بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 31 مارس 2015

العدد الثاني لسنة 2015 .... دراسات وأبحاث .... الأستاطيقيا ( علم الجمال ) ..... بقلم : عبد الرضا صالح محمد





العدد الثاني لسنة 2015

دراسات وأبحاث

الأستاطيقيا ( علم الجمال )

بقلم : عبد الرضا صالح محمد







أما مراحل نمو الفكر الفلسفي اليوناني فقد قسمه الباحثون الى ثلاثة أطوار :
الطور الأول ويسمى بطور النشوء أو فلسفة ما قبل سقراط ويبدأ بطاليس الملقب بأبو الفلاسفة .
الطور الثاني : ويسمى العصر الذهبي للفلسفة اليونانية ، وفيه ظهر فلاسفة عظام اثروا بالفكر الفلسفي على مر العصور وهم ( سقراط وأفلاطون وأرسطو ) .
الطور الثالث : ويسمى بطور الركود ويبدأ بوفاة أرسطو وينتهي بظهور الأفلاطونية الجديدة في مصر على يد ( أفلوطين و افليون ) اللذان دعا الى التوفيق بين الفلسفة والدين .
وللفهم والوقوف على حقيقة موضوعة علم الجمال ( الأستاطيقيا ) لا بد من الإشارة الى آراء الفلاسفة عبر العصور التاريخية ، بدأ من أقدم النظريات الفلسفية في علم الجمال ، حتى العصور الحديثة .
فالفيثاغوريون في القرن الخامس قبل الميلادي ، والذين ربطوا التأمل الفلسفي بالتذوق الفني للموسيقى وقد انتهى فيثاغورس من تحليله للموسيقى الى وضع تفسير لأنغامها ، وفسر التوافق الموسيقي أو ( الهارموني ) بأنه يرجع الى وجود وسط رياضي بين نوعين من النغم . )2 كما أنهم ردوا الفن الى البناء الهارموني للأرقام ، وعدوا العملية الإبداعية في الفنون والشعر والموسيقى ما هي إلا محاولة إيجاد التوافق الرقمي المكون الأساسي لعملية الإبداع . )3
ومن هذا نقول ان هارموني الأرقام هو أساس العملية الإبداعية عند الفيثاغوريين .
أما السفسطائيين الجوالين في بلاد اليونان قديما ومعلمي الخطابة في القرن الخامس قبل الميلاد، واللذين لم يكونوا مدرسة خاصة بهم ، إنما كانوا متفرقين تجمعهم آرائهم العامة ، ومن أهم فلاسفتهم ( بروتاغوراس ) و ( جورجياس ) . أطلق الباحثون على نظرية السفسطائيين بنظرية ( الوهم و الإيهام الجمالي ) ، وهم يرون أن الفنان المبدع ، هو من أتقن فنون الخداع الموجه نحو إثارة اللذة ، والعملية الإبداعية تعتمد على مقدرة فائقة في تنظيم مشاعر اللذة لدى الناس ، ولو كانت خادعة . ) 4
ثم أعقبهم بعد ذلك فلاسفة العقل ( سقراط وأفلاطون وأرسطو ) كرد فعل لما عانته الفلسفة اليونانية من نسبية وذاتية وإحلال القيم والصورة والمثل المطلقة .
وكان أول هؤلاء الفلاسفة هو سقراط ، الذي ولد في اثنا وفيها حصل على دراسته ، له أسلوب خاص في الجدل ، كان جريئا ، تحدث بشجاعة وجهر في آراءه عن الآلهة والمجتمع والأخلاق .. رفض الفرار من سجنه ، وفضل الموت بشرف ، فعمد الى شرب السم ومات مثلا ساميا لتلاميذه .
قسم سقراط الأشياء في الوجود الى نوعين : الصور ، والأشياء المحسوسة ، وأن الأشياء المحسوسة تبلغ الى درجة الجمال كلما اقتربت من الصور ، والعكس بالعكس ، وقد ربط بين الفن والطبيعة ، وعد الفن خلق ايجابي لموجودات الطبيعة . وفي حديثه عن النحات ( براسيلي ) يقول :
( انه من الصعب أن نجد إنسانا كاملا من الناحية الجمالية ، أي لا تشوب جماله شائبة ، فأنت عندما ترسم إنسانا جميلا ، فانك تأخذ من عدد من الناس أجمل ما عندهم ، وتجمعه في رسمك ، لتحصل على الإنسان الذي يمكن أن نسميه جميلا )5
فالفنان عند سقراط : هو ذلك الذي يقترب من المثل ، ويبتعد عن شوائب المادة الحسية .
أما أفلاطون الذي ولد في اثينا عام 427 ق .م وكانت له مقدرة فائقة في الرياضيات والموسيقى والشعر " تأثر بأستاذه سقراط كما صدم صدمة عنيفة أثرت على مستقبل حياته وهو في سن السابعة والعشرين عندما حكم على سقراط بالموت لاتهامه بإفساد الشباب وعدم اعتقاده بالآلهة "6
سافر الى ايطاليا ، وتنقل بين مدنها ، وأخيرا ابعد وبيع في سوق النخاسين ، فاشتراه احد المعجبين به واعتقه وعاد الى أثينا . أسس مدرسة في داره عرفت بالأكاديمية نسبة الى البطل اليوناني ( أكاديموس ) فالتحق بها طلبة كثيرون كان من بينهم أرسطو . استمر بالتدريس بها حتى وفاته .
يعتبر افلاطون من الفلاسفة القليلين الذين تركوا ثروة فكرية كبيرة ، أما أشهر كتبه فهو الجمهورية والقوانين .
يرى افلاطون الفن بأنه صوفي يتجلى نحو عالم المثل مجرد من عوالق الحس ، وأن العملية الإبداعية موهبة صوفية ، هبة إلهية ، غير خاضعة للدراسة ، والفنان هو ذلك الإنسان المثالي الذي اختارته الآلهة وأرسلت إليه ربات الفنون لتستل روحه من جسده صاعدة بها الى عالم المثل لتغرف الفن ، وتعود بهذه الروح الى جسده ، في لحظة يبدو بها بحالة هستيرية فينتج الإبداع و الابتكار .
أما أرسطو فقد ولد عام 384 ق م في احد مقاطع مقدونيا ثم التحق بأكاديمية افلاطون في أثينا وكان شديد الذكاء حتى أطلق عليه افلاطون ب( العقل ) و ( القراء) يرى أرسطو أن الفن يمكن آخذه من المحسوسات البيئية ويحاكيها .
أما الفنان فهو ذلك الإنسان يعي جوهر الأشياء ، وجوهر البناء التطويري البيئي ابتداء من الماديات الى الملهمات .
والعملية الإبداعية عملية إنسانية قائدها الفنان أو الأديب نفسه حيث يستطيع أن يكشف عن مكامن الجمال في عالم الحس
...................................................
1 ـ نجم حيدر / خيال وابتكار
2 ـ اميرة حلمي مطر /فلسفة الجمال من افلاطون الى سارتر
3 ـ كريم متي / الفلسفة اليونانية
4 ـ اميرة حلمي / نفس المصدر
5 ـ سمير نوفا / تاريخ النظريات الجمالية

6 ـ روزنتال ب بودين / الموسوعة المختصرة





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق