بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 14 سبتمبر 2016

العدد7 لسنة 2016 الشاعر عـدنـان جمعـة .. جـدليـة الحـزن و الحـب بقلـم/حسـين السـاعـدي


العدد7 لسنة 2016

الشاعر عـدنـان جمعـة .. جـدليـة الحـزن و الحـب
 
بقلـم/حسـين السـاعـدي



أن الإحاطة الكاملة بما كتبه الشاعر (عدنان جمعة) من نصوص شعرية في ديوانيه (سفرُ الأيام/٢٠١٥ و زهرتي البرية/٢٠١٦) في قراءة واحدة أمراً صعب المنال ، فحين تقرأ شعره تحس أن هذا الشاعر قد عاش الكلمات فعلا ، فهو سطرها (كمسبحة صوفية متجانسة الخرز) ، فما بين (سفر الأيام)و(زهرتي البرية) تشكلت الجدلية (الحزن/الحب) فشعر(عدنان جمعة) يستحق وقفة تأمل ليس بالقصيرة لسبر أغوار هذه الجدلية حين أوجدها في نصوصه الشعرية التي تفوح منها شعراً حرارة أنفاس من حب وحزن ، تلك الأنفاس جعلته متألقاً متأنقاً متحلقاً في عوالم الشعر ، لأن جدلية الحب المغمسة بالحزن تشكل دليل صدق المشاعر المنبعثة من داخل الانسان ، فحياتنا فيها من الحزن الشيء الكثير الكثير ، ولكن على أن لا يكون الحزن حالة مزمنة تستحوذ على الروح . فـ(عدنان جمعة) كـ(مالك الحزين) يغني أجمل ألحانه وهو ينزف حزناً . فمشاعره تمتلىء بحزن قديم ، يحيط بالزمان ، أما الحب فأستحوذ على الزمان والمكان ، فالحب والحزن عنده مترادفان يسيران بخط متوازي .
أن مرتكزات الحزن عند (عدنان جمعة) تكاد تكون معلومة الأثر وأنعكست في نتاجه الشعري وهي الحالة الشعورية التي أحسّ بها الشاعر ، من خلال فقد عزيز (الأم) أو أنفعاله برؤية منظر أثر به وأستولى على خياله ( رحيله القسري عن مدينته) ، أو أنفعاله بموقف وطني أخذ من تفكيره(وطن مثخن بالجراح) . يقول في أحدى لقاءاته الصحفية ( اكتب للحب ولكن بحزن ووجع .. أن الحزن أصبح رفيقاً لا يفارقني ... ربما لأني سومري جنوبي) . وهنا يقع عليه أرث حزن الإلهة (أنآنا) المفجوعة بفقد الإله (ديموزي) والغارقة بدموعها وهي تتلوا الترانيم والصلوات لعله يُبعث من جديد ، إذن هي مقاربة بين حزنين . يقول الروائي عبد الرحمن منيف في روايته (شرق المتوسط): (لايهم السبب الذي نبكي من أجله ،فقد كانت قلوبنا تمتلىء بالأحزان لدرجة أن أي شيء يكفي ليكون سبباً) .
ومن أجل التعرف على البنيوية اللغوية للشاعر (عدنان جمعة) يجب علينا مراجعة معجمه الشعري من خلال ما حوته نصوصه من مفردات وتراكيب لغوية وصور شكلت مادته اللغوية ومفاتيح يمكن الولوج منها الى مضامين شعره ، فهو ذات طبيعة رومانسية تميل الى البوح بمكنونات نفسه من خلال أسقاط أنفعالاته وعواطفه داخل القصيدة ، فالصورة عنده بناء لغوي ينتج عن التفاعل الذي يحدث داخل الكلمات فتكون ( تجسيد لفظي للفكر والشعور ، وما قالبها التمثيلي إلأ مظهر لمركب عقلي وعاطفي) . "واقع القصيدة العربية ، محمد فتوح احمد" ، فعاطفة الحب ملازمة في قصائده حين يستذكر الحب الأول الفتاة التي أحبها قلبه (بصدق وبعطر القداح) كما لازمته مسحة الحزن ولم تفارقه حتى آخر سطر في قصائده ، يقول عنه الأديب (قاسم وداي الربيعي ) في حوار معه : (الحُزن والرحيل والبيت وتنور الأم ورائحة الخبز هي ذاكرته التي تسكن أنفاسه وأوردته) وقد ألقى هذا بظلاله ، على إختيار المفردات والألفاظ الرشيقة المشحونة بالأنفعال وعمق الدلالة وشدة التأثير في المتلقي ، ووضعها في سياقها الطبيعي بعيداً عن التكلف أو التعقيد أو المبالغة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق