بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 9 مارس 2015

العدد الرابع لسنة 2015 ... القصة .....بقلم : وجدان الشاذلي






العدد الرابع لسنة 2015


القصة


بقلم : وجدان الشاذلي









يحكى أن :

صرصار صغير ؛ سقط من علو شاهق أثناء محاولته تسلق إحدى طاولات الطعام ، فارتطم رأسه بالأرض ، وذهب في غيبوبة دامت لخمسة واربعين دقيقة .
حادثة كهذه ربما لتكون ليست ذا ت أهمية في حياة الصراصير ، لولا ماتلاها من أحداث متلاحقة ، أكسبتها تلك الأهمية ، التي جعلت أجيال الصراصير تتناقلها من جيل إلى آخر حتى يومنا هذا ..
يقال بأن ذلك الصرصار ، كان واحداً من أذكى الصراصير في تلك المستعمرة ، وأكثرها حيوية ، جرأة ، ونشاطاً..
على خلاف الرواية الأولى ، تذهب بعض الروايات إلى القول بأن ذلك الصرصار المسكين قد توقف قلبه ليلتها لما يقارب أربعون دقيقة ، رغم ذلك استفاق بعدها ، كمن ينهض من الموت ، ولقد أثار ذلك دهشة الجميع ، وأعدو الحادثة بمثابة معجزة ..
ماحدث بعد تلك الليلة كان أكثر إدهاشاً..

بعد بضعة أيام على الحادثة .. لاحظ الجميع ذلك التغير المريب في تصرفات ذاك الصرصار ، وأثارت تلك التصرفات الكثير من المخاوف ، وموجة من الذعر .. انتشرت وتجاوزت حدود المستعمرة ، لتصيب المستعمرات الأخرى ..
بدأت تلك التصرفات المريبة كما يقال .. بتجوله خارج المجارير أثناء النهار على غير المعتاد ، من ثمة شوهد ذات مساء يخص نفسه بقطعة كبيرة من الطعام ، متجاهلاً أخوته ، ذهب بعدها يحتفظ بالطعام ويخزنه في مخابئ سرية ، ويتحدث عن الغد ، والمستقبل ، وأشياء أخرى لم تكن مفهومة ..
مؤخراً شعرت زوجة شقيقه بأنه يختلس النظر إليها ، غير أنها لم تشاء أن تصدق ذلك وآثرت الصمت ، إلى أن فوجئت به في ذلك المساء يزحف إلى مخبأها ، مستغلاً غياب شقيقه.. فارتعبت ، وصرخت .. وصودف حينها أن عاد زوجها ، فأخبرته بكل شىء ، فثار غضبه وتعاركا ، وطرده بعدها إلى خارج المستعمرة ..

أزدادت بعد ذلك تصرفاته غرابة إلى درجة لم تعد تحتمل ..
وبدأ الجميع يتهامسون :
- أصابه مس ..
كان يجوب المجارير والمستعمرات متحدثاً عن ضرورة الحرب ، وشيئاً كان يسميه (ثورة ) ، كان يتحدث بكراهية عن مستعمرات النمل ، قائلاً بأنها لم تعد تشاركنا طعامنا فقط ، بل أنها تخطط للإستيلاء على مخابئنا ، وأنها ذات يوم ستعمل على إبادتنا ، مضيفاً (( يتحتم علينا أن نتغداء بهم ، قبل أن يتعشوا بنا ..))
انتشرت خطبه وأفكاره بين فئتي الأطفال والشباب ، فاستشعر عقالنا الخطر ..
فعقدوا إجتماعهم الأول يومها ، وحزموا أمرهم على الذهاب إلى المستعمرة الشرقية ، حيث كان يقيم هناك صرصاراً معمراً ، يقال أن عمره يتجاوز العامين ، عرف عنه حكمته ، وتجربته العميقة في الحياة ..
فقصد أربعة من عقالانا ذلك الصرصار المعمر ، وقصو عليه كل مايتعلق بالحادثة وماتلاها ..
وسألوه أن يفسر لهم سبب تلك التصرفات ..
قيل بأن ذلك الصرصار المعمر ؛ كان يصغي لهم بإهتمام ، ثم بدت عليه علامات الإرتباك والحيرة ..
وبعد أن تنحنح طويلاً في جلسته ، وبعد برهة من الصمت ، قال لهم بصوت واجم :

- أبنكم هذا حتماً فقد ذاكرته ، ويبدو أنه يتصرف كإنسان ..!




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق