العدد السادس لسنة 2015
مملكة الشّعر العموديّ
للشاعر : شكري مسعي
يا شعرُ معذرة جفّت مآقينا ** و الدّمْعُ
مخْتَنـِقٌ بـِالجمـْرِ يكوينا
يا شعرُ كمْ كتبوا وَهْمـًا يُراوِدهُم
** ليسوا سوَى خُشُبٍ فِي رُكْنِ نـَادِينا
و الشعرُ مَملَكةٌ تـَاجٌ و مـَفْخَرَةٌ
** ما كلُّ مَنْ وَضَـعَ التيجانَ يُغْرِيـنَا
بعضُ الغـُفَاةِ إذا ضَجّتْ قـَوافِـِلُنا
** يَنْتـَابـُهـُمْ كَدَرٌ منْ صَوْتِ حــَادِينا
ما الشّعرُ لولاَ عـَمُودُ البحْر يَسْكُنُنا
** يَسْبـِي مَسامـِعَنَا بالشّدو يحيينا
جافوا العموديَّ جهلا ليس يسعفهم ** نظم
بواد الشعر أو نسج يحاكينا
ما أروع الشّعر ينساب على مهل ** نهج الخليل
بسيط الدّفق يروينا
كالموج يلثم ثغر اليمّ يسكره ** لحن الطويل
يعبّ من قــوافيـنا
يسبي بكامله الأرواح يسكنها ** من وافر
برويّ البوح يسقينا
كم قد غلوْا و تمادوْا في تعصّبِهم ** كـَمْ
أنكروا أنْجُما لاحت بِِوادينا
هذا المديد و رمل الشّعر يحملنا ** فوق
المتون على الأعجاز يذرونا
يا شعر إنّك لحنٌ شفّ من ولهٍ ** بوحً خفيفً
كَهمسِ الرّوحِ يطْوينا
بعضُ الذينَ أصابتْهُمْ بـَوَارِقـُنا
** غامتْ جَحافـِلُهم فِي سَفْـحِ وادِينا
لم يـَحْفـَلُوا بعمودِ الشّعرِ و اعتصموا
** بالنّظمِ يرتقُ أسمالاً مساكينا
إنّ الأصالةَ تـُعطِي الرّوحَ مـَعدنَـها
** كالفجرِ يـَغـْسِلُ وجهَ اللَّّيْلِِ تـَلْوينـًا
ما أروعَ الشّعرَ مسروجا بأرويةٍ ** منه
الصّهيلُ حميمٌ في قوافينا
كلّ البحـور إذا غابت نوارسها ** يبكي المحار
بدمع من مآقينا
إنّ العيون إذا جفّت منابعها ** يبقى العموديُّ
يُحييها و يَروينا
و البوحُ لولا عمودُ الشّعر ِ ما نطقتْ
** منه الجوارح تشكو ثمّ تكوينا
هذا القصيد سلافات قد انسكبت ** من جدول
فيه شهد الحرف يسبينا
لو أنّ منسرحا في العشق غازلــــه ** لحن
المضارعِ ما جفّت سواقينا
أو أنّ رملَ جبينِ الشّعر ما لثمت ** خدّيه
شوقا شفاهُ الموج تلحينا
قل للمضارعِ لا تبخلْ بموعظةٍ ** للنّـاظمين
و لا تأسرْ موازينا
بيت القصيدِ إذا خفّتْ دعائـمـُهُ ** أسرتْ
بهِ شُهُبٌ هوجاءُ تُـدمـينا
و الشعر لولا رفيف القلب ما همست ** منه
الأهازيج دفقا من أغانينا
هذا سريــع له نــجم يسامـــرنا ** في ليل
غربتنا يزهو و يغرينا
هل جار عنتر أو قيس و من كتبوا ** فيض العموديّ
مجتثّا يحاكينا
أو أنّ خنساء روح الشّعر قد ظلمت ** لمّا
بكت و رثت صخر الهوى فينا
ما بين منسرحٍ يسري و مقتَضبٍ ** تسمو القصيدة
أنوارا و ريحانا
لي في العموديّ نخل طال منتصبا ** يسمو
و يشمخ أعذاقا عراجينا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق