بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 21 أغسطس 2017

العدد السادس لسنة 2017 ... أدباء منسيون من بلادي /ج2 ... الحلقة الأولى (الأديبة ديزي الأمير) .. علاء الأديب





العدد السادس لسنة 2017

أدباء منسيون من بلادي /ج2

الحلقة الأولى (الأديبة ديزي الأمير)

علاء الأديب





التقديم:

من بين مَن كانت منافيهم سبّبا في نسيانهم من قبل الناس رغم لمعانهم وبريقهم الأديبة العراقيّة المتوهجة ديزي الأمير .
الشاعرة والقصصيّة التي كان لها الحضور الأخّاذ في المشهد الثقافي العراقي في زمن قد اكتظّ باللامعين كالسياب ولميعة عباس عمارة وعاتكة الخزرجي ونازك الملائكة وغيرهم.
وعلى الرغم من ذلك فقد تمكنت ديزي الأمير أن تجد لها مكانا مرموقا بين كلّ هؤلاء بجدارة.
وقد فاضت عطاء خلال مشوارها الأدبي .
وهاهي اليوم تحاول أن تسطر حياتها على الورق في محاولة لجمع الذكريات .
قرأت لديزي الأمير قبل أن أنوي البحث عن سيرتها وجمع ما يمكن جمعه لأعيد على أقل تقدير وواجب بعضا من الذكرى الضائعة  عن القاريء.
وجدت أنّي أمام هالة ضوء مازالت متوهجة رغم مرور الزمن وتقادم الوجع.
وعند عتبات قصر كبير من قصور البابلين التي لاتخلو من آلهة الحب والشمس والخصب والنماء.
ديزي الأمير التي يعتقد البعض بأنّها لم تعد موجودة في الذاكرة مازالت تلك الوردة التي وإن اجتاح صباها الزمن.  وردة تحتفظ بالشيء الكثير من زمنها الجميل.
(لن يتخلّى الورد الذابل عن ماضيه...بعض اللون وبعض العطر سيبقى فيه)
وجدت نفسي منهمكا في البحث عمّا يمكنّني أن أجمعه عنها وأقدمه للناس علّني أوفق في إعادة تلك الأسطورة الرائعة لأذهانهم ففعلت.
وأرجو أن أكون قد وفقت بذلك.
علاء الأديب
تونس 19-8-2017- نابل





الولادة
ولدت ديزي الأمير في البصرة جنوب العراق في عام 1935 لأب عراقي هو الطبيب ميرزا الأمير وأم لبنانية من ضهور الشوير هي وداد تبشراني.


الدراسة
تلقت دراستها الإبتدائية في مدرسة البتاوين في بغداد والإعدادية والثانوية في المدرسة المركزية للبنات. بعد حصولها على شهادة البكالوريوس من كلية تدريب المعلمين من بغداد عام 1955 سافرت ديزي إلى جامعة كامبريدج لدراسة وكتابة أطروحتها عن الأدب العربي. رفض والدها دفع الرسوم الدراسية وعادت للعراق.


العمل
عملت بعد تخرجها في التعليم فدرست عشر سنوات في إحدى المدارس الإعدادية للبنات ثم في دار المعلمات بالبصرة ولما انتقلت إلى بيروت وجدت وظيفة سكرتيرة في السفارة العراقية. رقيت في نهاية المطاف إلى وظيفة مساعد الملحق الصحفي. في عام 1975 عندما اندلعت الحرب الأهلية في لبنان عينت مديرا للمركز الثقافي العراقي. عادت إلى العراق في عام 1982 بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان. تعكس قصصها تجارب النساء أثناء الأوقات العصيبة في الشرق الأوسط بما في ذلك خلال الحرب الأهلية اللبنانية وأثناء صعود قوة صدام حسين في العراق.
تأثرت ديزي في كتابتها للنثر بالشعر العراقي.



الخطبة من خليل حاوي
تعرفت خلال زيارتها لأسرة والدتها في ضهور الشوير على الشاعر خليل حاوي وتطورت المعرفة إلى صداقة فإعلان خطبة لكن هذه الخطبة لم تستمر طويلا لأسباب صحية ألمت بخليل .

الزواج من حبيب صادق
ثم تزوجت فيما بعد من الأديب حبيب صادق رئيس المجلس الثقافي للبنان الجنوبي ثم طلقت عام 1975 بعد مرور سنتين على زواجها منه.

المؤلفات
1.البلد البعيد الذي تحب عام 1964
2.ثم تعود الموجة عام 1969
3.في دوامة الحب والكراهية عام 1979
4.وعود للبيع عام 1981 عن الحرب الأهلية اللبنانية
5.على لائحة الانتظار عام 1988
6.جراحة لتجميل الزمن عام 1996.




ديزي ومحمد مهدي المجدوب قصة الحب المستحيل

وفي منتصف سبيعينات القرن الماضي ..شارك الشاعر السوداني المرحوم محمد المهدي المجذوب في مهرجان المربد السنوي في العراق والذي كان يحوي نخبة من فراقد الشعراء العرب من الجنسين.

وفي ذلك المهرجان إلتقى الشاعر رحمه الله بالشاعرة العراقية (ديزي الأمير) .
 ونشأت بينهما علاقة طاهرة من الألفة والاستلطاف مما حدا بها أن تدعوه وبعض الرفاق لبيتها الكائن ببغداد..في جلسة شعرية وشاعرية لتناول أقداح الشاي العراقي الفاخر.

وكانت لتلك الأمسية الشاعرية وقع السحر في نفس الشاعرنا المرهف العاشق المتبتل أزاء كل كائن جميل..وتطورت العلاقة العذرية الطاهرة بين الطرفين لدرجة تبادل العناوين بقصد التواصل الثقافي والأدبي عبر الأثير أو البريد ..
 مع وعد بالمراسلة المتبادلة بين الطرفين ..عاد شاعرنا الرقيق لبلاده محملا بأجمل وأرق الذكريات وأعذب وأطهر علاقة حميمة تربطه بإنسانة كل طرق الوصال بها مستحيلة بل محرمة بحكم المنطق والدين ..فكلاهما متزوج ورب أسرة .. فكان حبا يدرك الجميع أنه لن يبارح الخيال أو السطور وانه حبا كتب عليه منذ لحظة مولده أن يحيا للأبد عذريّا.

استمرت العلاقة بينهما عدة سنوات بعد ذلك ربما في خيال الشاعر الفقيد فقط حيث كانت تستمر عبر رسائل تحمل توقيعا واحدا لا أكثر وهو توقيع المجذوب .
 والذي لم يتأثر بسلبية الطرف الآخر .. أما الشاعرة ديزي الأمير فلم ترد عليه ولو برسالة واحدة رغم طول تلكم المدة ورغم رسائله الأنيقة التي كانت تغزو بريدها باستمرار..وربما تغزو السويداء أحيانا فتراكمت لدى ديزي عدة رسائل فاقت المائتين ونيف تقريبا..!

عند تطرقها لهذا الموضوع قالت الشاعرة ديزي الأمير للصحافة (فيما معناه) :-
عبأت من رسائل الأستاذ المجذوب التي وصلتني شوالا واحتفظت به في مكان أمين وحميم وكانت كل رسالة منه مقطوعة أدبية متكاملة يعز على عدم تكرار قراءتها .. والمؤسف حقا أنني طوال هذا الوقت لم أجد الشجاعة في نفسي ولم أجرؤ على الرد عليه ..وكنت استمتع بقراءة ما يخطه يراع هذا الشاعر الأديب السوداني الفذ..!.

وتستطرد قائلة.. بما معناه..أعذروني وليعذرني أهل المجذوب ومريديه.. لعدم تبادلي مكاتبته فأنا كما ترون سيدة..عراقية..مسلمة..ومتزوجة !..
حزنت وأدمعت عيناي وأنا أسمع نباء وفاته..تألمت عليه كثيرا..فهو شخص لا تملك إلا أن تحزن لفراقه .
وقد ناقشت زميلي وصديقي الناقد المصري الفذ الأستاذ (رجاء النقـّـاش).. في موضوع هذه الحصيلة الأدبية الثقافية الجمة من رسائله وعجزي عن فعل شئ بخصوصها (بحكم وضعي الأسري) وخوفي الشديد عليها من الضياع وقد التزم الأستاذ النقاّش مشكورا بنشرها على أن أرسلها إليه وكان له ما أراد ولكن!.
وبعد مرور عامين من وصول الرسائل ليد النقاش..كتبت ديزي الأمير بإحدى الصحف العربية موضوعا تساءل فيه النقاش عن مصير هذه الرسائل وتبرئ ساحتها ..
وبعدها بفترة وجيزة تناولت مجلة عربية أدبية (لندنية) شهيرة تسمى الناقد (توقفت عن الصدور منذ سنين) نفس الموضوع .
ولا زال النقاش صامتا. حتى يومنا هذا ولا زالت تلك الحصيلة الأدبية الثرة من ذخيرة الشاعر الراحل .. في طي الغيب والنسيان .. ولم يتكرم منذ ذاك الوقت وحتى هذا اليوم بالرد على ديزي الأمير .. أو الآخرين الذين أدلوا بدلوهم في هذا الموضوع .




ديزي والسياب:
تروي القاصة ديزي الأمير -وهي ابنة البصرة وزميلة بدرشاكر  السياب في قسم اللغات في دار المعلمين العالية- في مجموعتها القصصية الأولى (البلد البعيد الذي تحب) وفي قصة (حكاية أبريق الزيت) إحداث حب الشاعر لزميلته الشاعرة لميعة عباس عمارة دون أن تدوّن الاسمين، وتصور معاناة الشاعر في حبه الذي يبدو من طرف واحد، وقد اشتهرت هذه الحكاية وروجها أكثر من مصدر وللشاعرة دورها في ترويج الأمر.



ديزي وخليل حاوي والحرب اللبنانية
جمعت بين كل من الشاعرة العراقية ديزي الأمير مع الشاعر اللبناني خليل حاوي علاقة كادت تفضي إلى زواج، غير أن ظروف الحرب الأهلية في لبنان طغت على هذه العلاقة حيث دخل حاوي في حالة نفسية سيئة عشية الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، انكفأ على نفسه وأفرغ رصاص بندقيته في رأسه منتحرا ؛ انتهت قصتها مع خليل حاوي بانتحاره وبقي الجرح يؤرقها سنينا؛وبعد ذلك كشفت الأمير في إحدى مقالاتها عن انتحاره حيث ذكرت أن الحاوي كان يعاني مرض "الصرع"؛ بعض الأهل والأقارب كانوا يقولون إن ورمًا في الرأس كان يوقعه في حالات من التوتر والألم، وكان من الصعب إزالته بجراحة. مثل هذه الأقاويل لم تكن إشاعات مع أن الشاعر العزيز النفس لم يكن يبوح بها لأحد مؤثرًا مواجهة المرض وحيدًا ومكابرًا. لكنّ قصائده القصيرة التي كتبها قبيل سنة أو سنتين من رحيله المأسويّ تشهد على ما كان يلمّ به من أزمات نفسية وقلق وأرق وكآبة وخيبة... وأولى تلك الأزمات تمثلت في عجزه عن الكتابة وكأنه كان يشعر في طويته ان الشعر خانه واللغة خانته. يا لهذه الليالي التي عاشها خليل حاوي وحيدًا، مهيضًا، خائبًا، صامتًا... حتى صراخه أصبح كتومًا، أخرس، لا يسمعه أحد، لا من قريب ولا من بعيد: "طال صمتي/ مَن تُرى يسمع صوتًا صارخًا/ في صمته/ يسمع صوتي؟"، يقول أيضًا في إحدى القصائد الأخيرة. وكان من الطبيعي أن يهجس الشاعر بالانتحار، في غمرة هذه المأساة المتعددة الوجوه، مأساة الجسد والروح، مأساة الشعر والوجود، مأساة الحياة والقدر... لم يبق لدى الشاعر ما يحلم به، لم يبق من أمل ولو ضئيل. خانته المبادئ العليا، خانته العروبة وخانه الشعر وخانه الوطن والجسد والروح. ولم يبق أمامه إلا ليقول: "فلأمت غير شهيد/ مفصحًا عن غصّة الإفصاح/ في قطع الوريد...". كم تعبّر هذه الأسطر الشعرية عن مأسوية الحال التي بلغها الشاعر، ذلك "السندباد" الذي خذله العبث والعدم بعد جولته الطويلة في ليل النفس والوجود. الشاعر التموزي خذلته أيضًا "شمس الحصيد" وحطمت الريح نايه الحزين. وها هو "العازر" يرفض الحياة والقيامة ويسقط في قبره يائسًا وموحشًا: "عمّق الحفرة يا حفار...".








الأديبة  ديزي الأمير في حوار خاص لـ ( الدستور)
*الإباحية التي يشهدها الأدب امر منفر ويبعدني عن الكتابة

 لم تكن لتفكر أنها ستصبح في يوم من الأيام كاتبة قصة معروفة، حتى وهي تخط معاناتها على الورق لتتحرر مما تشعر به من ضغط ليس اقله افتقادها لدفء وحنان الام التي رحلت باكرا او اضطهاد زوجة ابيها لها ومحاولاتها الدائمة للإساءة إليها، ومن ثم مواجهتها الحياة بكل تحدياتها وفي ظل واقع الحرب الشرسة في لبنان ومن طفلة غادرها دفء إلام إلى صبية تنتزع الشوك بأظافرها الطرية إلى شابة تدخل معترك العمل من أوسع أبوابه لتحتل مركزا ثقافيا مرموقا في سفارة العراق أهلها للحصول على جواز سفر دبلوماسي ومن ثم إلى كاتبة قصة فرضت وجودها واحترامها في وسط أدبي كان من ابرز نجومه حينذاك غسان كنفاني ونزار قباني وغيرهم من رموز الشعر والقصة.
ديزي الأمير الأديبة العراقية التي اختارت بيروت وطنا ثانيا لتقيم فيه، تعكف اليوم على كتابة مذكراتها وتحرص إن تضمنها تجربتها الفنية وبصدق وإخلاص.
»الدستور« التقيتها في حوار تناول نشاطها الأدبي الراهن ورؤيتها لواقع الثقافة العربية - ملامحها وخصوصياتها.
* ديزي الأمير.. أين أنت اليوم؟
- اقيم في بيروت مع إنني لم يكن ليخطر في بالي أبدا إنني سأسكن لبنان بصورة متواصلة، في داخلي أحس إنني في حالة ترحال دائم رغم ان الحقيقة انني اقيم هنا ولا ارى من بادرة تدل على تغيير مكان اقامتي، احس بعدم الاستقرار وهذا شعور يجلد الروح ويحرمها دفء الطمأنينة والامان.
* لماذا هذا الشعور رغم انك تقيمين هنا منذ سنوات طويلة؟
- باختصار شديد، لانني احب الوطن واحس بحنين دائم اليه.
* ولم لا تعودين للوطن طالما يسكنك هذا الحنين اليه؟
- لقد رحل عنه الكثير من الاصدقاء والاهل وغابت وجوه شكلت لي وجه الوطن وبات الخوف هاجسي من ان اعود فافتقد هذه الوجوه التي احببت، اما هنا في لبنان فلدي اقارب واصدقاء احس بينهم بالالفة.
* ما جديدك الذي ستطلين به علينا؟
- انه جديدي القديم الذي لا ينتهي وهي مذكراتي التي بدأت فيها منذ سنوات، والتي كلما اعتقدت انني انجزتها وافكر في دفعها للطباعة اعود فاكتشف ان هناك اضافات وتعديلات يجب العمل عليها، وغالبا ما يحول بيني وبين دفعها للنشر ترددي وخوفي وتساؤلي حول ما سيكون وقعها على القارىء فالقارىء اللبناني خاصة يهتم بصورة واضحة وجازمة بالتفتيش عن اي كلمة او ثغرة يمكن استغلالها في الاساءة الى الكاتب ليسلط عليه الضوء من خلال هذه الاساءة ويجعل منها القضية الاهم وليس ما يقرأ، وهذه الظاهرة حدثت بعد الحرب ولم تكن موجودة قبلها.
* هل تخافين ردة الفعل على المذكرات؟
- انا لا اخاف من اي شيء حدث لي في حياتي بل فخورة جدا، كوني كنت دائما صادقة مع نفسي ومع الآخرين، ولم احس ابدا ان هناك من يحمل لي شعورا بالكراهية او العداء ولا افهم لم حدث كل هذا التشوه في منظار الناس وسلخهم عن قيمهم ومثلهم.
* هل تتطرقين فيها لحياتك العاطفية الخاصة؟
- لا ادري لماذا يحملني الناس قضايا ومواقف عاطفية لم تحدث معي ومبالغات لا اساس لها من الصحة.
* والسياسة هل تغيب عنها ايضا؟
- لا موقف سياسي.
* بصراحة.. هل تتوقعين ان تثير ضجة؟
- لا استطيع ان اكتشف نسبة القراء الان فهناك اشياء لا زلت مترددة في ذكرها وتتعلق بالمشاهير من الادباء والفنانين، وللحقيقة لا اريد ان اتعدى على الاخرين، فانا لم اعد ادري ماذا يزعجهم وماذا يرضيهم، كما ان هناك بعض الوقائع السياسية التي اعرفها ولا اظن ان من حقي ان ارويها، اما فيما يتعلق بي فقد كتبت كل شيء، ولانني جزء من واقع ومجتمع تترابط احداثه تجدينني اتردد في النشر وحتى الان لم احسم الامر بعد.
* وعلى صعيد القصة؟
- خلال كتابة المذكرات توقفت عن كتابة القصة ولا ادري متى سأعود اليها، فانا لا اخطط للعمل، وتأتي الفكرة فجأة ربما من خلال كلمة عابرة او موقف عابر او مشهد يلفتني فيدفعني للكتابة.
* هل من خصوصية للادب العراقي تميزه عن محيطه العربي بشكل خاص؟
- لا اعتقد، فالخصوصية واحدة، لان ما يحدث في اي بلد عربي نتأثر به ونهتم له جميعا.
احس ان العالم العربي يعيش خيبات امل متلاحقة خاصة بعد ان هوجم العراق والعراقيون، وكأن كل عراقي مسؤول عما حدث.
الفرق بين اليوم والامس انني كنت في الامس اكتب كل ما يخطر في بالي اما الان فانا حذرة مما يجب ان يقال وما يجب ان يتكتم عليه.
* تعتقدين انها مرحلة انهيار سياسي ثقافي متى كانت مرحلة الازدهار في رأيك؟
- كانت مرحلة الستينات والسبعينات، مرحلة نهوض المجتمع وتطوره وكانت زاخرة بالعطاء والابداع، وفي تلك المرحلة كتبت قصصا واقعية وفي منتهى الجرأة وذات مدلول كبير عن المجتمع العربي ومع هذا كان هناك بعض التقاليد التي تقف في طريق هذا التطور والازدهار.
* وماذا عن الادب المعاصر؟
- الادب في هذه المرحلة يعيش حالة جمود وذلك لاسباب سياسية كثيرة ولا استطيع ذكرها.
* وماذا عن استغراقه في الجنس؟
- الاباحية التي يشهدها الادب اليوم امر منفر وربما هي التي تنفرني من الكتابة.
* الحداثة كيف تفهمها ديزي الامير؟
- الحداثة في الادب المعاصر تحمل الكثير من الاباحية والجرأة المتطرفة والمرفوضة، ومع اننا نعترف باننا لسنا قوامين على الآخرين الا ان من لا يتماشى وهذا الجو السائد يصبح غريبا عن الحقيقة التي يفهمها الآخرون والتي لا افهمها ولا اريد ان افهمها.
* البعض يرى في تطور الاسلوب واللغة واعادة تشكيل بناء الفن القصصي او الروائي امرا طبيعيا بحكم التطور؟
- لا ارى ما يحدث هو تطورا بل مفاهيم معينة لدى الكتاب الجدد.
- من هم ابرز رموز الادب حاليا؟
- لا ارى رموزا او اصواتا مهمة وانا لست ناقدة ولكن كأديبة اعترف ان البعض جسد حالة ادبية، ولا ادري ان كان يعكس الوضع الاجتماعي الذي نعيشه الان فقد اصبحت اية رواية او قصة اباحية هي التي تحتل الواجهة الان ولا علاقة لي بهذا المفهوم.
* كأديبة ايضا كيف تفسرين ما يحدث في فلسطين اليوم؟
- انه امر مفجع ومؤلم ومرعب، وليس هناك من كلمات يمكن ان تعبر عن حقيقة او واقع ما يجري، فالحدث اكبر مما يستوعبه العقل او العاطفة.
* دور المثقفين كيف ترينه؟
- كتبوا قصائد واغاني ولحنوها ولا ارى مع هذا انها ترتقي الى مستوى الحدث او تخدم قضية فلسطين.
* كيف؟
- لانها تحاور العاطفة والعاطفة لا مكان لها في هذه القضية الكبرى وانما العمل والمصالحة مع النفس والآخرين واقصد بالآخرين هنا العرب.
المظاهرات التي حدثت امر ايجابي ومع هذا فهي ردة فعل عاطفية حماسية ونحن نحتاج الى عمل اكبر، فالقضية الفلسطينية من الكبر والاهمية بحيث لا ينفع في حلّها قصيدة حماسية او اغنية بالحان راقصة، هذا لا يجدي، معروف ان العرب عاطفيون والعاطفة لا تخدم في القضايا الكبرى بل العمل، في زمن الجاهلية كانوا ينظمون المعلقات ويعلقونها على باب الكعبة ليقرأها الجميع وذلك للتخفيف من وطأة الحدث.
اما اليوم فهناك اساليب اخرى ولا يجوز تمييع الحدث من خلال قصيدة او مقال او اغنية لمجرد تفريغ شحنة عاطفية هي للتسكين او التحذير وتهدئة العواطف وربما تمنح شعور الاكتفاء من زاوية »اديت قسطي للعلى« فلسطين تحتاج الى العمل وليس الكلام.

إلى هنا تنتهي رحلتنا مع الأديبة المنسيّة بمنفاها ديزي الأمير
على أمل اللقاء بكم في رحلة أخرى
مع أديب عراقي منسي آخر
استودعكم الله.

علاء الأديب
تونس –  19-8-2017 نابل

هناك تعليق واحد:

  1. بوركت أستاذ علاء لتسليط الضوء على هذه السيرة العطرة التي كانت طي النسيان

    ردحذف