بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 10 نوفمبر 2018

مجلة المرفأ الأخير ..العدد السابع لسنة 2018... من رموز البصرة.. تابوتُ الصّمت .. إلى روحِ الشّاعرِ محمود البريكان .. عبد الجبار الفياض

 مجلة المرفأ الأخير ..العدد السابع لسنة 2018

من رموز البصرة.. تابوتُ الصّمت

إلى روحِ الشّاعرِ محمود البريكان

عبد الجبار الفياض 




حافةُ زمنِ
سْملتْ عيناه . . .
بيعَ نصفُهُ لدُخانِ البنادق
الآخرُ
رقعةُ شطرنج
لا يموتُ فيها الملكُ
ولو هلكَ كُلُّ جندِهِ
ومَنْ هم بعدُ في الأرحام مُضغة . . .
افترشتْ دروبَهُ المنايا
بأسماءِ تُجّارٍ
بيدِهم
لحطبٍ بشريّ
تُفتَحُ أبوابُ جهنمَ . . .
لفوقٍ
تُغرقُهُ سفنُ اللّذةِ بألوانِ ما يجمعُهُ غصْبٌ
يتخطى عُقباً ممنوعة . . .
بلهاثٍ
يسيلُ لُعاباً لخزائنَ
وهبَها اللهُ لتُعساءِ الأرض
تبتعدُ قُرباً من غضبٍ الطّين
للمفرِّ طريقٌ واحدٌ مسدود !
. . . . .
حروفُ الشّمس
تحتَ حوافرَ مُسوّمةٍ بختمِ السّلطان . . .
في غُرفٍ
قُطِعَ عنها لسانُ الضّوء
بينَها وبينَ رغيفِ الخُبزِ خيطُ موتٍ أحمر . . .
كيفَ لشفاهٍ تشقّقتْ من جوعٍ
ألآ تهتفَ لآتٍ
شُقَّ من جوع ؟!
. . . . .
لم تصطبغْ يدُهُ بصُفرةِ مَلَقٍ
يلعقُ متنَ رجلٍ من القريتين . . .
لطالَما استهوتْ حذاءَهُ عَتَبةٌ ذاتُ رَفَد . . .
ياقاتٌ بيض
أمسكتْ ما أوقعتْهُ الحيلةُ بشباكِ الصّيْد . . .
موائدُ
ما فيها
لا يعرفُهُ طبقُ خوصٍ لا يندى إلآ بعرق الخُبز . . .
الوطنيّةُ ثوبٌ
قُدَّ من كُلِّ الجّهات . . .
تسخرُ منها زجاجاتُ الويسكي
مُلْحةً عاريةً
تدورُ على ألسنةٍ ثملة
تلْعَنُ الوركاءَ وما ولدتْ !
. . . . .
منابرُ
تقئُ ما لا يروي منقارَ طيْر
يُدافُ تحتَ أحذيةٍ أنيقة
ربَما
أتقنتْ فنَّ التّصفيقِ كذلك . . .
غاوون
لم يستبينوا أبعدَ من أرنبةِ أنف . . .
بضاعتُهم
لا تَقرَبُ الخيْمةَ الحمراءَ في سوقِ عُكاظ !
تعساً لصوتٍ
ترقُّهٌ عُملةٌ مُنفرِجة
تصنعُ ما تدورُ حولَهُ جماجمُ فارغة !
. . . . .
اتّكأً ابنُ الرّيبِ على آخرِ أنفاسِه
بينَ رمحٍ وسيف
ما في وقيعةٍ
خذلاه . . .
يتحرّقُ من بعيدٍ
لساخنِ دمعٍ يَبكيه . . .
جلسَ ابنُ جيكورَ على ساحلِ خليجِه
ليسَ في ذهنِهِ سوى حفّارِ قبورٍ
يواري مومساً عمياء . . .
يعتصرُ الظّلامَ نوراً
علَّهُ يرى فيهِ شناشيلَ عشقِهِ الأوّل !
لكنَّ قتيلَ البصرةِ
يلتحفُ صمتاً خالياً من ثرثرةِ مقاهٍ بائسة . . .
يؤمُّهُ السّيابُ لصلاةِ الشّعر
سجدةً لقصيدةٍ
بجمالِ ما سالتْ بهِ قفا نبكِ على طلل . . .
بعذوبةِ يانائحَ الطلح . . .
ليتَ للبرّاقِ عيناً . . .
دونَهُ ما تَغرَبتْ قدماهُ بعيداً عن حبلِهِ السّريّ . . .
الغربةُ في الوطن
ما اشتقَّ لها أسمٌ بعد
لعلّهُ الموتُ من غيرِ دَفَن !
. . . . .
فجرٌ لم يُفلَق
وإنْ
فليْلٌ مُنغمسٌ في عيونِ النّابغة . . .
تُرى
أيُّ ألمٍ يحزُّ خاطرَ مُنزوٍ في داخلِه ؟
ينحتُ روحاً
تنوءُ بما عرجتْ من أجلهِ أرواحٌ إلى السّماء . . .
أتكونُ غيرَ التي وهبَها نوراً لعيونِ المدينة ؟
لغدٍ قد يُولدُ كفيفاً ؟
كيفَ لخِنجرٍ أعمى
يشقُّ لحداً لراهبِ الصّمتِ في عسيرِ ليلٍ
أنكرتْهُ البصرة ؟
مَنْ يكونُ هذا المغدورُ بأحشاءِ مدينتِهِ ؟
ليس إلآهُ مَنْ يعرفُ خارطةَ صمتِه . . .
تسارعتْ خطاهُ بعمقِ مأساةِ لير الملك ١
حُلَّ الوِكاء
أُريقَ ما في القربةِ لوجهِ العشق . . .
لم يبقَ للحارسِ فنارٌ يأويه ! ٢
. . . . .
راودتْهُ الثّريا عن نفسِهِ
فاستعْصم . . .
انفتلَ
لهُ أنْ يولدَها ما شاءَ من نجومٍ لا تأفل . . .
ارتفعَ الى سماءِ ضادِهِ
قبلَ أنْ يترجّل . . .
قد تصفعُهُ ريحٌ مخبولة
لكنّهُ لا يُقبّلُ على ضَنَكٍ لها يداً . . .
. . . . .
في ظلِّ غيمةٍ عبوس
وصلَ الزبيريُّ إلى فنارِه
يحملُ جُرحَهُ قبراً . . .
ليتَ الرّشيديّةَ لم تَفتحْ عيناً لترى ٣
مساميرَ نعشٍ
تُدقُّ بارتعاشةِ فُراقٍ
خطفَ لحظةً
غشيتْ إشراقةً بحفنةِ دَم . . .
ألقى عصا صمتِهِ
بجوارِ الحسنِ البصريّ ٤
بلباسٍ أبيضَ
ما لبسَ قبلَهُ ثوباً
مِن شقيٍّ
أرادَهٌ وجهاً
فأعطاهُ قفا . . .
أبناءُ الطّوفان
لا يغرقونَ في بُركة لا تُغرقُ سفناً من ورق !
. . . . .
خُسفَ الشّعرُ
في ليلةٍ ذاتِ سوء
لها من الألم
ما يُثقلُ كلَّ حروفِ الرّثاء . . .
أيّةُ مِديةٍ ذهبتْ بكُلِّ هذا البهاء ؟
أخرجتْ من الحياةِ حياةً
نزّ فيها حبٌّ
تشرينَ في عروقِ العراق . . .
حتى أنت . . .!
جذّتِ جدائلَها البصرة . . .
بكى الزّبيرُ على نعشهِ كُلَّ الشّعراء . . .
بسوادِ الحزنِ
اتّشحتْ قصائدُ المرابد . . .
أغرقَ الخليلُ في بحورِهِ عتباً
انتحب . . .
ليستْ هناكَ وصيةٌ تُقرأ
سوى أنًّ الصّمتَ عشقٌ
ما أُذِنَ لهُ إلآ أنْ يبوحَ بصمت !!
هو الموت . . .
لكنْ
ما هكذا يُغادرُ الكِبار . . .
لوركا
نيرودا
البريكان . . .
لا يموتُ الحرفُ بموتِ لسانِه !
. . . . .
عبد الجبار الفياض
أكتوبر/ 2018

١_ مسرحية الملك لير لشكسبير .
٢_حارس الفنار من أجمل قصائد البريكان.
٣- إحدى مناطق قضاء الزبير الرئيسة حيث ترعرع الشاعر
٤_مقبرة الحسن البصري في قضاء الزبير حيث مرقد الحسن وابن سيرين والسياب ومحمود عبد الوهاب والشاعر الشعبي (ابو معيشي) وغيرهم من رموز البصرة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق