة الحقوق ولكن مصاريفها او اجورها زيدت في ذلك العام من خمسة عشر جنيها إلى ثلاثين جنيها، فعدل عن الدراسة في مدرسة الحقوق إلى مدرسة المعلمين. وعمل بعد تخرجه منها عام\ 1909 مدرساً .
.
ضاق بقيود الوظيفة,بعد ان حدثت له بعض المعوقات فاعتزل التدريس وعمل بالصحافة لكي يكتب بحرية, عمل بجريدة( الأخبار ) مع أمين الرافعي، ثم محررا بجريدة (السياسة ) الأسبوعية، و عمل بجريدة (البلاغ ) مع عبد القادر حمزة وغيرهم في الكثير من الصحف الأخرى، كما أنتشرت كتاباته ومقالاته في العديد من المجلات والصحف الأسبوعية والشهرية.
.
عرف عن المازني تمكنه من اللغة الإنجليزية والترجمة منها إلى العربية فقام بترجمة العديد من القصائد الشعرية إلى اللغة العربية،
انتخب عضواً في مجمع اللغة العربية بالقاهرة، والمجمع العلمي العربي بدمشق.
.
عرف المازني انه شاعر من شعراء العصر الحديث، كما عرف كواحد من كبار الكتاب في عصره و عرف بأسلوبه الساخر سواء في الكتابة الأدبية أو الشعر واستطاع أن يلمع على الرغم من وجود العديد من الكتاب والشعراء الفطاحل حيث تمكن من ايجاد مكاناة مرموقة بجوارهم على الرغم من اتجاهاته المختلفة ومفهومه الجديد للأدب، فقد جمعت ثقافته بين التراث العربي والأدب الإنجليزي كغيره من شعراء مدرسة الديوان التي ينتمي كواحد من مؤسسيها الاوائل.
.
حاول المازني ان يبتعد عن العمود الشعري وقصيدة القافية والوزن فجاء بتجربة الشعرالحر او كتابة قصيدة التفعيلة كمجدد نقلته هذه الوضعية من كتابة الشعر المرسل إلى الكتابة النثرية، فخلف لنا تراث غزير من المقالات والقصص والروايات بالإضافة للعديد من الدواوين الشعرية، كما عرف كناقد متميز.
.
اهتم ايضا بقراءة الكتب الفلسفية والاجتماعية، وقام بترجمة الكثير من الشعر والنثر إلى العربية وقد قال الايب عباس محمود العقاد عنه ( إنني لم أعرف فيما عرفت من ترجمات للنظم والنثر أديباً واحداً يفوق المازني في الترجمة من لغة إلى لغة شعراً ونثراً).
.
يعد المازني من رواد مدرسة الديوان وأحد مؤسسيها مع كل من
عبد الرحمن شكري، وعباس محمود العقاد، عشق الشعر والكتابة الأدبية وعمل في شعره على التحرر من الأوزان والقوافي ودعى كغيره من مؤسسي مدرسة الديوان إلى الشعر المرسل، الا انها كانت اشبه بمحاولات لهم فقد غلب على شعرهم وحدة القافية وعمود الشعرالعربي الخالد،
.
اتجه المازني للنثر كما انه أدخل في أشعاره وكتاباته بعض المعاني المقتبسة من الأدب الغربي، وتميز أسلوبه بالسخرية والنكتة واتخذ في كتاباته الطابع الساخر وعرض من خلال أعماله الواقع الذي كان يعيشه في شخوص أو تجارب شخصية أو من خلال حياة المجتمع المصري في تلك الفترة، فعرضه بكل سلبياته وإيجابياته من خلال رؤيته الخاصة وبأسلوب مبسط بعيداً عن التكلف الشعري والأدبي.
.
توقف المازني عن كتابة الشعر بعد صدور ديوانه الثاني في عام 1917م، واتجه إلى كتابة القصة والمقالة الصحفية والنقد الادبي .
لقد كان المازني شاعراً يعظم الشعر ويجسد فيه كل انفعالاته ويصورفيه همومه وأحزانه وذكرياته . امتاز شعره بجزالة اللفظ ونصاعة الفكرة جمع بين الثقافة العربية التراثية وبين الثقافة الغربية وكان وزميلاه شكري والعقاد من اتباع المدرسة الرومانسية ومن أصحاب مدرسة الديوان، وكان بينهم وبين مدرسة شوقي وحافظ مساجلات نقدية حيث أصدر كتاباً بعنوان: (شعر حافظ) كما أصدر مع العقاد كتاب (الديوان) نقدا فيه الشاعرين حافظً ابراهيم – شاعر النيل واحمد شوقي اميرالشعراء وتعرض بعد ذلك في دراسة نقدية لشكري والمنفلوطي، ولقد تميز أسلوبه بالسخرية والفكاهة التي شاعت في مقالاته وله فلسفة خاصة في الحياة ظهرت من خلال عمله في الصحافة فترة من الزمن حيث كتب في الأهرام والهلال والبلاغ والرسالة وغيرها من الصحف والمجلات وكان يقدم تجارب حياته اليومية في قصصه التي جمعها بعد نشرها في الصحف في كتب ويصفه الناقد الدكتور( محمد مندور) بأنه كان رائداً للتجديد الأدبي عامة والشعر بخاصة في النصف الأول من هذا القرن.
.
توفي الشاعر ابراهيم عبد القادر المازني سنة 1949
.
ترك لنا المازني ثروة ثقافية وادبية والعديد من الأعمال الشعرية والنثرية المميزة نذكر من أعماله:
إبراهيم الكاتب
وإبراهيم الثاني – رواياتان،
أحاديث المازني- مجموعة مقالات
حصاد الهشيم في النقد
خيوط العنكبوت،
ديوان المازنى
رحلة الحجاز
صندوق الدنيا( في السياسة والاجتماع )
عود على بدء
قبض الريح
الكتاب الأبيض
قصة حياة
من النافذة
في الطريق
شعر حافظ
الديوان بالاشتراك مع عباس محمود العقاد
الجديد في الأدب العربي
.
لقد كان المازني أديباً عظيماً وصاحب مدرسة ومذهب في الأدب ليس له نظير في أدب المشرق والمغرب في إجادته لأدب الترجمة فهو يترجم الشعر و النثر كأسلوب الجاحظ وقد أضفى على ترجماته من حسه وروحه وطلاوته وموسيقاه مما جعل الناس يقبلون بشوق وشغف عليها واتسم نتاجه بالخصوبة والتنوع وقد تاثر في شعره بشعرالشريف الرضي وابن الرومي وبشار بن برد وغيرهم من الشعراء العباسيين وكان يكثر من الشكوى والالم والحسرة يقول :
.
خيم الهم على صدري يا صديقي
وبدت في لحظة الليل الهموم
.
لقد كان منذ صغره أخلص الأدباء للشعر والأدب والكتابة ورسم صورة قلمية تنبض بنبض حياته في مسراتها وأحزانها وقوتها وضعفها في طليعة رواد النهضة العربية ولعمري لست اتحسس شيئا هو أحلى جنى وأعذب زلالا من الشعر إذا صدقنا قائله وترفع عن التقليد الذي لا حاجة بنا إليه ولا ضرورة تحملنا عليه، وتنزه عن مجاراة الناس ومشايعة العامة وتوخّي مرضاتهم فإن لنا أعينا حداسة وقوة حساسة وتذقا سليما ومادة الشعر واسعة فياضة لا تفني ولا تزول .
.
وما الشعر إلا معان لا يزال الإنسان ينشؤها في ذاته ويصرفها في فكره ويناجي بها قلبه ويراجعها في عقله، فمعانيها في كل ساعة تتجدد وفي كل لحظة تتولد لتشكل احساسا صادقا منبعثا من قلب مفعم بالشوق غارق بالعاطفة ثم تنهال محتدمة عليه الافكارالمتعلقة باهداب الخيال الثر وتشده الاحاسيس في شعر رومانسي قل مثيله ليكون نغما صادقا ولحنا رائعا يسع الدنيا ومن فيها ذلك هو الشاعر المازني .
.
ومن روائعه قوله:
فؤادي من الآمال في العيش مجدب
وجوى مسود الحواشي مقطب
تمر بي الأيام وهي كأنها
صحائف بيضٌ للعيون تقلب
كأن لم يخط الدهر فيهن أسطرا
يبيت لها الإنسان يطفو ويرسب
شغلت بماضي العيش عن كل حاضرٍ
كأني أدركت الذي كنت أطلب
وما كلت الأيام من فرط عدوها
ولا عطل الأفلاك خطبٌ عصبصب
وما فتئ المقدار يمضي قضاءه
وما انفك صرف الدهر يعطي ويسلب
وما زلت ظهر الأرض في جنباته
مراحٌ لم يبغي المراح وملعب
ولكن قلباىً خالجته همومه ترى
أي ملهى طيب ليس يجنب
وكيف يسري عنه ملهى ومطرب
وما يطبيه غير ما بات يندب
لقد كان الدنيا بنفسي حلاوةٌ
فأضجرني منها الأذى والتقلب
وقد كان يصيبني النسيم إذا هفا
ويعجبني سجع الحمام ويطرب
ويفتنني نوم الضياء عشيةً
على صفحة الغدران وهي تسبسب
فمالي سقى اللَه الشباب وجهله
أراني كأني من دمائي أشرب
وما لي كأني ظللتني سحابة
فها من مخوفات الأساود هيدب
وليلٍ كأن الربح فيه نوائحٌ
على أنجم قد غالها منه غيهب
تجاوبها من جانب اليم لجةٌ
نزاءر فيها موجها المتوثب
كأن شياطين الدجى في أهابه
تغنني على زمر الرياح وتغرب
لقيت به ذا جنةٍ وتدلةه
له مقلةٌ عبرى وقلبٌ معذب
فقلت له ويلي عليك ولهفتي
ترى أين يوميك السرى والتغرب
ركبت الدجى والليل أخشن مركبٍ
فهل لك عند الليل ويبك مطلب
فقال وفي عينيه لمعٌ مروعٌ
وفي شفتيه رجفةٌ وتذبذب
ليهن ترابٌ صم حسنك أنه
سيرويه منه عارضٌ متصبب
سقاها ورواني من المزن سمحةٌ
فإني في ملحودها سأغيب
كفاني إذا ما ضم صدري صدرها
تحية سحب قلبها يتلهب
أأنت معيني إن قضيت بدمعة
يحدرها عطفٌ علينا ويسكب
فقلت له ما لي لدى الخطب عبرةٌ
تراق ولا قلبٌ يرق ويحدب
سكنت فما أدري الفتى كيف يغتدي
تجد به الأشجان طوراً وتلعب
ولكنني إن لم تعنك مدامعي
سأستهول الموت الذي بت تخطب
سأصرخ أما هاجت الريح صرخةً
تقول لها الموتى ألا أين نهرب
.
امير البيـــــــان العربي
د فالح نصيف الحجية الكيلاني
العراق- ديالى - بلـــــــــــد روز
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق