بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 4 أكتوبر 2017

العدد الثامن لسنة 2017 أيّ أبعاد شعريّة للحداثة في "عيون هابيل" ؟" لعبد الجبّار الفيّاض " الأستاذة الدكتورة عائشة الخضراوي استاذة اللغة والأدب المقارن / كلية الاداب والعلوم الانسانية / جامعة تونس



 العدد الثامن لسنة 2017

أيّ أبعاد شعريّة للحداثة في "عيون هابيل" ؟" لعبد الجبّار الفيّاض "

الأستاذة الدكتورة عائشة الخضراوي استاذة اللغة والأدب المقارن / كلية الاداب والعلوم الانسانية / جامعة تونس



" ليست الحداثة لباس موضة متحوّلة يغطّي الجسدَ من قصيدة النّثر، إنّما هي حسّ فنيّ ينمو في عمق عمقها ويتحوّل باطّراد، بما هي موقفُ وعيٍ ورؤيةٌ ورؤيا "
قبل المدخل:
عندما صافحت عيناي الدّيوانَ مصافحتَها الأولى قبل الغوصِ في تفاصيلِ لوحاتِهِ، علمتُ أنّي في حضرةِ شاعرٍ استنشق عميقا فملأ رئتيه من نسائم الحرّيّة في إنشاءِ الشّعرِ وامتلأ بها امتلاءً بعد أن نهل حدَّ الرّواء من عيونِه الأصيلةِ.
وجدتُني أيضا في حضرة شاعر عامرِ الوٍطابِ ممّا ينبغي أن يكون عليه الشّاعرُ الحديثُ الحداثيُّ من امتلاكٍ لناصيةِ اللّغةِ واختزانٍ لثقافاتٍ متنوّعةٍ قديمةٍ وحديثةٍ، أصيلةٍ ووافدةٍ، وذلك في انفتاح أدبيّ لافتٍ ما حضرتُهُ عند كثيرٍ من شعراءِ العصرِ؛ ولم يكن ذلك عنده مجرّدَ أحمال للعَرْضِ والزّينةِ فحسب، إنّما ذلك كان تثاقفاً إنسانيّا انصهرت فيه ذاتُه فتفاعل وتماهى معه واستثمره بوعي عميقٍ أيقوناتٍ وعلاماتٍ فنّيةً دالّةً في ديوان "عيون هابيل"، فكان ذاك الزّاد الضّافي تمثيلا لوشائجَ رفيعةٍ تَصِلُ بحبلٍ لا يأتيه الخَلَقُ من قُبُلٍ ولا من دُبُرٍ بين الماضي والحاضر، فمن تاريخ غبر واستحال تراثا ومن تاريخ راهن يتأسّس واسعا مخترقا للزّمن ومتشعّبا ومستشرفا ، وبين الغائب والحاضر من الإنسان المعجون بفطرةٍ نُطفَتُها من علق متأثّرٍ بماء راهِنِه، وبين الأمكنة متقاربةٌ كانت أومتنائيةً في اختراق لافتٍ لجغرافيا الأرض...
ذلك هوالأساسِ الّذي تشكّلتْ عليه ذائقة الشّاعرعبد الجبّار الفيّاض ومعه القارئ المتابع لمثل هذه اللّوحات الحداثيّة في عصرنا هذا. فالشّعار المرفوع عاليا بيديهما هو: لن تبدع شعرا وخزانة ثقافة الوجود لديك خالية ولن يدرك أو يحبّ المتلقّي ما يقرأ إن خلا من تلك الثّقافة ولم يكن "إيلي أبو ماضي" حائدا عن الصّواب عندما قال:
" والمرء ليس يحبّ حتّى يفهما "
إنّه المدّ الفنّيّ المتواصل منذ بداية التّمرّد على السّكَنِ في قصرِ " دائرة الخليل"؛ وإنّه أيضا المدُّ النّاهل من الحضارة الإنسانيّة وفنونها المتعدّدةِ دون إنكارٍ لثوابت "شعريّة الشّعر" الأصيلة...
فما هي أبرز التّجليّات الفنّيّة في لوحاتِ الشّاعر عبد الجبّارالفيّاض؟ أهي شعريّة الثّقافة أم شعريّة الشّعر؟ أم هي شعريّة الثّيمات؟
في العمق:
بعيدا عن اختلاف المفاهيم النّقديّة من أفلاطون وأرسطو عند الإغريق إلى العصر العبّاسيّ من عبد القاهر الجرجاني ( عند العرب) حتّى العصور الحديثة، من بودلير وبعده مؤسّسي علوم اللّسانيات على اختلافها في الغرب، إنّما نعني بمصطلح الشّعريّة الخصائصَ الّتي تخرج بالكلام المنطوق أوالمكتوب العاديّ عن الطّرق المسطورة فيستحيل كلاما منزاحا إلى رؤى أخرى تمتزج فيها ذات المبدع الشّاعر بموضوع راهنه: إنّه فنّ الشّعر الآسر السّاحر لمبدعه ومتلقّيه في ذات الآن... ومن هذا المنطلق سنبيّن أهمّ تجلّيات الشّعريّة في "عيون هابيل" للشّاعر العراقيّ الكبير عبد الجبّار الفياض، وذلك في مستويات ثلاثة أشرنا إليها في سؤالنا السّابق هي شعريّة البناء ورسم الفضاء البصريّ في جسد القصيدة والديوان، وشعريّة الثّقافة وتماهيها مع شعريّة الثّيمة.
1- شعريّة البناء ورسم الفضاء البصريّ في جسد القصيدة والدّيوان.
إنّ العناوين الكبرى والعناوين الصّغرى والفواتحَ والتّصديراتِ والهوامشَ من العتبات الهامّة لمُتُونِ الدّواوين والكتب عموما، فهي تُعَـدُّ الأبوابَ والنّوافذَ الّتي اختارها المبدع إشاراتٍ لنفاذ القارئ منها إلى هُوِيةِ تلك المُتُونِ وأعماقها.. ومن العتبات كلمة الإهداء الموجَزة المهداة إلى " الدّكتورة زينب أبوسنة" الّتي افتتح بها شاعرنا ديوانه وأطلق فيها على قصائد الدّيوان الثّلاثين (30) تسمية "لوحات" بما تحمل هذه التّسمية من إشارات متّصلةٍ بالبصر فتلحق القصائد بفنّ الرّسم والنّحت والمشهد المسرحيّ الدّراميّ، وقد تلتحق في مخيّلة القارئ بـ"اللّوح المحفوظ" أيضا.
ولعلّ الناّظر في ديوان " عيون هابيل" يلحظ فعلا أنّ كلّ قصيدة من القصائد تطالعنا وسط فضاءٍ بصريٍّ متّسع وممتدّ حتّى لكأنّ كلّ لوحة تمثّل كائنا بصريّا مستقلا عن أمثاله من فضاءات ثلاثين أثّثت جسد الدّيوان، فلم يقطع شاعرنا مع شكل القصيدةِ العموديّة في هيأة شطراتها المتناظرة وما يتّصل بها فحسب، وإنّما القطعُ كان أيضا مع هيكلة القصيدة الحداثيّة الّتي هي في الأصل وَحْدَةٌ متكاملةٌ أيّا كان التّفاوتُ بين سطورها، وتقطيع الجمل الشّعريّة فيها، وأيّا كان عَدَدُ مقاطعِها...
فاللّوحة (أو القصيدة ) الأولى " عنوانها "شرك" تلاه عنوان فرعيّ مثّلته جملةٌ طلبيّةٌ إنشائيّة مؤثّرة وجّهها في توسّل وهّاجٍ مدْهِش من حبّ فائض للعراق:
( اِغفر لي يا عراق فقد أشركت)
ويُتبِعها بمقاطع أو لوحات فرعيّة عددها تسعةٌ، وتتوزّع أسطرها بأطوال متفاوتة وبعدد محدّد من الكلمات...
كلّ سطر يمثّل وحْدَةً إيقاعيّة مزدوجة بصريّة وسمعيّة إذا ما قُرِئت بالصّوت...وكلّ مقطع يمثّل كذلك وَحدة إيقاعيّة مزدوجة بصريّة- سمعيّة أوسعَ. وهكذا تستحيل القصيدة لوحة ً فسيفسائيّةً تلتئم أجزاؤها المتفاوتةُ بيدٍ فنّانةٍ ماهرة أو كفرقة موسيقيّة بآلات إفريقيّة تبدع من نشاز الأصوات لحونا مختلفة، وعلى هذا النّحو من البناء صمّم الشّاعر قصائده الثّلاثين في هذا الدّيوان..
إنّ هذا النّحوَ من بناء القصائد يأخذنا إلى أحدث أطوار التّجريب في الأدب سردا وشعرا، ففي السّرد مثّله ما أُطْلقَ عليه اسم " القصّة المسبحة" ، وليس الشّعرُ بمنأى عن هذا التّجريب إذ انخرط فيه عدد من الشّعراء، وقد أرسل إليّ صديق أردنيّ منذ سنتين تقريبا ديوانا للتّدقيق قبل النّشر وجرّب في هذا المجال بذات الشّكل وبضوابط معيّنة تصل المقطعَ بالمقطعِ حتّى تقوم القصيدة بذاتها... ويبدو أنّ شاعرنا العراقيّ لا يتوقّف عن الرّحيل في عوالم الابتكار بحثا عن " قصيدةٍ رؤيا" لا حدود لمعالمها؛ فقد انخرط هو أيضا في هذا التّجريب منذ مدّة ببصماته الفريدة، وما ديواناه " السّيّاب يموت غدا" و"هروب حمورابي" الّلذان أثبت منهما نفس القصيدتين ( السّياب يموت... وهروب حمورابي..) في "عيون هابيل" إلاّ دليل على ذلك...
إنّ الفضاءَ المكانيَّ الأبيضَ حقل خصب أدركه الشّاعر لزرع فسائل إيقاعات شعره واستثماره بكلّ ثقة المبدع والباحث لتحريك سواكن القارئ للبحث عن موسيقى أوسع وتعويده على الإنصات إليها كما يصيخ صوفيّ إلى موسيقى الكون والمُدى...
يقول الفيّاض في المقطع الأوّل من قصيدة " شرك" ملتمسا غفرانا من عراقه لشراكةٍ لا مفرّ منها قد عقدها قلبُه بين أنثى وهذا العراقِ المقدّسِ، فكانتِ امتزاجا ثلاثيّا بين الذّات المفرَدة والآخرِ والمكانِ في رؤيا استشرافيّة، وحلمًا باستعادة تقويم لمَنْ كان قد خُلِقَ في أحسن تقويم وقامةٍ لا تنحني :
قفي
لي ما تبقّى . . .
خيوطٌ عنكبوت
لعلّي أصنعُ بيتاً من وَهْم
أنْ أُدركَ نهاياتٍ
بقامةٍ
ما مرّتْ تحتَ مُنحنى . . .
أُرتّقَ ما تَهَلهل
اتسعتْ على راقعِها الخروق . . .
أجمعُها
رُبَما تكونُ أنا الذي أحببتِ أنْ أكونَهُ منذُ سنين !
بيد أنّ الشّاعرَ لم يكتف في استثمار الفضاء المكانيِّ في "عيون هابيل" بالبنيةِ المَقطعيّةِ الفسيفسائيّةِ للقصيدة اللّوحةِ ، وتوزيع أسطرها، وتقطيع جملها تقطيعا قد لا ينسجم مع وحدة المعنى، وجعل من فكّ الارتباط الشّكليّ للجملة إيقاعاتٍ موسيقيّةً مختلفةً، بل كانت الهوامش التّوضيحيّة ممّا رتق به جسد اللّوحات على متنِها لا على ما جرت عليه العادة من تثبيتها في أسفل الصّفحات حديثا أو على جنباتها كما في الكتب القديمة...
إنّ بطاقةَ الهوية للّوحة القصيدة تجريبٌ متفرّدٌ لرتقٍ متواصلٍ ومحاولاتٌ لبعث مستمرّ، أفلم يقل الشّاعر في ذات القصيدة ؟:
" أرتّق ما تهلهل
اتّسعت على راتقها الخروق
أجمعها
ربّما تكون أنا الّذي أحببت أن أكونه
منذ سنين".
ولم يكن عزيزا على الشّاعر استثمار الفراغات وعلاماتُ الوقف وعلى االأخصّ نقاط التّتالي حتّى صارت من جسد القصيدة، وساهمت في إحداث الارتباك في عين القارئ الرّائي في مواضع عديدة من الدّيوان... فقد استخدم نقاط التّتالي الثّلاث لوظيفتها الأصليّة وهي الوقف لترك فسحة لمخيّلة المتلقّي وفكره للجمع أو الاستكمال، واستخدم نقاطا متتالية كثيرة قد تبدو للقارئ العاديّ اعتباطيّة في مواضع للفصل بين المقاطع حيث لا يوجد عنوان لها ...
تلك كانت أهمَّ تجلّيات استثمار الفضاء المكاني لكتابة القصيدة في " عيون هابيل"، فما أبرز تمثّلات الشّعريّة المُترائيَةِ في ما اعتمده " الفيّاض" ثقافته الواسعة تعبيرات عن همومه الذّاتي-موضوعيّة؟
2- شعريّة الثّقافة والثيمات واللغة:
لا يخفى على أيّ قارئ لهذا الدّيوان منذ الوهلة الأولى أنّه موسوعةٌ بل مهرجانٌ حافل من الرّموز والأقنعة والأيقونات والشّفرات الانزياحيّة تؤكّد أنّ الفيّاض خلاصةُ ثقافته وهو كائن فاعلٌ، متماهٍ فيها بدعائمها وفلسفتها ورؤاها يأخذ منها حاجته بمبدإ " الحكمة ضالّة المؤمن يأخذها حيث وجدها" لا مقلّدا لها بانبهار ولا منكِرا بادّعاء... ولذلك كانت ثقافاته المتنوّعة الّتي أشرنا إليها في تمهيدنا " قبل المدخل " أدواتٍ فنّيّةً توسّل بها رسما لهويته الإنسانيّة غير المنبتّة عن واقعه أوّلا ، وتوسّل بها أيضا لرسم معالم القصيدة الّتي هي كائن حيّ متطوّر لا يقف عند حدود إلّا جمايات فنّ الشّعر الّتي لا تحضر مجانا في أجساد القصائد...
فمن أسماء الرّموز التّاريخيّة شكّل تآلفاتٍ من متباعداتٍ في الجغرافيا والزّمان، والمناخات الفكريّة و"رتق الخروق على اتّساعها" لبناء هيكل القصيدة في سَدى جديد متوالد وتقويم ذات منكسرة في جسد واقع راهنٍ مَعِيشٍ لا يزال يتأبّى رافعا متاريسه في وجوههم لوقف الطّامحين إلى عالم بلا ظلم، وفي وجوه المتمرّدين على نظم فكريّة مستعبِدة للإنسان قبل أن تؤول إلى منظومات سياسيّة توسّع الهوّات بين الإنسان والإنسان وتخلخل ما استقام فيهما... واالشّاعرعبد الجبّار الفيّاض مدرك لذلك حامل لذلك الهمّ كما يبرز لنا من انزياحاته بتلك الرّموز إلى غايات فنيّة وأخرى ثيميّة ... فمالك بن الرّيب، وابن زيدون وابن حزم الأندلسيّ والسّياب ولوركا الذّبيح وغيرهم ( على سبيل المثال) أدلّة على ذلك...
إلى ذلك استثمر شاعرنا الأمكنةَ الجغرافيّة الحسّية بالعراق ومصر ( النّيل) وغيرهما لذات الغرض الفنّي والثّيميّ، وعلى غرار المبدعين العرب وغيرهم، راح ينبش في غور الإبداعات العالميّة والتّراث الميثولوجيّ الشّعبيّ والعالميّ دون أن يهمل أجساد البنى المجتمعيّة الخاصّة والعامّة ليقطف منها شفرات يتمّم بها عمق الجمال المحيِّر ورسم همّ القصيدة... فمن علي بابا والأربعين لصّا رمزا ومادّةً فنّيّةً جماليّة ًوجد نظراء لهم في "زمن لصّ" .
2 زمنٌ لصّ
ليسَ لأحدٍ أنْ يُقيّد لهُ قدماً . . .
نحتَ كُلَّ شئ
إلآ ما هو لكِ
أرضٌ حَرام . . .
أبجديةُ ماءٍ لا ينقطع
ما انفرطَ من عقدِ سني جلجامش لأجلِه. . .
اكتفى ابنَ حزم برسمِ طوقِ حمامتِه
ليتهُ تركَ بابَ برجهِ مفتوحاً !
وفي لوحات صغيرة مرتبطة باللّوحة السّابقة ( ذات اللصّ) وما بعدها، تنتشر عبارات من لغة تذكّر بماض-حاضر وحضارة يخبو ألقها فلا يحتفظ منها الرّاهنُ إلاّ بألف وجه للبؤس والانكسار ك"العاري من بابا" والشّناشيل" المهجورة و" عقد جلجامش" الّذي لم ينفرط...
ولعلّنا إذ نبيّن زخم ثقافة شاعرنا واستثمارها فنّيا لموضوعه وربّما لرسائله الفنّيّة المشفّرة لا نغفل أنّه من اختياراته الواعية لذلك اعتماد رموز نسويّة من عمق حضارتنا العربيّة الإسلاميّة الّتي قلّما اعتمدها المبدعون قديما لاعتبارات مختلفة وأهملوها حديثا لأسباب أخرى... إنّها لأسماء لها علامات فارقة لتمرّدهنّ ولفعلهنّ في تغيير موازين العادة والقيم:
في قصيدة " اعترافات بن جلا " يقول:
أنا الذي لا يتجزّأ
تجزّأت
أمامَ اسماء
سكيْنة
غزالة
هنْد !!
ما مسحتُ دَمَاً عن سيف
بلْ يمسحُها دمٌ آخر . . .
ما تلجْلجَ لساني عن امتطاء شواردِ الكَلِم
ما تداركتُ بعد مضيّ . . .
علّمتُ القرانَ
وما علمتُ
أنّ المرأةَ حربٌ منتصرة . . .
تُسقطُ أميراً
صنعَ من الرّمالِ أسرجةً لخيْله

في الختام:
من خلال ما تقدّم من الإشارات إليه نستخلص أنّ عبد الجبار الفياض) تمكّن من بناء قصيدة حوت حيثيّات همومه، وآلامه، وأحزانه اليوميّة عبر هواجسه المختلطة مع الحسّ الجمعيّ، ووِفق منظومة التّعايش بين منظومة التلقّي، وبين معالم البنائيّة الشّعريّة، لينشئ حالة من الابتكار في ملامح قصيدته الادهاشية اللّافتةِ. وملأ سلال الشّعر في هذا الدّيوان من زهور ثقافته اليانعة منها والأصيلة حتّى فاضت على الجهات الأربع حدّ السّؤالين اللّجوجين: ما حدود الوشيجة الّتي ينبغي أن تربط بين الشّاعر والمتلقّي ليتواصلا فيتكاملا؟ أليس صاحب " عيون قابيل" يرسل شيفراته و أيقوناته إلى طبقة مخصوصة متعالية من الشّعراء والمتلقيّن؟
وما من عيب أن يكون كذلك، فالشّعر كلام فوق الكلام العاديّ في الأصل وإن حمل من هموم النّاس ما حمل؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق