بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 7 يناير 2015

العدد الأول لسنة 2015 .... القصّة القصيرة .... اللقيط... بقلم : عيسى عبد الملك.





العدد الأول لسنة 2015

القصّة القصيرة

اللقيط...

 بقلم : عيسى عبد الملك.








انحنى ظهر أمي .سنين وهي تغزل صوفا جمعته من جنوب ووسط وشمال . صوف نقي خال من الشوائب، صار بعد جهد وعناء .غدا ستشعرون بالدفء .لن يلسعكم بعد اليوم برد الشتاء .لن يتصدق علينا جار بغطاء . فقط اصبروا ويكمل غزل الإزار ..فلكي يكمل نسج إزار دفء ، لا بد من مخاض عسير. دقة في الغزل وحرص على الخيوط وسهر ليل ومثابرة . برم الخيوط وتلوينها والحرص على تناسق النسيج والألوان واختيار الحائك الشريف الذي لا يسرق من الخيوط ضرورة . غطاء الجيران كخبز الدين لا يسمن ناهيكم عن الذلة . كل مستورد مغشوش الصبغ والألوان وغايته الربح والتجارة ، لا يدفئ بردانا .كل ليلة كانت تحدثنا وهي تغزل حتى ننام، نحلم بدفء إزار أمنا الحنون .رويدا ، رويدا تغمض جفوننا وعيوننا على مغزل أمنا وتجاعيد وجهها وعلى كرة الغزل التي صارت كبيرة كالأمل تلتف حول المبرم .ـ
ــ ليس أرق من خيط الغزل فهو حساس .عبث صغير بالوشيجة قد يتلف عملا مضن وسهر ليال يكسر الظهر .لن تنعموا بالدفء إن عبث أحدكم بالغزل قبل أن يحاك .لن يمنحكم جار غطاءه لوجه الله والبدء من جديد مكلف . كنت أنظر إليها وهي تتمتم بكلام يشبه الدعاء ، تقرأ المعوذات ثم تغفو.ظل ابتسامة ارتياح تشرق على جبينها الملائكي الحنون المتغضن .عيونها على الغزل والمغزل الذي يتدلى منه طرف خيط رقيق متين علق على خرم في نهاية المغزل معقود بشكل متقن ! غدا سأذهب به للحائك فبرد هذا العام ينذر بالقسوة . ابشروا يا أولاد.
.لكننا لم نبشر .عند الفجر سمعنا صراخ أمنا وهي تصيح ، من لعب بخيوط الغزل يا أولاد؟ هرعنا نحوها فزعين . تعلقت برقبة أكبرنا وراحت تطبق عليها بلا رحمة وهي تضربه وتصيح: فعلتها
يا ابن الغجرية يا سليل الغجر.ضيعت رأس الخيط ؟ .تشابك غزل الإزار وخلطت الألوان .دمرت كل شيء . لقد حذروني منك قالت بحزن ومرارة .كان أكبرنا يتمتم باضطراب يحاول إفلات رقبته من بين كماشة يديها .عندها عرفنا أنه ، ابن غجرية لقيط تبنته أمنا قبل أن ترزق بنا ...





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق