بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 17 سبتمبر 2018

العدد السادس لسنة 2018 أدباء منسيون من بلادي / الجزء الثاني الحلقة 19 الشاعر زامل سعيد فتاح تقديم / علاء الأديب


العدد السادس لسنة 2018

أدباء منسيون من بلادي / الجزء الثاني

الحلقة 19
 
الشاعر زامل سعيد فتاح

تقديم / علاء الأديب
 




التقديم:
............
لقد كان ومازال الشاعر زامل سعيد فتاح أحد الأطواد المهمة في الشعر الشعبي العراقي وخاصة في عقدي السبعينات والثمانينات من القرن الماضي لما جادت به قريحته على الأغنية العراقية من روائع لايمكن أن يطويها النسيان فقد غنى له الكثيرون من مطربي العراق أجمل أغانيهم نذكر منهم ياس خضر وحسين نعمة وسعدون جابر وفؤاد سالم وغيرهم .
ورغم تحفّظ زامل سعيد فتاح على نسبه القبائلي طيلة فترة حياته إلا إنّ فطرته كجنوبي وأسمه دلتا على كونه من قبيلة السواعد الجنوبيّة التي تعتبر منطقة الكحلاء في محافظة ميسان موطنها الأصل.
نسأل الله تعالى أن نعيد لهذا الطود الشامخ الذكرى التي يستحق من خلال ماجمعنا عنه في هذه الحلقة
ومن الله التوفيق.

علاء الأديب


الولادة:
..........
ولد الشاعر زامل سعيد فتاح في مدينة الناصرية جنوب العراق عام1941



الدراسة:
.........
اكمل دراسته الابتدائية والثانوية في نفس مدينته التحق بعدها بمعهد المعلمين حيث تخرج منه وعيِن بوظيفة معلم في نفس محافظته في الستينات من القرن الماضي وبعدها انتقل الى بغداد كمعلم في النشاط الفني لمديرية التربية .



زامل صاحب الصوت اجنوبي الجميل
...........................................
من خلال تعايشه في بيئة ريفية فقد منحته احساساً مرهفاً مملوءاً بالصدق وكان له صوت غنائي جميل لكنه اخذ بنصيحة صديقه وابن مدينته الملحن (طالب القره غولي) بأن يستمر في كتابة الشعر لانه شاعر ذو خصوصية لايملكها غيره من الشعراء




تأثير الناصريّة على زامل سعيد فتاح:
................................................

زامل سعيد فتاح المولود في منطقة الناصرية اخذ من البدعة وداعتها وغنائيتها وتناغمها وحوارات بلابلها ونوارسها مع الغراف ذلك النهر المتحول الى حبل سرية للبدعة يحفظ اسرارها ويدون اغانيها ويرحل بها بعيدا بعيدا ليترنم بها عندما يخلو الى نفسه وهو يمر بين الصحارى والبيد الموحشة واخذ زامل من الشطرة هويتها ووعيها السياسي والحضاري ..تلك الهوية التي ربما جمعت معها مدينتي ( طويريج ) و ( الحي ) حيث اطلق على كل منهما اضافة للشطرة اسم ( موسكو الزغيرة ) وهي تسمية تغني عن الكثير من الشرح وهوية ذات لون احمر حتى في ساعات اختلاط الالوان واخذ زامل من الناصرية انفتاحها وسعتها واحتضانها الجميع اضافة لارثها الحضاري والثقافي الممتد لاكثر من ستة الاف سنة لذا خرج اغلب شعر زامل وهو يحمل رقة العصافير وعذوبة الغراف وعبق التاريخ والحضارة وتهويمات العشاق وآمال الحالمين اضافة لوعي المعذبين والمسروقين والمتعرضين للاضطهاد وارى ان القيثارة التي ورثناها من اسلافنا كانت على مدى قرون من التاريخ تلوذ بصمت وقور حتى وصل زمن زامل سعيد فتاح واخرجها شعره من صمتها وداعبت اوتارها أنامل محسن فرحان وكمال السيد وطالب القره قلي فصدحت اصوات حسين نعمة وياس خضر وقحطان العطار.


ديوان المكيّر لزامل سعيد فتاح :
.....................................
طبع هذا الديوان عام 1971م في مطبعة الجامعة ببغداد وفيه (35) قصيدة منح من بين وريقاته اغاني عراقية مهمة لازال العراقيون يتذكرونها ويتغنون بها واغنية (هذا آنه) للملحن طالب القره غولي. وكلمات اغنية ( جذاب ) والتي لحنها وغناها طالب القره غولي والذي اخذ حصة الاسد من قصائد هذا الشاعر.
ويعتبر هذا الديوان رافداً للاغنية العراقية فقصائده الشعرية بحكاياتها وبنائها قد تكون السر الذي سحرنا به المطرب حسين نعمة عندما غنى فرد عود وهي من مقطعين شعريين كل مقطع يحتوي على صورة شعرية ذات دلالة لم تعرفها الاغنية العراقية قبل فترة الستينيات.



معنى المكيّر باللهجة العراقيّة :
......................................

المكير: وحسب ما هو معروف باللهجة العراقية هو الشارع المعبد بالاسفلت يؤدي الى زقورة اور في الناصرية وهي من آثار السومريين وتبعد عن مدينة الناصرية قرابة (15كم) والطريق الاسفلتي المؤدي الى الزقورة يمر بمحطة قطار الناصرية لذا ظن البعض ان (المكير) هو محطة القطار نفسها وهذا اشكال ولد بولادة القصيدة التي تحمل اسم الديوان خصوصاً بعد ان اصبحت اغنية مشهورة عرفها الجمهور العراقي بصوت المطرب ياس خضر والحان الراحل (كمال السيد) عام 1969


زامل سعيد فتاح وعرش الأغنية العراقية:
...................................................
اعتلى زامل سعيد فتاح عرش الاغنية العراقية فكلماته تنبض بمشاعر صادقة وتحمل اروع الصور الشعرية التي تدخل الى القلب بدون استئذان وكما يقال (ان كل مايخرج من القلب يدخل الى القلب).



زامل سعيد فتاح وبغداد:
..............................
عند انتقاله الى اطراف بغداد عام 1970م وتزوج واستقر فيها ولقد التقى بالكثير من الشعراء والمطربين وتأثر بالحياة في العاصمة لحين وفاته سنة 1983م إثر حادث مروري مؤسف.



عادل سعد ديوان قدّم لديوان المكيّر
...........................................
يقول عادل سعد ديوان في مقدمته التي كتبها لديوان ( المكير ) الصادر في بغداد عام 1971 والمحتوي على ( 35 ) قصيدة واصفا شعر زامل سعيد فتاح : (إن شعر زامل سعيد فتاح، هو نزوح مسالم في بقاع الذاكرة، يفشي أسرار الغصون والإنتظار، ويتقد بالملوحة الطازحة. ولهذا.. لهذا ينبغي أن نغنيه.




قال فيه الشاعر ابراهيم الوائلي :
......................................
زامل سعيد فتاح، ذلك النجم الجنوبي الذي سطع وتوارى وهوى
بسرعة ورحل قبل أوانه.. انه شجن جنوبي ومفردة رائعة، وشاعرية مبهرة، تغنى بحواضر الجنوب، وقد أمعن زامل في ذكر الحواضر الجنوبية بدا من قلعة سكر و الشطرة وبدعته الغافية على الغراف والجبايش والحمار وذكر بغلواه السمك والطير فكان يجيد الربط الجدلي بين الأراجيز السومرية ونخيل الرافدين كما أنه غازل لكش وأور ووقف على (المكير).. فبالله عليك من يستطيع أن يصور المكير بهذه الصورة الرائعة لولا شاعرنا الذي عاش الرحيل والمكير، تلك الصحراء المقفرة التي تقع على تخوم الناصرية، تباكى الرجل على الاطلال ورسم بريشة لوكالزيكي مسلة سومرية جديدة وخص بها الريل بعرباته المتثاقلة وزعيقه المخيف.



يصفه سعد صاحب قائلا :
..................................
الشاعر الابرز في جيل السبعينيات انه شجن جنوبي ومفردة رائعة، وشاعرية مبهرة من المؤسسين الاوائل لذائقة غنائية جديدة كتب العشرات من الاغاني التي ما زالت تردد الى هذه اللحظة وكأنها كتبت لهذا الزمان. استطاع زامل سعيد فتاح اختيار اسلوبه المميز وشق طريقه في دروب الابداع، وكان متفردا الى حد كبير برغم الاسماء الكبيرة التي رافقت بزوغ نجمه الشعري امثال زهير الدجيلي وكاظم الرويعي وجبار الغزي وناظم السماوي وابو سرحان والشاعر المخضرم جودة التميمي.



نجم سبعينيات القرن الماضي:
................................

كانت سبعينيات القرن الماضي فترة خصبة في المجالين الادبي والفني وانتعشت فيها الحركة الادبية والفنية ونشط المسرح والاغنية وقدمت اعمال راقية ورائعة وابدع الفنانون في المجالات الفنية الاخرى ابداعات لاتقل عن ما انجز في مجال المسرح والاغنية والشعر المغنى وهي فترة تكاد لاتشابه الفترات والحقب الطويلة التي مربها العراق رغم ان المتسلط فيها على الحكم كان حزبا لايؤمن بوجود الاخر الا انه كان في بداية اعتلائه السلطة وكان يسعى للامساك والتشبث بالسلطة والسيطرة بقوة فكان عدم وضع الفنانين والادباء والكتاب والشعراء تحت المراقبة لذا كان الابداع وكانت السبعينات مرحلة ذهبية وكان فرسانها في كل ضروب الادب والفن علامات فارقة في تاريخ العراق المحمل بالاحزان والحروب.وبضاعة شحيحة من الفرح والابداع ونحن اليوم في ضيافة احد فرسان مرحلة الابداع مرحلة السبعينات في مجال الشعر والاغنية انه الشاعر زامل سعيد فتاح ذلك الاسم او الشاعر الذي ماذكرت الاغنية العراقية في عصرها الذهبي الا وذكر معها وماورد اسمه في حديث او بحث او موضوع الا وتسارعت الى الذهن عيون قلائده التي طوق بها جيد القصيدة الشعبية والاغنية العراقية في فترة من اخصب فتراتها .


في ظروف غامضة مات زامل سعيد فتاح:
................................................
مات بظروف شبه غامضة وازداد غموضها بعد ان رحل في الايام الاخيرة اهم شهودها ففي إحدي ليالي بغداد الشتوية من اواخر عام 1983 خرج زامل سعيد فتاح من مبني إتحاد الأدباء وكان بمعية المخرج نبيل إبراهيم الذي كان يقود السيارة التي سرعان ما اصطدمت بسيارة أخري، ليكون هذا الشاعر زامل سعيد فتاح شاعر (المكَيَّر) الضحية الوحيدة في هذا الحادث الذي كثرت عنه الأقاويل والشبهات،والغموض الذي لف نهاية الشاعر كبدايتها.



زامل سعيد فتاح من قبيلة السواعد :
............................................
كان يلف بداية حياته الغموض عن اصوله التي يقول البعض انه ليس من البدعة ولامن الناصرية وانما هو من العمارة ومن عشيرة السواعد ودليل اسم زامل الذي هو ( ماركة مسجلة ) للسواعد دون غيرهم تيّمنا بالشيخ زامل الساعدي المعروف عند عموم العراقيين .



الشاهد الوحيد على الحادث المروري مات قتلا بالرصاص في سوريا
................................................................................
لقد توهج زامل سعيد فتاح كنجم في سماء القصيدة المغناة على امتداد العقد السبعيني حتى تفرد من دون ان يزاحمه شاعر اخر وتهافت المطربون والمحلنون على بابه حتى بدى كأنه الشاعر الوحيد واقترب من السلطة والحاكم حتى اضحت قصائده فيها كأناشيد وطنية غير رسمية تقرأ في مناسباتها واحتفالاتها وانطفأ فجأة ومن غير مقدمات بحادث مروري مثل كثير من الحوادث التي تبدو كحوادث طبيعية ولكنها تأخذ المعارضين للسلطة مما يضفي عليه شيء من الغموض ويثير حوله الشبهات ويجعل المرء في حيرة من امره فالشاعر كان يبدو كأنه بعيش شهر عسل مع السلطة ويموت على طريقة معارضيها كما ان الشاهد المهم بالقضية يموت برصاص مجهولين في العاصمة السورية في اواخر عام 2007 وتقيد القضية ضد مجهول ولم يصرح قبل موته بشيء ولو يسير عن موت الشاعر علما انه من كان يقود السيارة المصطدمة بسيارة اخرى .
 


من قصائد الشاعر :
..........................
جذاب دولبني الوكت
حيل اسحن بروحي سحن
سَيَّر علينه الهوي
لوليله فتّح طفل
هذا آنه... وهذاك إنت
مشيت وياه للمكَيَّر أودعنه
يا غريب الدار من دار الأهل
سنتين أوديلك خبر
يعيني عليمن اربيّه
روحي طريِّه وتشتهي
قداح .. والقداح يذبل من تريد اتجيسه
نسينه يا هوي انسينه
عزاز عدنه
حاسبينك
وغيرهن من القصائد المغنّاة وغير المغنّاة.



المصادر:
.............
× مجلة الصباح الجديد.
× موقع النور .
× صحيفة الناقد العراقي.
× صحيفة الحقيقة.
× ديوان الشاعر زامل سعيد فتاح.



رحم الله شاعرنا زامل سعيد فتاح وأسكنه فسيح جنانه
وإلى لقاء آخر مع
حلقة أخرى من //أدباء منسيون من بلادي//.
أستودعكم الله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق