بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 10 أبريل 2016

العدد 3و 4 لسنة 2016 ... (القاضي الفاضل ) ... بقلم د فالح الكيلاني




العدد 3و 4 لسنة 2016

(القاضي الفاضل )

بقلم د فالح الكيلاني








مجير الدين او محي الدين أبو علي عبد الرحيم بن القاضي الأشرف بهاء الدين أبي المجد علي بن القاضي السعيد أبي محمد الحسن بن الحسين بن أحمد بن الفرج بن أحمد اللخمي البيساني العسقلاني .
ولد القاضى الفاضل بمدينة (عسقلان) سنة \529 هـجرية - 1135 ميلادية وفي رواية اخرى ولد ببيسان وهي مدينة صغيرة تابعة الى عسقلان تقع في شمال مدينة غزة من فلسطين .
حظي باهتمام والده الذي الذي كان قاضيا في عسقلان فأراد له ان ينشأ مع مجموعة من كبار العلماء فتكون له همة عالية في تحصيل العلوم الفقهية والادبية فارسله الى مصر على عادة أرباب الدواوين في ذلك العصر فنزل الاسكندرية ثم الى القاهرة ولاشك ان القاضي الفاضل وجد ضالته في البيئة المصرية لرغبته الشديدة في توسيع مدارك ولده في علوم الفقه والحديث فكان الولد يحضر مجالس كبار شيوخ هذه العلوم وبعد استكمال تعليمه وتفقهه في العلم والادب والثقافة .حقق ما تمناه ابوه فعمل في ديوان المكاتبات الفاطمي فتتلمذ على يد كبار كتاب هذا الديوان أمثال ابي الفتح محمود بن اسماعيل الفهري الذي لقب بذي البلاغتين لامتلاكه الموهبة البلاغية في النثر وفي نظمه للشعر وقد وصف القاضي الفاضل قصائده بأنها محكمة النسيج فنال القاضي الفاضل اعجاب الموفق بن الخلال كاتب الديوان الفاطمي الذي وصفه العماد الكاتب :
( له قوة على الترسل يكتب كما يشاء)
فتأثر به القاضي الفاضل وأفاد من علمه ولازمه إلى ان طعن في السن. ومن شعره :

فلي بعد اوطانى سكون إلى الفلا
وبالوحش انسي إذ من الانس وحشتي

وابعدنى عن اربعي بعد اربع
شبابى وعقلي وارتياحي وصحتي

وزهدنى وصل الغوانى إذ بدا
تبلج صبح الشيب في جنح لمتي
ويقول القاضي الفاضل متحدثا عن نفسه :
(أرسلني والدي وكان إذ ذاك قاضياً بثغر عسقلان إلى الديار المصرية في أيام الحافظ ـ وهو أحد خلفائها ـ وأمرني بالمسير إلى ديوان المكاتبات، وكان الذي يرأس به في تلك الأيام رجلاً يقال له ابن الخلال، فلما حضرت الديوان ومثلت بين يديه وعرّفته من أنا وما طلبي رحب وسها ثم قال:
ما الذي أعددت لفن الكتابة من الآلات،
- فقلت: ليس عندي شيء سوى أني أحفظ القرآن وكتاب الحماسة،
- فقال: في هذا بلاغ، ثم أمرني بملازمته)
الا ان ان القاضي ظل يراعي حق الصحبة والتعليم لهذا الرجل طيلة حياته فكان يجري عليه كل ما يحتاج ثم اصبح نائباً عنه في ديوان المكاتبات الفاطمي، ثم اصبح كاتباً لديوان الانشاء في مدينة الإسكندرية.
وكان من أفضل القرارات التي أصدرها العادل بن رزيك حسب قول عمارة اليمني قراره باعاة القاضي الفاضل الى الاسكندية و قد أشاد بهذا القرار في قوله :
(ومن محاسن ايامه وما يؤرخ عنها تسيير القاضي الفاضل واستخدامه في الاسكندرية ).
وقد برع القاضي الفاضل في منصبه الجديد وأثبت كفاءة في عمله كاتباً لديوان الجيش ونال استحسان مرؤوسيه، فتولى رئاسة ديوان المكاتبات الفاطمي بعد وفاة شيخه الموفق بن الخلال وتمكن من إقامة علاقات وثيقة مع كبار رجال الدولة في مصر وخاصة مع الأيوبيين . ولما سافر الى العراق والشام يقول متشوقا لنيل مصر:
بالله ، قل للنـيل عني إنـني
لم أشفِ من ماء الفرات غليلاً
وسلِ الفؤاد، فإنه لي شـاهد
إن كان جفني بالدموع بخيلاً
ياقلبُ، كم خلَّفتَ ثمَّ بثـينةً!
وأعيذ صبرك أن يكون جميلاً
إن مساهمة القاضي الفاضل في تغيير الاوضاع السياسية في مصر كانت من القضايا الخطيرة في حياته السياسية والعلمية لأنها فتحت له آفاقاً جديدة بل أصبحت منزلته عالية ومكانته رفيعة وأصبح الرجل الثاني في الدولة الايوبية في زمن صلاح الدين الايوبي بحيث تمكن منه غاية التمكن وكان صلاح الدين قد اعتمد عليه في ادارة دولته بحيث اصبح لا يصدر أمراً إلاّ عن مشورته يقول يمدحه :
الحسنُ جادَ علي الأحبابِ فازدادُوا
لكنَّ أحبابَنا في الحُسنِ ما جادوا
فيهـنَّ من شبِـه الغِزلانِ أربعـة
نفـرٌ وطيـبٌ وأحداقٌ وأجيـادُ
يديـُرالملكَ في عثمـان أربعةٌ
حزمٌ، وعزمٌ، وأفكارٌ، وأجيادُ
يثني عليـه مـن الأوقاتِ أربعةٌ
يـومٌ، وشهرٌ، وأعوامٌ، وآبادُ
تنـدي بجودِك عامُ المحلِ أربعةٌ
أفقٌ، وأرضٌ، وأنفاسٌ، وأكبادُ
وبقي هكذا الى أن توفي صلاح الدين، فحزن عليه الفاضل ولم يطق الوزارة بعده، وظل زمناً وجيزاً وزيراً لابنه الأفضل ثم استعفى وعاد إلى القاهرة وعكف على العلم والأدب وان هذا القول دليل يرجح عقلية القاضي الفاضل ونجاحه في المساهمة في قيادة الدولة الايوبية.
وقد كا ن له دور مهم في إثراء الحركة الثقافية في بلاد الشام ومصر والجزيرة اذ كان واسع الإطلاع غني المعرفة على مستوى رفيع من الثقافة والأدب والتمسك بعروة الدين، وكان مجلسه ملتقى العلماء والفقهاء والخطباء والأدباء والشعراء حافلاً بالبحث والتحقيق والمناظرات في مختلف انواع العلوم وفيهم يقول :
نسجُوا من الليلِ الشعـورَا وجلَوا مـن الصبحِ البُـدورا
ولووا من القضبـانِ والكـ ـثبِ الروادِفَ والخُصـورَا
إن قلت : يحكـونَ النجومَ صدقـتَ يحكوهـنَّ نُـورَا
ومتي سمعت بنجـمِ أفـقٍ ليـَل يألـفُ أن يغــورَا
وكان شديد الميل إلى تلك النخب العلمية التي كانت تقصده ملتمسة منه العون والمساعدة حتى قيل ان المساعدات المالية بلغت قيمتها في عصر صلاح الدين ثلاثمائة ألف دينار شهرياً خصصت للعلماء على شكل رواتب شهرية وإقطاعات. ويقول في الرزق :
وَهَب أَنَّ هَذا البابَ لِلرِزقِ قِبلَةٌ
فَها أَنا قَد وَلَّيتُهُ دونَكُم ظَهري
وَدونَكَ مِن هَذي الفَرائِدِ ما جَرى
عَلى الصَحوِ مِنّي يَجري عَلى الشُكرِ
وَوَاللَهِ ما وُفِّقتَ في السِترِ مُسبَلاً
إِذا كانَ لَم يُسبَل عَلى مَن وَرا السِترِ
إِلَيكَ فَإِنّي قَد غَنَيتُ عَنِ الغِنى
إِباءً وَإِنّي قَد تَغانَيتُ بِالفَقرِ
وَقَضَّيتُ أَوقاتي على ما انقضت به
وَصارَت وَرائي وَالسَلامُ عَلى الدَهرِ
وَقُلنا الأَماني البيضُ يُدرِكُ بَعضُها
أَلَيسَ المَنايا السودُ خاتِمَةَ العَمرِ
و قام بتشييد مدرسة في القاهرة وأفتتح التدريس فيها سنة 580هـجرية / 1184ميلادية وضم إليها مكتبة زاخرة، قيل أنها حوت ثلاثين ألف مجلد وقيل مائة ألف مجلد .
توفي القاضي الفاضل سنة\ 596هـجرية – 1200 ميلادية بالقاهرة ودفن بسفح جبل المقطم ب ظاهر القرافة بالقاهرة.

خلَّف تراثاً كبيراً من الأدب لكن لم يحفظ منه إلاّ القليل المتناثر في بطون كتب الأدب . واشتهر بنثره وترسله وبشعره لكن شعره لم يرق إلى مستوى نثره، وكان ـ أيضاً ـ ناقداً في مجالس صلاح الدين الايوبي يناقش الشعراء فيقرضهم، وقد تطرق كذلك إلى فن المقامة ولكنه لم يوفق . ومن شعره يقول :
نالَتِ الأَملاكُ مُلكاً بِحَظِّها
فَقَد نِلتُمُ ما نِلتُمُ بِمَساعِ
وَهَذا عِيانُ المَجدِ فيكُم فَما الَّذي
يَزيدُكُمُ مُدّاحُكُم بِسَماعِ
دَفَعتَ الأَذى عَنّا وَمَتَّعتَ بِالمُنى
وَما كانَتِ الدُنيا لَنا بِمَتاع
وَوَاللَهِ ما كُلِّفتُ في المَدحِ كُلفَةً
وَهَل هُوَ إِلا الصِدقُ وَهوَ طِباعي
يمتاز نتاج القاضي الفاضل الادبي بخصائص تجعله علماً بارزاً في فن الكتابة طاوعته الألوان البديعية فبرع فيها كما برع في استخدام البديع والسجع والجناس والمقابلة، وحسن تصريف الألفاظ، فجمع بين التلوين الصوتي والتلوين التشخيصي من خلال الاستعارات والتشبيهات التي يرشح بعضها بعضاً و كذلك تفنن في اقتباسه للآيات القرآنية عن طريق التضمين أو الإشارة أو التلميح .
قال عنه ابن حجة وقد عاصره :
( ولعمري إن الإنشاء الذي صدر في الأيام الأموية والأيام العباسية نسي وألغي بإنشاء الفاضل وما اخترعه من النكت الأدبية والمعاني المخترعة والأنواع البديعة).
اختم بهذه القصيدة من شعره :
لِعَينَيهِ عَلى العُشّاقِ إِمرَهْ وَلَيسَ لَهُم إِذا ما جارَ نُصرَهْ
فَأَمّا الهَجرُ مِنهُ فَهوَ إِلفٌ وأَمّا الوَصلُ مِنهُ فَهوَ نَدرَهْ
إِذا ما سَرَّهُ قَتلي فَأَهلاً بِما قَد ساءَني إِن كانَ سَرَّهْ
تَلِفتُ بِشَعرِهِ وَسَمِعتُ غَيري يَقولُ سَلِمتُ مِن تَلَفي بِشَعرَه
لَقَد خَدَعَتكَ أَلحاظٌ مِراضٌ وَتَمَّمَ بِالفُتورِ عَلَيكَ سِحرَه
فَيا حَذِرَ البَصيرَةِ كَيفَ حَتّى وَقَعتَ كَما رَأَيتُ وُقوعَ غِرَّه
فَإِنَّ الحَربَ تَزرَعُها بِلَفظٍ وَإِنَّ الحُبّ َ تَجنيهِ بِنَظرَه
وَبَعدُ فَإِنَّ قَلبي في يَدَيهِ فَإِن هُوَ ضاعَ مِنهُ أَذاعَ سِرَّه
وَأَعظَمُ حَسرَةٍ أَنّي بِدائي أَموتُ وَفي فُؤادي مِنهُ حَسرَه
لَقَد جَمَعَ الإِلَهُ لِناظِرَيهِ بِنَضرَةِ خَدِّهِ ماءً وَخُضرَه
وَحُمرَتُهُ بِماءِ العَينِ تُذكَى وَما جَفَّت بِها لِلشِعر ِ زَهرَه
وَعِندي أَنَّهُ لَبَنٌ وَخَمرٌ وَقالَ حَسودُهُ ماءٌ وَجَمرَه
وَإِبريقُ المُدامِ بِريقٍ فيهِ وَلَم أَشرَب فَكَيفَ وَجَدتُ سُكرَه
حَكى الإِبريقَ في عُنُقٍ وَريقٍ وَقَد حَلّى الحَبابُ الدُرُّ ثَغرَه
يُرَوِّعُ قُرطَهُ مِن بُعدِ مَهوىً فَإِن يُرعَدْ فَقَد أَبدَيتُ عُذرَه
وَلَولا جودُهُ ما كانَ ظُلماً يُغَلِّظُ رِدفَهُ وَيُرِقُّ خَصرَه
وَلَولا بُخلُهُ ما كانَ نَظمي لَهُ شَفَتانِ تَستَلِمانِ ثَغرَه
وَأَعجَبُ مِن ذُبولِهِما ظَماءً وَقَد مَنَعا الوَرى مِن وِردِ خَمرَه
بِحُمرَةِ خَدِّهِ لِلشَعرِ خُضرَه وَقَد زانَ البَياضَ سَوادُ طُرَّه
فَيا شَمساً تَبَدَّت لي عِشاءً وَيا قَمَراً وَلَيسَ يغيبُ بُكرَه
قَد اِستَخدَمتَ في الأَفكارِ سِرّي وَما أَطلَقَت لي بِالوَصلِ أُجرَه
وَقَد ضَمِنَ اِغتِرامي عَنكَ صَبري وَكَم مِن ضامِنٍ يُبلى بِكَسرَه
وَلَم أَرَهُ عَلى الأَيّامِ إِلا عَقَدتُ مَحَبَّةً وَحَلَلتُ صُرَّه
وَلا عاتَبتُهُ إِلا ثَناهُ عَلَيَّ الغَيظُ وَهوَ عَليَّ شَفرَه
وَلا اِستَمطَرتُ سُحبَ العَينِ إِلا بَقيتُ بِأَدمُعي في الشَمسِ عُصرَه
بَكَيتُ عَلَيكَ يا مَولايَ حَتّى صُرِعتُ وَلَيسَ في عَينَيَّ قَطرَه
وَكَم زَمَنٍ نُواصِلُهُ وَكُنّا نَقولُ لِذاكَ كَيفَ قَطَعتَ عِشرَه
صَبَبتُ عَلَيهِ لَمّا زادَ دَمعي فَأَنكَرَهُ فَقُلتُ الماءُ نَثرَه
وَخَوَّفَني مِنَ الأَوزارِ فيهِ وَمَن لِمُحِبِّهِ لَو نالَ وِزرَه
وَحَلَّمَني هَواهُ فَصِرتُ فيهِ أُسامِحُ كُلَّ مَن لَحِقَتهُ ضَجرَه
بَدا بَدَراً جَلاهُ لَيلُ شَعرٍ وَقَد أَهدى لَهُ الشَفَقَ المَزَرَّه
وَجُملَةُ ما أُريدُ بِأَن يَراني مَكانَ الخَيطِ مِنهُ وَهوَ إِبرَه
وَقُلتُ لَهُ لَقَد أَحرَقتَ جَسمي وَأَنتَ بهِ فَكَيفَ سَكَنتَ سِرَّه
فَلَو قَبَّلتَني وَقَبِلتَ مِنّي فَقالَ أَخافُ بَعدَ الحَجِّ عُمرَه
تَمَيدَنَ خَدُّهُ لِخُيولِ لَثمي وَصَولَجَ صُدغَهُ وَالخالُ أُكرَه
إِذا عايَنتُهُ وَبَدا رَقيبي فَيا لَكَ حُمرَةً نُسِخَت بِصُفرَه
أَراني كُنتُ في وَطَنِ التَصابي وَأَشعارُ المَشيبِ دَليلُ سَفرَه
وَما أَخصَبتَ يا نَورَ الأَقاحي وَإِن أَجدَبتَني إلا لِمَطرَه
وَيَنهَرُني نَهارُ الشَيبِ زَجراً وَلَيلُ شَبيبَتي قَد كانَ سُترَه
وَإِن رابَتكَ أَقوالي فَإِنّي حَمَلتُ وَقارَهُ وَحَمَلتُ وِقرَه
وَلَيسَ يُجَوِّزُ الأَيّامَ إِلّا ال تَخَيُّرُ وَالتَخيُّلُ لِلمَسَرَّه
وَخِلٌّ لا يُخِلُّ بِشَرطِ وُدٍّ وَلا يُبدي لَعَينِكَ وَجهَ عِذرَه
وَبَعضُ الحِلمِ في الأَوقاتِ جَهلٌ وَيُعجِبُني الحَليمُ وَلَو بِمَرَّه
وَكَم قَد سَرَّ في سَمعي مَلامٌ أَخَذتُ لُبابَهُ وَتَرَكتُ قِشرَه
وَما في الأَرضِ أَشعُرُ مِن أَديبٍ يَقولُ الشِعرَ في البُخَلاءِ سُخرَه
يَروقُنيَ الكَريمُ وَلَو بِفلسٍ وَلا أَهوى البَخيلَ وَلَو بِبَدرَه
وَشِعرٍ ما حَسِبتُ أَخَفَّ روحاً وَأَثقَبَ زُهرَةً وَأَغَضَّ زَهرَه
جَلاهُ عَلَيَّ في أَثوابِ لَيلي فَأَبصَرَ مِنهُ لَيلُ الهَمِّ فَجرَه
وَفَجَّرَتِ البَلاغَةُ مِنهُ بَحراً أَرَدتُ عُبورَهُ فَخَشيتُ عَبرَه
إِذا غَرِقَ اِمرُؤُ في سيفِ بَحرٍ فَلا تَذكُر عَلى شَفَتَيكَ قَعرَه
أَلَذُّ مِنَ الرِضا مِن بَعدِ سُخطٍ وَأَعذَبُ مِن وِصالٍ بَعدَ هَجرَه
قَليلُ اللَفظِ لَكِن في المَعاني إِذا حَصَّلتَها بِالنَقد ِ كَثرَه
وَيُؤنِسُ ثُمَّ يُؤيِسُ مِثلَ بَحرٍ تَراهُ فَيَستَهينُ الغَمرُ غَمرَه
وَفي شِعرِ الوَرى غُرٌّ وَدُهمٌ وَهَذا كُلُّ بَيتٍ مِنهُ غُرَّه
قَوافٍ شارِداتٌ طالِعاتٌ لِإِمرَةِ قادِرٍ لَم تَعصِ أَمرَه
وَجِئتَ بِها عَلى قَدرٍ فَجاءَت تُرينا مِنكَ في التَقديرِ قُدرَه
وَلَيسَ كَمَن يُغيرُ عَلى المَعاني فَإِن ظَهَرَ اِدَّعى بِالنَقدِ غِرَّه
رَقيقُ الطَبعِ مُرهَفُهُ فَأَمّا خَواطِرُهُ فَمِثلُ السَيفِ خَطرَه
جَزاكَ اللَهُ خَيراً عَن صَديقٍ بِتَخفيفِ الأَسى أَثقَلتَ ظَهرَه
عَرائِسُ يَجتَليها وَجهُ نَقدي فَتَنقُدُ مِن صَفاءِ الوُدِّ مَهرَه
لَئِن سَهُلَت لَقَد صَعُبَت وَأَضحَت كَرَوضٍ دونَهُ الطُرُقاتُ وَعرَه
فَلا تَعتَدَّ كُلَّ النَظمِ شِعراً فَتَحسَبَ كُلَّ سَودا مِنهُ تَمرَه
تَعِلَّةُ حاضِرٍ وَنَشيدُ سَفرٍ وَمَرشَفُ ناهِلٍ وَأَنيسُ قَفرَه
تُخَفِّضُ فَترَةَ الأَفكارِ عَنّي وَكَم دَبَّت لَها بِالسُكرِ فَترَه
فَخُذها بِنتَ لَيلَتِها اِرتِجالاً وَلَكِن أَصبَحَت شَمطاءَ سُحرَه
لَئِن طالَت لَقَد طابَت وَراقَت عَلى نَظَرِ الخواطِرِ حُسنَ نَظرَه
وَسارَت أَو غَدَت لِلنَجمِ نَجماً فَطَيَّرَها وَأَوقَعَ ثَمَّ نَسرَه
تُعَرِّفُني إِلَيهِ وَلا أَراهُ وَتَعقِدُ لي مِنَ الفُضَلاءِ أُسرَه
عَقائِلُ سَنَّ شَرعُ الشِعرِ أَنّي أبٌ مَن شاءَ كُنتُ بِهِنَّ صِهرَه
مَلَكتُ قِيادَها بِيَمينِ فِكري وَقَد عُتِقَت لِوَجهِ المَجدِ حُرَّه
أَطالَ اللَهُ عُمرَكَ في سُعودٍ تَجُرُّ ذُيولَها فَوقَ المَجَرَّه

امير البيان العربي
د فالح نصيف الحجية الكيلاني
العراق- ديالى بلدروز




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق