بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 9 فبراير 2016

العدد الثاني لسنة 2016 ... صراخ الجوع ... للشاعر : خلف دلف الحديثي




العدد الثاني لسنة 2016
 
صراخ الجوع
 
للشاعر : خلف دلف الحديثي 




إلى الفلوجة التي تحترق جوعا بأهلها :
بي صرخةٌ بمدارِها تتمرّدُ
أتلو مزاميرَ الجنونِ وأسْجدُ
وأقيمُ قدّاسي ببابِ دمارِها
وأحشّدُ الكلماتِ ناراً تُوقدُ
وألمُّ آياتي لأنثرَني بها
حرْفاً فيسبِكُني هوايَ وأخلُدُ
وحدي أُقاوِمُني ووحْدي أكتوي
شعْراً ووحْدي بالشعورِ أُجَدّدُ
مُتشرّدٌ وخطايَ ما عادَتْ أنا
تمْشي وخاطرةُ التساؤلِ تنشِدُ
وعلى احتراقي أسْتريحُ بجمرِها
ولها حُشودُ اللاجئينَ تردّدُ
فاطلقْ لسانَكَ لا يظلُّ بصمتِهِ
لنسُدّ أهوالَ الجنوحِ فنُوصِدُ
بئرٌ معطّلةٌ جميعُ وعودِهِمُ
وبِكذبِهم أهلُ البلادِ تشرّدوا
لا بدّ منْ موْتٍ يفيضُ بويلِهِ
لأرى بهم يوماً عَبوساً يولَدُ
لا بُدّ أنْ أحيا وهُمْ في موتِهِم
كي تحلمَ الشفتانِ كيفَ تغرّدُ
لأشدّ كفّي في غياهبِ جُبّها
وأعودُ منْ جبلِ الخُلودِ أُندّدُ
لا بدّ رأياً هتلريّا يُحْتذى
ولهم يخلّدُهم جحيمٌ أسْودُ
لا بدّ منْهم أو وفيهمْ لا أرى
إلا القصاصَ ومَنْ لهم يتجنّدُ
(فلّوجتي) ظُلماً تموتُ منَ الطّوى
والجوعُ فيها كافراً يتنمْرَدُ
يَطويهمُ صوتُ الذّبولِ بسجنِهِ
وجَوى سكاكينِ الحصادِ يُنكّدُ
وأنا تُجذّرني عَصا طُغيانِهم
وعلى رواعدِهِمْ يشُبّ الموْقِدُ
فيطيحُ سقفٌ مُعْتمِ بدمائِهِ
مِنْ هولِهِ مَطرُ الدّما يَتجَمّد
مِنّا حصارُهُمُ كتبْنا بندَهُ
وإلى خيامِ الصابرينَ يُهَدّدُ
ما عدْتُ أُؤمنُ بالعقالِ وأهلِهِ
كلّا وَعمّةُ أرْعنٍ يتوعّدُ
أكذوبةٌ موصولةٌ في كذبةِ
وهُمُ على زيْفِ الوعودِ تعوّدوا
حتّى مجالسَهمْ تفوحُ رُعونةً
منْها التصاريحُ الكِذابُ تُخَلّدُ
فبلاؤنا مِنْهم أتى ودمارُنا
ولهم فواتيرُ الموائدِ تشْهدُ
ما زلتُ في ثغرِ السّؤالِ أخطّني
سطراً وفي وجَعِ المَنافي أُجْلدُ
هلْ يرجعونَ فلا طريقَ لخطوِهِمْ
وعلى مواعيدِ الصلاةِ سنقْعُدُ؟
هلْ يخرجونَ وما يزالُ طريقُهم
بالموْتِ في موْتِ الجميعِ يُعَبّدُ
يَتدافَعونَ وراءَهُمْ بجمُوحِها
تتصارَعُ الذّكرى فتحضنُهُمْ يَدُ
يتأمّلونَ ضياعَهُم فيهِ المتى
يبْكي وصوْتُ صُراخِهم يتهَجّدُ
هي ذي المنافذُ والطريقُ معوّقٌ
بمُصابِهم وبهِ المصائِبُ تُعقَدُ
وفمُ المنايا نافِثٌ بشُواظِهِ
فيجزُّ أرواحَ السّراة وَيُخمِدُ
قلْ لي متى فبلا خطايَ سأكْتفي
لأقولَ يوماً ربّما يأتي الْغَدُ
حَصدوا بساتينَ النهارِ وكفّنوا
قلقَ المنائرِ واستُبيحَ المسْجِدُ
حَرَقوا جفافَ الدّمعِ واكتحلوا بهِ
فعَلا عَويلُ الصمْتِ فيّ فغرّدُوا
باعُوا حقولَ الأرْجوانِ وأيْقظوا
وَجعَ الحُسيْنِ وباسمِهِ كمْ ندّدوا
حتّى بقايا الخِيشِ من آمالِنا
بيعَتْ وصادرَها الضميرُ المُلْحِدُ
لم يَبْقَ شيءٌ مِن ضُحى أنفاسِنا
لنعودَ نجْني ما نريدُ وَنحْصُدُ
ونثيثُ ساقيةِ الفصولِ تحوّلَتْ
مَوْتاَ فأيقظَها اللظى المتوقّدُ
خنقوا رفيفَ المتعبينَ وكسّروا
وَجْهَ المرايا فاحْتساهُ تعنّدُ
وأنا وما زالَتْ بقايا ضحْكةٍ
بفمي بها غبشُ الصّباحِ يُعَمّدُ
ضيّعْتُ عُمري في غبارِ عِبادتي
حتّى على وجَعِ الحنينِ أُعيّدُ
ما زلْتُ طفلاً بي تخوّضُ غيْمتي
وعلى أكاسيرِ الفنارِ نُمدّدُ
فتمَدُ ساقيةُ الحقيقةِ أذْرعي
نحْوَ الحقيقةِ علّ يرْجعُ هُدْهُدُ
يُلقي رسالتَهُ فيمْكُثً صامِتاً
فلعَلّنا بعْدَ الشّتَاتِ نُوَحّدُ
لكنّهمْ للآنَ يأخذُهُمْ لهُ
خَطلٌ وغفلتُهُمْ بنا تتعَقّدُ
لكنّني وأنا الذي بدموعِهِ مُتدثّرٌ
ما زلْتُ أنطرُ جنّةً تتوَرّدُ
ما زلتُ يقذِفُني لِحوتِ وعودِهِم
أملٌ ليطلعَ في الضّفافِ الفرْقدُ
للآنَ ما زلْتُ الغمامَ أريدُهُ
علّي سأبْذرُ ما أريدُ فأسْعَدُ
سأظلّ أرقبُ للغمائمِ دورةً
فعسى مواعيدُ الغمامِ ستولَدُ
وعسى اللظى بعدَ احتشادِ جمارِهِ
بضلوعِنا لو شبّ يوْماً يَبْرُدُ
***
5/2/ 2016 السليمانية


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق