العدد7 لسنة 2016
أدباء منسيون من بلادي (21)
فتاة الجسر... باكزة أمين خاكي.
أدباء منسيون من بلادي (21)
فتاة الجسر... باكزة أمين خاكي.
تقديم : علاء الأديب
التقديم:
..............
لم يكن بأيّ حال من الأحوال تجاهل دور المرأة العراقيّة في المشهد الثقافي المعاصر وما ذهبت اليه في ترصين هذا المشهد وتدعيمه وإضافة الكثير له من صور الإبداع والتميّز .
بيد أنّ العديدات من أديباتنا اللواتي شاركن مشاركة فاعلة في هذا المجال لم يأخذن نصيبهن الأوفر من الاهتمام اعلاميا على رغم حجم المنجز الذي قمن به.
ومن أديباتنا اللواتي يحاول النسيان طيّهن وطيّ منجزهنّ الإبداعي شاعرتنا العراقيّة العربيّة الأصل والمصريّة الجنسيّة باكزة محمد أمينالتي اطلق عليها اسم فتاة الجسر لمشاركتها بالتظاهرات التي حدثت على جسر الشهداء قبل قيم ثورة تممز في العراق واصيبت فيها.
ولست هنا إلا جامعا ما حوته عن شاعرتنا الصفحات لإعادة الذكرى اليها ولدورها الذي من الحيف أن يطويه النسيان .
نسأل الله الرجمة والمغفرة لشاعرتنا ولنا التوفيق في إعادة ذكراها.
علاء الأديب
ولادة الشاعرة
.................
ولدت باكزه أمين خاكي في بغداد ( 1936 - 2003 م) من أبوين عربيين وينحدر والدها من قبيلة ربيعه العربية.
تعليمها :
..........
تعلمت في بغداد تعليما نظاميّا ،
وواصلت تعليمها حتى التحقت بالمدرسة الثانوية في مدينة كركوك بصحبة والدها الضابط في الجيش العراقي وتخرجت فيها، مما أهلها للالتحاق بكلية الآداب في جامعة بغداد (1950).
حصلت على ليسانس الآداب قسم اللغة العربية- جامعة بغداد . حصلت على الدبلوم العالي في تنمية المجتمع في المركز الدولي بسرس الليان - مصر.
النشاط الأدبي والسياسي
...............................
اشتركت في عديد من التظاهرات الوطنية وتعرضت للمحاكمة والاعتقال قبل ثورة تموز. اشتركت في معركة الجسر وأصيبت وكتبت عنها الصحافة العراقية تحت عناوين ( فتاة الجسر ) قبل ثورة تموز..
نظمت الشعر وهى فى المرحلة الابتدائية وأفسحت لها الصحف العراقية صفحاتها وهى لم تزل فى سن الرابعة عشر من عمرها
الجنسيّة المصريّة:
....................
اكتسبت الجنسية المصرية بالزواج من المهندس / سمير عثمان خريبه ( الخبير الدولي بالأمم المتحدة ) واقيمت في القاهرة ولها أربعة أنجال ( ثلاث بنات الاولى دكتورة ، والثانية اثرية ، والثالثة محاسبه وولد المستشار / سليمان سمير عثمان خريبه. .
إنتاجها الأدبي
.............................
لها مجموعات شعرية عديدة
*الساقية.
*غداً نلقي.
*الف ليلة وليلة.
هذا بالاضافة الى قصائد لها في كتاب ( معجم الشعراء من العصر الجاهلي حتى سنة 2000، بغداد- 2002) للكاتب كامل سلمان الجبوري وكتاب (شاعرات العراق المعاصرات، النجف - 1995) لسلمان هادي طعمة وكتاب (شعراء بغداد، بغداد - 1962) للأديب علي الخاقاني.
مؤلفاتها باللغة الكرديّة
............................
اما بالنسبة لمؤلفاتها باللغة الكوردية، فلها مشاركة ضمن مجموعة من النتاجات الادبية بعنوان (آسوس) بالمشاركة مع أدباء آخرين وتتضمن (آسوس) وهي على شكل مجلة تحتوي على نصوص وكتابات لشعراء وكتاب الكورد صدرت عام 1984 في بغداد. كما كتب عنها الكثير من الادباء والنقاد في دراساتهم ونشرت معظم مؤلفاتها في الصحف والمجلات العراقية والكويتية والمصرية. كما القت عدة قصائد في الإذاعة العراقية في مناسبات عديدة، واشتركت في عديد من المؤتمرات في بلدان مختلفة.
كتب عنها :
..................
*كتب عنها الأستاذ سلمان هادى طعمه فى كتابه ( شاعرات العراق المعاصرات)
*كتب عنها الأستاذ على الخاقانى فى كتابه (شعراء بغداد)
*كتب عنها الدكتور أحمد حميد العزاوى فى (دراسة وجمع وتحقيق) عن حياتها وشعرها، قدمت الى كلية العلوم الإسلامية – جامعة بغداد.
*كتب عنها الناقد عبد الجبار داود البصري فى كتاب (مختارات من الشعر النسوى العراقي) تحت عنوان ” لوحات وأساور
*أدرجت تحت حرف الباء فى قاموس تراجم (أعلام العراق الحديث) للأستاذ باقر أمين الورد المحامى
نشرت لها معظم الصحف العراقية والكويتية والأهرام المصرية والنيابة العامة المصرية *.
مشاركاتها :
................
اشتركت فى عدة مؤتمرات : مؤتمر الشباب الأسيوي الأفريقي 1959 – القاهرة ، مؤتمر تنمية المجتمع 1961- بيروت ، مؤتمر الاتحاد النسائي العربي 1966- القاهرة ، مؤتمر القوة الشعبية العربية 2001- بغداد ، مؤتمر القوة الشعبية العربية 2002- بغداد.
حصلت على وسام الماجدة للإبداع الشعري من الاتحاد النسائي العراقي فى مؤتمر القوى الشعبية العربية سنة 2002.
من آخر قصائد الشاعرة الراحلة باكزه أمين خاكي :
............................................................
"سلمت يا عراق" نشرت في جريدة الأهرام
أجحافل الأقزام داست في حقولك يا عراق... بلا حذر
وتوغلت تهدي الي أطفالنا خوفا وذعر
وتوسدت عذراء بغداد الحطام .... أنينها هز الحجر
وصراخ أطفال الرياض تحرقت أجسادهم تحت اللهيب المستعر
ونظرت في كل الوجوه لعلني أحظي بشيء للنبي المنتظر
وصرخت من أعماق قلب يعتصر
الله أكبر فالعروبة تحتضر
يا قمرا ... اسطع علي بغداد يا أبهي قمر
امسح جراح البائسين ..أنـر دروب العز .. والمجد الأغر
يا موطني .. لملم جراحك يا أبي ولا تفر
كم للفوارس كبوة رغم البسالة ... وقعها لا يغتفر
اني عهدت سعفك يا فرات مواضيا لا تنكسر
يا موطني ..أوقـد رمالك يا عراق فملؤها زيت
وصب فوق العدا ... نار وشر
من قال عاصمة الرشيد استسلمت للغاصبين ... فقد كفر
وبرغم كل النائبات سمعت صوتا عطر الآفاق
فاذ به صوت الشهيد مرتلا
سلمت يا عراق .....سلمت ياعراق
سمات شعرها
...................
تميزت قصائدها بالسرد الشعري العميق الدلالة ينمي عن وجدانية رقيقة وحس مرهف يختلج حزنا دفينا، بالاضافة الى وحدة الوزن والقافية وقوة الاسلوب وجمال السبك مع جزالة في الالفاظ كما انها جمعت الكثير من المعاني في قليل من الالفاظ.
من الآراء التي قيلت فيها، يقول الدكتور احمد العزاوي في دراسة لديوان باكزة أمين خاكي:" ان اول ما يطالعنا في شعر الشاعرة باكزة البساطة وذلك يعني انها لا تتكلف كثيرا في تقصي مفردات تراكيب قصائدها الشعرية ولا تبحث عن المفردات الفخمة التي يكتنفها الغموض وانما تنساق المفردات على سجيتها وعلى ما تمليه احاسيسها الشخصية.
وحينما نقرأ شعر شاعرتنا نجده يبحث في أمرين:
الاول: هو الشعر العاطفي الذي كان يعبر عن اعماق ما بداخلها بكل بساطة وعفة وقد تأثر هذا كثيرا بعد فقدها لوالدها الذي كانت متعلقة به كثيرا.
الأمرالثاني: هو الشعر القومي الذي عبرت فيه عن حبها لوطنها الكبير فقد كانت تنتهز أية مناسبة لتعبر عن حسها القومي المثقل بالقهر، فتارة تعبر عنه صراحة وآخرى تقولها بتهكم على الاوضاع كما في قصيدتها( لسنا عبيد)" فتقول:
ناموا رعاة القوم ولا تستيقظوا فالذئــب تألفــه الاغــنام
حيوا رجال الحكم فيابراجهم فاليهم من منعمين بسـلام
وهذا ما عرضها لمشاكل كثيرة كالمساءلة والاعتقال والمحاكمة.
ولعلنا نستشف في بعض أبياتها ما يدل على كورديتها عندما ورد ذكر بعض الاسماء الكوردية في قصيدتها هي أسماء لأخواتها وهن: لينا، دينا، سلينا وتالا، فهي بالرغم من كونها تعيش في الغربة الا انها لاتزال تذكر عبق كوردستان وأطيافها:
لنا عبق البنفســـج عطرينــا
ومرى بالسلام على ســـلينـا
ويصحو الروضُ مختالاً بزهــره
فتهجـرة الفراش الى ســــلينـا
وذي تالا حفيف الغصن مشيتها
وترقب خطوهـا دينـا وتـــينـا
تأثير كوردستان العراق الذي عاشت فيه على شعرها:
.............................................................
لا شك عندها ان جمال كوردستان لا يضاهيه أي جمال، فعشقت الجبل الاشم بصموده وكبرياءه والسهول المتموجة بروعتها وسحرها ذلك الجمال الذي حدى به الرعاة ان يعزفوا اعذب الحان الناي الشجية مما ساهم في تشكيل لوحة فنية رائعة تمتد خيوطها لتبشر بفجر يشع نورا ذهبياً يكسو الرياض والمروج.
عشقتُ السهولَ .... عشقتُ الجبالْ
فلينُ السهـول ...... أحبُ الخصالْ
وبـأسُ الجبـال.......... بعيـدُ المنال
صمـودُ وليـنُ ........ عديمُ المثـالْ
جمال بلادي يحاكى الخيال
سفوحُ الجبال ِ .... عرين الكُمـاة
وتلك البراري ...... بيوتُ الأبـاة
بهذا النعيـمِ ..... وتلـكَ الحيـاة
على لحن ناي ٍ .... يغـنى الرعـاة
جمال بلادي يحاكى الخيال
وفجـرٌ يشع ....... بلـون اللهـب
فيكسو الرياض .... بلـون الذهـب
فتصحو العذارى .... تلـم الحطـب
وسـربٌ يغنى .... ويجـنى الحلـب
جمـال بلادي يحاكى الخيال.
من قصائد الشاعرة:
.............................
حياتي ظـلام - الشاعرة باكزه أمين خاكي
حياتي ظلام و روحي حطام
..و قلبي الطروب صريع كئيب
طـواه السقـام
. . . . . . . .
حياتي .. حياتيّ لحـن كئيب
وحلميّ وهمٌ مخيفٌ مريـب
ودربي وعرٌ وقفـرٌ رهيـب
وحتى المصـير
يزعـزع ذاتـي أنـى أسيـر
. . . . . . . .
زهور حياتـي طـواهـا الظمـأ
ومست رؤوسُـها وجه التـراب
فيـا للمصـاب
حياتي كانت لحونـاً عـذاب
ترنـم فيهـا الصبـا والشبـاب
ودار القــدر
وصـار النهـار ضـلالاً بعيـد
و مـات النشيد
. . . . . . . .
حياتي كانـت بريـقٌ جميـل
ينـير سنـاه الربى والنجــود
فهبـت رياحٌ ودوت رعــود
فيـا للعجـب
بلمحـة عين فقـدت الضيـاء
وغـاب السنـاء
ولم يبقـى إلا ظـلام الصـدأ
ونـور حياتي زهـى وانطفـأ
وفاة الشاعرة :
......................
توفيت الشاعرة ببغداد عام 2003.
رحم الله شاعرتنا واسكنها الجنة.
وإلى أديب منسيّ آخر من أدباء العراق
نستودعكم الله.
علاء الأديب
تونس – نابل
11-9-2016
المصادر:
*ويكبيديا الموسوعة الحرّة.
*مركز النور.
*منتدى الكتاب العربي.
*الصفحة الرسمية للشاعرة
*كتاب شاعرات العراق المعاصرات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق