بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 5 ديسمبر 2015

العدد الحادي عشر لسنة 2015 ... ضيف العدد ... الشاعر التونسي صلاح داود




العدد الحادي عشر لسنة 2015


ضيف العدد 


الشاعر التونسي صلاح داود







ضيفنا في هذا العدد شاعر تونسي كبير استمد ابداعه من التزامه بقضايا وطنه وأمته إضافة إلى نبوغه بلغته العربيّة العظيمة وبفنون علم العروض التي جعلت منه شاعرا من شعراء العمود الروّاد في تونس .ومنها إلى الوطن العربي الكبير.





الشاعر على جسر الشهداء بين الكرخ والرصافة ببغداد عام 2000



له بالعراق علاقة حب كبيرة توّجها بزيارته الى العراق يوم حطّ به الرحال مدعوّا لمهرجان المربد عام 2000. ومن الجدير بالذكر بأن  المدعوين لمهرجان المربد آنذاك لايمكن دعوتهم إن لم يكونوا على أرفع المستويات من كافة النواحي الأدبيّة .




الشاعر أمام تمثال السيّاب (رحمه الله) في البصرة عام 2000


وللشاعر مواقف أدبية من غزو العراق واحتلاله تمثلت بقصائد الرفض لهذا الأحتلال المقيت . 
وفي حديث لي مع الشاعر الضيف عن لحظات سماعه بقصف القوات الأميركية لبغداد قال لقد أحسست بتعطل ساقيّ عن العمل وشعوري بخدر عجيب دبّ فيهما.

يتميّز الشاعر صلاح داود إضافة الى مايتميّز به مما ورد ذكره بأسلوب فريد من نوعه في الألقاء وهذا ماجعل حضوره على منبر الشعر حضورا ملفتا للأنظار وشادّا لإهتمام المتلقي ومتابعته.

لم يقتصر إبداع ضيفنا على الشعر بل أبدع ايضا بمجال النقد .

تمكن بمجهودات فرديّة إلى حدّ ما من كسر قيد التهميش الذي يعاني منه العديد من الأدباء ليس في تونس لوحدها بل في العديد من الدول العربيّة . فشارك في عدد من المهرجانات العربيّة اضافة الى مشاركاته في عدد من الأنشطة والمهرجانات المحلية والوطنية في تونس.
أغلب مؤلفات شاعرنا الضيف لم تر النور بسبب أزمة الترويج للكتاب وسوء النشر والتوزيع. 
وتعتبر هذه المشكلة المتجذرة في تونس من أهم المشاكل التي ألقت بظلالها المريع على طاقات أدبيّة فائقة 
في هذا البلد للأسف.

نترككم مع نبذة من سيرة حياة شاعرنا الضيف ومع كشف بمؤلفاته.

مع قصيدة مختارة من قصائده كان قد شاركنا بها في أمسيّة أقيمت تكريما للمعلم في اتحاد الشغل بولاية نابل-تونس. وهي من روائع شاعرنا الضيف. 



سيرة حياته:
********


*  شاعر وناقد أدبي تونسي
*أستاذ اللغة والآداب العربية
        *نائب رئيس فرع اتحاد الكتاب التونسيين بنابل
*عضو اتحاد الأدباء العرب
 شغل مدير معهد ثانوي 1998 واستقال في نفس السنة


  شارك في مهرجانات  عربية أهمها
  مهرجان المربد الشعري بالعراق سنة 2000 كسرا للحصار على العراق 
    و مهرجان الشعر  بالمغرب  
وباتنة بالجزائر 2012
*نال الجائزة الأولى في الشعر العمودي بمهرجان همسة بالقاهرة / 2014 سبتمبر

من مؤلفاته :
******** 

1.     دراسات في عالم البكالوريا:    كتيب مُواز لبرنامج الآداب  السنوات النهائية 
2.     كتاب التراجم                :   رسالة جامعية 
3.     ليالي شهرزاد (شعر)   1994   
4.    دراسة مزدوجة عن مسرحية السد  ورواية مولد النسيان  للأديب الشهير محمود المسعدي
                                    ط1 / 2004                  ط2  / 2006 
5.      في جدلية الفكر والأدب :         2009
6 .   قصائد هاربة ..قصائد أرهقتني ...من الزمن الموبوء.      جوان 2011
 7. إبحار في متاهات أنفاسها  2014   صدرت بمصر ضمن أفضل 10 دواوين عربية

شغل رئيس الملتقى الوطني والعربي للقصة والدراسات النقدية محمد البشروش بدارشعبان

تحصل على الجائزة الأولى في شعر العمود  بمهرجان همسة   للفنون والآداب  بالقاهرة2014    


قصيدة (حمامة الأمس)




حمامة الأمس ..

في اليوم العالمي للشعر..


إذا قيل لك يوما يا.. شعر :
هل مازلت مهمّا ؟
ألا فـقل .. بكل تحدٍّ : نعم
وألف نعم
و إلا
فلِـمَ يخاف المدجّجون بالدبابات..
والعساكر..  وقنوات البث..
من  ..
شاعر بائس ..حزين ؟؟


بالأمـس كانـت هـا هـنـاك حمـامـة
تـخـتـال فـــي وردٍ بـــه تـرمـيـنـي
في حضنهـا عصـفَ الغـرام كأنهـا
نـغــمٌ يـداعــب نـفـحـة الـنـسـريـن
وجناحُـهـا هــزاتُ عـطـر مُسْـكـبٍ
أو رقــصــةٌ مـجـنـونـةٌ تـغـريـنــي
مـرّرْتُ كفّـي فـوق همْـس عبيرهـا
وأصابعـي فــي شَعْـرهـا تجريـنـي
شرَدتْ مع الريحان لم تترك صدى
غـيـرَ الظـنـون تَـهزّنـي تضْنيـنـي
وتُميتـنـي فــي الـيـوم كــل دقيـقـة
وبـعـيْــد كــــل مـمـاتــةٍ تحْـيـيـنـي
ومــع الثـوانـي الباقـيـات تُعيـدنـي
لعيـونـهـا فـــي لـحـظـةٍ تـرْديـنــي
**

بالأمـس كانـت هـا هـنـاك حمـامـة
صعِدتْ على ركـح الهوى..وتثنّـت
كـــلُّ الأكـــفِّ تلـهّـبـت وتـوجّـعـت
وتـوسّـلــت وتــــودّدت  وتـمــنَّــت
لمّـا استبـان السكْـرُ فـي أرواحـنـا
قفـزت علـى قمَـر السّمـاء وغـنَّـت
مِلْنا..ثمِلنـا.. لـم نصـاحـبْ عمْـرنـا
وتحمْلـقـتْ مـنـا العـيـونُ  وعـنّــتْ
وحمامتـي ليـسـت هنا..وحسبْتـهـا
هـبّــاتِ نـسْــم لـلـشّــرارةِ  حــنّــت
وحسبـتُـهـا ريـــحًا دخـــانا ذُرْذرت
فـــوق اللهيـــب فمـزّقـتْـه ورنّـــت
وسمعْـتُ قلبـي مـن رنيـن مِزاقهـا
كـالـنـار جنّـنَـهـا الـنُّـفـاخُ فـجُـنّــت
**

بالأمـس كانـت هـا هـنـاك حمـامـة
صادت صقورَ الشِعْـر بيـن شِباكيـا
قبّـلْـتُـهـا لــــم أدْرِ أنّــــي غـيــمــة
حـتـى لمـسْـتُ شفاهَـهـا بشفـاهـيـا
ومـددْتُ روحــي للسـمـاء أطالُـهـا
ومــرَرْتُ فــوق ضيائـهـا بلسانـيـا
فشعـرْت أن الضـوء مجتـذب دمـي
وعلـى الضـفـاف النائـيـات ندائـيـا
وهربْـتُ مـن أحضانـهـا لزوابـعـي
فتطـايـرتْ فــوق الجـبـال  جبـالـيـا
وتعـثـرَتْ بـيـن الشـفـاه قصـيـدتـي
لـم أدْرِ كيـف أصـوغ عِقـدَ كلامـيـا
لـــمْ أدْر أنّ الـعـمْـر قـــد عـتـقْـتُـه
حتى عصـرْتُ الخمـرَ مـن أحزانيـا
**

بالأمـس كانـت هـا هـنـاك حمـامـة
عـشْـقُ القـوافـي شفـهّـا أضـنـاهـا
سجعتْ على أطـلال خـلان الهـوى
فــي عـيـد شِـعـر بالـوفـاء رمـاهـا
عــيــدٌ يــطــرّز لــلإبــاء سـبـائـكـا
فـي عشـق قــدسٍ قهْـرُهـا أبكـاهـا
عيدٌ من الفـرح المضمَّـخ بالضنـى
أرضُ تـنــادي .. اِبـنَـهـا وأبــاهــا
جـولانُـهـا تـاقــت رؤاه  حمـامـتـي
فـتـعـثّـرتْ فــــي غــــزّةٍ سـاقـاهــا
ها ها هناك هـوَتْ تمُـوج حمامتـي
فــي نجـمـةٍ وجَـــعُ الأذى ألـقـاهـا
رفّـتْ بدمْـع الـعِـز عـيـنُ حمامـتـي
فـأبـى البُـكَـا مِــن ثِقْـلِـه شـفْـراهـا
**

بالأمـس كانـت هـا هـنـاك حمـامـة
فـي شـارع المنصـور تـاه شَـداهـا
هام الرشيـد علـى الفـرات بحِسّهـا
فتعـشـقـتْ أمـــواجُ دجـلــةَ فــاهــا
لمـا رأت مِـزَق المـآذن فـي الثـرَى
مــن فـسْـق ملـعـونٍ طـغَـى..أذاهـا
مِـن مُسـلـمٍ بــاع الحِـمَـى لمُتـاجـر
ورخـيـصِ قَــدْرٍ عـانـق السُّـفـاهـا
متأمْـركٍ ذفِــر القـفـا حـتـى  غـثـت
مـــن فـحْـشـه أمـعــاؤه بـقـذاهـا..
قفزتْ على وجه الصّفيق حمامتـي
تَسقـي الثـرى مــن عيـنـه بدمـاهـا
مـا همَّـهـا غــدرٌ تـرصّـد طوْقـهـا:
مِــن هــا هـنـاك مـعـمّـمٌ  أرْداهـــا!
**

يــا شِـعــرُ مـزَّقَـنـا الـكــلامُ  وإنّـــا
بـيــن الـسـطـور وتحْـتـهـنّ دُفِـنّــا
خـلْـف الـزمـان تـنــوء تفعيـلاتـنـا
أسبـابُـنـا انـكـسـرتْ تـنــوح كـأنّــا
لا الـقـدْسُ مسـلـوبًـا..ولا بمـحـمـدٍ
قـد هوّنونـا فـي الـرسـوم .. فهُـنّـا
لا مـزّقــوا قـرْآنـنـا ..لا غــوّطُــوا
أشــلاءَنــا .. فـتـغـوّطـتْ  ونـتِــنّــا
لا اسْتفعلوا بنسائنـا..لا احْدوْدبُـوا
بـإبـائـنـا .. فاسـتـخْـونـوهُ فـخُــنّــا
**
نامـي ولا تأسَـيْ عَلَـيَّ حمامـتـي..
لِغرَامِـنـا زمَــنُ المـهـانـة غـنَّــى..
**
نامـي..فـلا نـفْـسٌ تـتـوق لـثْـأْرهـا
كـــلٌّ بِـلـيْـلِ الـصّــبِّ هـامَ..وجُـنَّـا.

***************************




نكتفي بهذا القدر المتواضع من التعريف بشاعر يستحق الكثير من الوقوف على تجربته الأدبيّة 

على أمل أن نتواصل معه  في مجالات أخرى تتيح لنا أن نقوم بواجبنا تجاههه 

ومن الله التوفيق

علاء الأديب






هناك تعليق واحد:

  1. كم أشعر بقدر كبير من حبكم يا أهلي في المرفإ الراقي ..كم أنا عربي بامتياز بهذا العراق الغالي رغم الجراح والأنات ورغم التشظي..آه يا عراق لو خفف الأهل من أنينك يا بلد الحضارة الأولى التي علمت الدنيا معنى الوجود..

    ردحذف