بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 5 أغسطس 2017

العدد الخامس لسنة 2017 ... الصراع على سورية مقالات ملفقة (16/2) ... بقلم – محمد فتحي المقداد





 العدد الخامس لسنة 2017

الصراع على سورية مقالات ملفقة (16/2)
 
بقلم – محمد فتحي المقداد



منذ بدء الخلق على هذه البسيطة كان أن أخذت مسارب الغيرة وبالحسد طريقها إلى نفس ابنيْ آدم عليه السلام (هابيل وقابيل)، فقتل هابيل أخاه في غياب العقل و التعقّل، وجرت سنّة قتل البشر بعضهم بعضًا لتحقيق المكاسب و الأطماع.
و لا أزال أذكر في أوائل الثمانينيات من القرن الماضي، عندما نصبوا حلبة للمصارعة في أرضيّة مدرج قلعة بصرى الشام، وهي المرّة الوحيدة في حياتي التي شاهدت فيها مباراة حيّة بين خصمين من المصارعين. ومن صرع رجلًا يكون قد طرحه أرضًا.
ومنذ عام 1948وإعلان قيام دولة اسرائيل في فلسطين المحتلة بعد تهجير أهلها، تنفيذًا لوعد بلفور 1918، فلا يزال الصراع العربي الإسرائيلي على أشدّه وقد اتّخذ أشكالًا شتّى اعتبارًا من الحروب العسكرية والعمليّات الفدائيّة والاغتيالات المتبادلة والحرب الإعلاميّة والنفسية والاقتصاديّة و السياسيّة، وبعد هذه الفترة من الصراع لم يحصل العرب على ما كان متاحًا لهم بين أيديهم نتيجة قرار التقسيم 181، وجاءت مرحلة المفاوضات فقط من أجل المفاوضات، وكسر الإرادات في شرعة الأقوى، وإذا صرع الرجل عدوّه أرداه قتيلًا، ومن صرعه الموت فقد أهلكه.
أما الشاعر إذا صَرَعَ الشِّعر يكون قد جعله ذا مصراعيْن مُتّفقيْن في التقفية، والمصراع هو نصف البيت من الشعر، وهذا ما لحظته فيما قاله الصّحابي خُبيْب بن عديّ قُبيْل مقتله على يد قريش انتقامًا منه لما فعل في معركة بدر:
إلى الله أشكو غربتي ثمّ كُربتي//
وما أرصَدَ الأحزاب لي عند مصرعي
فلستُ أبالي حين أُقتَلُ مسلمًا//
على أيّ جنبٍ كان في الله مصرعي
كما أن الشاعر مسلم بن الوليد الأنصاري، اتّصل بالرّشيد فأنشده، وأطلق عليه لقب صريع الغواني وصار يُعرَف به.
وبعد التجهيز لمعركة بدر، استطلع النبي صلى الله عليه وسلم آراء المهاجرين و الأنصار ليأخذ منهم التأييد الكامل على خوض المعركة بوحدة الصفّ والكلمة، وعندما أن اطمأنّ زفّ البشرى لأصحابه بقوله: (سيروا وأبشروا، فوالله لكأنّي أنظر إلى مصارع القوم).
كما أن الكاتب البريطاني (باتريك سيل) يعتبر أحد الخبراء في تاريخ الشرق وعلى الأخص تاريخ سوريّة الحديث، وجاء كتابه الأوّل (الصّراع على سورية) وثيقة تاريخيّة مهمّه فيما بين (1950- 1958) من القرن العشرين، وأتبعه بكتابه الثاني الأضخم (الأسد و الصراع على الشرق الأوسط)، ويقال أنه كتب معظم موادّه في القصر الجمهوري، وكان صديقًا شخصيًّا للرئيس حافظ أسد، حيث الشاهد الأساسي على ما سمّي (وديعة رابين)، والاتّفاق السري فيما بين الرئيس والأمريكان بالانضمام للتحالف في مرحلة (حفر الباطن)، مقابل الضغط على اسرائيل للانسحاب من هضبة الجولان أو أجزاء منها، وعلى إثر ذلك أرسل الجنود السوريين ضمن التحالف الدوليّ ضدّ العراق لإخراجه من الكويت. واللّافت للنظر أن فكرة الصراع في الكتابيْن واضحة، لأن من يحكم سوريّة يملك مفتاح الشرق، واشتدّ الصراع على أوجه منذ 2011 وبلغ ذروته لهذه اللحظة على نفس الوتيرة من القتل و الدمار. وهناك كتاب آخر (الصراع على السلطة في سورية) يغطي فترة 1961-1995 للكاتب (نيقولاس فادا).
أمّا كتاب (صراع مع الملاحدة) للمفكر السوري الإسلامي عبدالرحمن حسن حبنّكة الميداني في سبعينيات القرن الماضي كان دفاعًا عن قضايا إسلامية أمام موجة الإلحاد الشيوعية التي اجتاحت بلادنا قادمة من الاتحاد السوفييتي آنذاك.
وقد اتخذت النظرية الماركسيّة من الصراع الطبقي اجتماعيا واقتصاديَّا مرتكزًا في تنظيراتها ووفق ذلك تقوم كل طبقة باستغلال الأخرى لينشأ الصراع ضمن كل طبقة، وكل طبقة تصارع الأخرى.
وعلى مدار التاريخ لم تتوقف الصراعات الدينيّة و المذهبية والإثنيّة، والصراع بين الحق و الباطل و الخير و الشر يسير من حلقة إلى أخرى كما قرأنا في كتاب (صراع الحضارات) للمفكر صاموئيل هنتجتون) في إعادة تشكيل النظام العالمي من خلال نظرية صراع الحضارات المرتكزة على مرحلة ما بعد الحرب الباردة لسنين قادمة. وها نحن في خضمّ المعمعة.
ويبقى الصراع العربي الإسرائيلي هو سيّد الصراعات وأقواها منذ 1948، واتّخذ أشكالًا متعدّة في شتّى مناحي الحياة، وإذا لم يكن هناك حلًّا عادلًا يعيد الحقوق المغتصبة لأصحابها فتزداد مشاكل العرب، ومن ذلك الصراع على المياه والسيطرة على منابعها وقد نظّر بعض الخبراء في هذا المنحى وعبّروا عنه بتوقعات أن الحروب القادمة و الصراعات ستكون من أجل المياه. وليس ببعيد عن ذلك الصراع على منابع النفط.
ومصارعة الثيران من الرياضات التي تحظى بشعبية واسعة في اسبانيا خاصة، وهي تبتعد كثيرا عن الرحمة الإنسانيّة للحيوان المسكين، كما أن صراع الديَكة تشتهر برهاناتها القابلة للخسارة و الربح في مناطق شرق آسيا، وفي بعض الدول تمنع مثل هذه الرهانات وتحرمّها، وفي الألبسة وموديلات قصّات الشعر ما يعتبر صَرعَة لافتة لأنظار الآخرين بأشكالها الغريبة وغير المألوفة.
ويقال عن الأولاد ذوي الحركة المفرطة: (مثل الجنّ ان تركته صارعك، وان اقتربت منه صارعك)، وهذا الضجيج أيضا خلاف الهدوء السائد و المطلوب.
وها أنا فتحت عقلي على مصراعيه، وقد صَرّعت المعنى لتجليته، ولأنفي عمّن أصابه مرض الصّرع في جهازه العصبيّ مصحوب بتشنّج العضلات وغيبوبة، بأن الجنّ قد تلبّسه.

عمّان / الأردن
3/8 /2017

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق